اتشحت ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء جنوبي سورية بالسواد، اليوم الجمعة، حداداً على أرواح ضحايا القصف الجوي الأردني الذي خلّف عشرة ضحايا معظمهم من النساء والأطفال، فيما جرى إدخال لوحة عملاقة لضحايا السجون السورية إلى الساحة.
وحمل المتظاهرون صوراً لضحايا القصف الأردني وسط استنكار كبير للاستهتار بدماء المدنيين والقصف العشوائي داخل المجمعات السكنية في السويداء تحت ذريعة مكافحة المهربين من تجار المخدرات.
وعبر آخرون بشعارات مكتوبة عن غضبهم متهمين المملكة الأردنية بتجاهلها أساس المشكلة والتاجر والمصنع الحقيقي لهذه الآفات.
وفي السياق، استمرت فعالية أسبوع المعتقلين والمغيبين في معتقلات النظام السوري، حيث تم يوم أمس الخميس تثبيت مجسم يمثل المعتقل في سجون السلطات السورية في ساحة الكرامة، وحمل المتظاهرون صور العشرات من المعتقلين مطالبين المجتمع الدولي بالضغط على السلطات للكشف عن مصيرهم وإطلاق سراحهم.
واليوم دخلت الساحة لوحة عملاقة تحمل صور أطفال ونساء ورجال غيبوا وقتلوا داخل المعتقلات.
غضب شديد في السويداء
وقال سليم الشامي لـ"العربي الجديد": "للمرة الرابعة يقصف الطيران الأردني الأراضي السورية في الجنوب، ويقتل مدنيين أبرياء داخل المجمعات السكنية دون أن يصدر عن القيادة الأردنية أي تصريح أو اعتراف، تماماً كما تفعل السلطات السورية ومعها إعلامها الرسمي".
وأضاف الشامي أن أهالي المحافظة "يشعرون بغضب شديد، وشعروا اليومين الماضيين بكثير من الحزن والاحتقان، خاصة أن استباحة السيادة الوطنية لم تعد تعني شيئا لهذا النظام، لدرجة أنه لم يقل شيئاً وانكفأ كالعادة، بينما المملكة الأردنية تلاحق صغار المهربين وتترك الأساس، ولا تعترف بأي عملية جوية".
وارتفع عدد قتلى الغارات التي شنّها سلاح الجو الأردني في وقت مبكر من صباح الخميس على تجمعات مدنية في بلدتي عرمان وملح جنوبيّ السويداء، جنوبيّ سورية، إلى 9 أشخاص.
وهذه الغارات التي تستهدف تجمعات سكنية مدنية في قرى محافظة السويداء الحدودية مع الأردن هي الرابعة خلال شهر، بذريعة مكافحة مهربي المخدرات، في الوقت الذي يذهب ضحيتها مدنيون أبرياء، وفق الأهالي.
وكان أهالي القرى الحدودية والعشائر التي تقطن بالقرب من الحدود الأردنية قد أصدروا، أمس وأول أمس، بيانين منفصلين، تبرأوا خلالهما من ضلوعهم بأي نشاطات تتعلق بتهريب المخدرات، متعهدين بمدّ يد العون للأردن للقضاء على هذه الظاهرة، ومناشدين أصحاب القرار في الأردن عدم قصف أماكن التجمعات المدنية لما له من آثار مدمرة تطاول الأبرياء من أبناء هذه القرى، فيما ينجو المذنبون الحقيقيون.
كذلك ناشد الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين، الأردن إيقاف القصف والابتعاد عن التجمعات المدنية من أبناء القرى والعشائر، و"أن تكون المعالجة باتجاه المهربين والداعمين لهم حصراً"، كما قال.
من ناحية أخرى، قرر المتظاهرون والمتظاهرات إكمال احتجاجاتهم في قرية عرمان بالريف الجنوبي، بعد انتهاء المظاهرة المركزية في ساحة الكرامة، في محاولة لإيصال صوتهم إلى العالم كما قال أحد المنظمين للحراك السلمي.
وضمن أسبوع المعتقلين والمغيبين قسراً الذي تحييه السويداء، تم تثبيت تمثال يمثل صورة معتقل داخل سجن، واليوم تم دخول لوحة طويلة من تصميم الفنان علي نيوف، وفكرة المعتقل السابق مهند شهاب الدين وتنفيذ سيدات الحراك.
وقال المعتقل السابق مهند شهاب الدين لـ"العربي الجديد"، "عندما كنت في المنفردة كان مؤنسي الوحيد هو قراءة أسماء المعتقلين على الجدران، استطعت قراءة مئة وخمسين اسما فقط لأن أغلب الأسماء محيت مع الزمن، وكانت غالبية الأسماء لنساء معتقلات وأقدم تاريخ كان بالشهر التاسع من عام ألفين وأحد عشر".
وأضاف شهاب الدين: "منذ فترة وجيزة كنت أتحدث مع الفنان علي نيوف عن هذه القصة وأتت تلك الفكرة بأن يرسم صور هؤلاء المعتقلين والمعتقلات، وتكون الخلفية من الجدران على شكل أحجار مقطعة وكانت الفكرة بأن تنطلق من ساحة الكرامة وأن يوقع كل شخص باسمه الصريح وأن يكون شاهداً على حقبة من الزمن ساد فيها الظلم والطغيان وأراد أن تكون أول ثلاثمائة متر من السويداء وطموحه أن تكون ستمائة متر وتعرض في لاهاي وحلمه الأخير أن تصل للألف متر وتدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأطول جدارية تطالب بإسقاط نظام ديكتاتوري".
وتابع أن "اللوحة التي انطلقت من ساحة الكرامة قطعت إلى ثلاثة أجزاء، الأول للأطفال الذين قضوا في الاعتقال من عمر السنتين، والثاني للسيدات المعتقلات، والثالث للرجال المعتقلين".