تعتقد الحكومة السويدية، على خلفية توتر علاقاتها مع المسلمين بسبب تكرار حوادث حرق نسخ من المصحف الشريف، أن بلدها "يتعرض لحملات تأثير على مواقع التواصل الاجتماعي" بهدف إعاقة عضويته في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وكرر سياسيون سويديون في الأيام الأخيرة مواقف معارضة لحرق نسخ من القرآن الكريم، على أمل تخفيف عبء الضغوط التي يعيشها بلدهم في علاقاته الخارجية مع دول مسلمة.
وذهب كارل أوسكار بوهلين، وزير شؤون الدفاع المدني في حكومة يمين الوسط برئاسة أولاف كريسترسون، إلى تكرار الموقف ذاته الذي يقول إن "السويد ليس لديها تقليد حرق الكتب المقدسة، بل إن بلدنا علماني يحترم حرية الدين".
وتعتبر حكومة كريسترسون أن التوتر الحاصل منذ أسابيع مع العالم الإسلامي يتطلب إعادة النظر في "المعلومات المضللة على وسائل التواصل"، ووفقاً لبوهلين، فإن "الوكالة السويدية للدفاع النفسي" تمكنت من إثبات أن "السويد كانت هدفاً لما يسمى بحملات التأثير على صورة البلد، وحرق المصحف هو أحدثها".
وكان رئيس الاتصالات في الوكالة السويدية للدفاع النفسي ميكائيل أوستلوند قد كرر القول إن عمليات الحرق "تتزامن مع حملات تزعم أن الحكومة السويدية هي التي دعت إلى الحرق، وأن القرآن هو الكتاب المقدس الوحيد الذي يمكن حرقه في البلاد".
ويذهب الموقف الحكومي في استوكهولم إلى اتهام صريح لروسيا بوقوفها خلف حملات تحريض ضد السويد، وقال الوزير بوهلين في مؤتمر صحافي، الجمعة الماضي، إن "روسيا لديها بالطبع طموحات لأن تكون قادرة على تعقيد انضمامنا إلى الناتو".
واستدعى الربط بين عمليات الحرق ورفع مستوى التأهب الأمني في السويد، بتوصية من الاستخبارات السويدية، إلى خشية من أن تتحول صورة البلاد من "بلد متسامح إلى معاد للمسلمين في بعض أنحاء العالم الإسلامي، ما يرفع التأهب الأمني"، بحسب تحذيرات نائبة رئيس "الاستخبارات" سوزانا تريورننغ.
ويأتي ذلك بعد أن تصاعد التوتر منذ قيام متظاهرين في بغداد، الخميس قبل الماضي، باقتحام سفارة السويد وإضرام النار فيها، مع استمرار تحركات دبلوماسية مختلفة تطالب السويد باتخاذ إجراءات منع حوادث حرق جديدة.
وتزايدت الدعوات في الأيام القليلة الماضية إلى مقاطعة البضائع السويدية، في الوقت الذي يتراجع فيه اقتصاد البلد وتنخفض قيمة عملته (الكرونة) بصورة كبيرة.
في نفس الوقت، تجد حكومة كريسترسون نفسها وسط انتقادات من أطراف مختلفة، بسبب تنديدها ورفضها عمليات الحرق، باعتبارها سلطة تنفيذية، بينما تسمح في الوقت نفسه بـ"تظاهرات" بمشاركة شخص إلى شخصين لحرق المصحف.
ووضح كريسترسون في الأيام الأخيرة الموقف الصعب لحكومته باعتبار أن"السويد لا تؤيد الحرق، ولكن هناك قانون حرية التعبير الذي لا يعتبر حرق الكتب المقدسة غير قانوني".
وينسحب الأمر على موقف العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، التي ينتهج فيها وزير الخارجية لارس لوكا راسموسن مواقف "براغماتية" رافضة للحرق بلغة قاسية، ويتعرض راسموسن لهجمة إعلامية تتهمه بـ"الخضوع" للمسلمين، وتطالبه بعض الأطراف بعدم التدخل في قضايا تبت فيها المحاكم على أساس مبدأ فصل السلطات.
وتنذر جماعة يمينية متطرفة في كوبنهاغن تدعى "وطنيون دنماركيون" بتصعيد حرق نسخ من المصحف في الأيام القادمة.
وتفيد تقارير إعلامية سويدية بأن الشرطة تبحث في طلبات جديدة لقيام أشخاص بالتظاهر أمام السفارة الإيرانية وحرق نسخ من المصحف، في 3 أغسطس/آب القادم، من دون الإفصاح عما إذا كانت ستمنحها موافقات أمنية.
وتشهد مواقع تواصل سويدية ودنماركية ما يشبه "حملات" منسقة تتعرض للمسلمين والقرآن ودعوات "حظر الكتاب" في الدول الاسكندنافية، وسط تشكيك كبير بمصادر أصحاب تلك الحملات الدعائية والجهات التي تقف خلفها.
إمكانية سحب إقامة العراقي موميكا
وفي خضم السجال المتزايد في السويد بسبب بدء اللاجئ العراقي سلوان موميكا مسلسل الحرق الجديد في أول أيام عيد الأضحى، 28 يونيو/حزيران تموز الماضي، بدأت بصورة جدية محاولات تطبيق ما أشارت إليه مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" الأسبوع الماضي من إمكانية سحب أو تجميد إقامة الرجل، الذي تنتهي إقامة لجوئه المؤقت (3 سنوات) في صيف العام القادم.
وبرغم مزاعم موميكا عن أن حياته في خطر، يبدو أن مصلحة الهجرة السويدية ذاهبة إلى مراجعة تلك الإقامة على أساس أن "الجرائم الجسيمة أو الأنشطة التي تعرض الأمن العام للخطر أو الإتيان بأكاذيب" تعطي السلطات حق مراجعة ليس فقط الإقامة بل الجنسية السويدية.
وبحسب ذات المصادر الخاصة بـ"العربي الجديد" في استوكهولم، فإن مصلحة الهجرة "بدأت فعلياً دراسة المعلومات الجديدة التي حصلت عليها بشأن لجوء موميكا"، ويتعلق الأمر بماضيه المسلح في العراق وأسس لجوئه، ومن ضمنها "أعمال إرهابية"، بحسب تصنيف الأمن السويدي.
ويعتبر قانون اللجوء والهجرة السويدي أن "اللاجئ إذا ما قدم معلومات غير صحيحة عن هويته وأسباب طلب حمايته أو هجرته يمكن أن يُسحب منه تصريح الإقامة". وإلى جانب ذلك، فإن قيام شخص بأنشطة "تشكل خطراً على أمن المملكة السويدية يمكن أيضاً أن يتسبب في إعادة النظر في تصريح الإقامة" بناء على تشاور بين جهاز الاستخبارات وسلطات الهجرة.
وكان الجهاز الأمني في استوكهولم قد أكد، أمس السبت، أنه "على تواصل بمجلس مصلحة الهجرة، من دون أن يعلق حول ما إذا كان له دور في القضية الجارية المتعلقة بمراجعة إقامة موميكا"، بحسب صحيفة "سفنسكا داغبلاديت".