بعد 3 أيام من واقعة احتجاز مجموعة من القوات المصرية الموجودة في قاعدة مروي العسكرية في شمال السودان على يد "قوات الدعم السريع" السودانية، عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر اجتماعًا مساء أمس الإثنين، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأثار الفيديو الذي نشرته "قوات الدعم السريع" في السودان لجنود مصريين احتجزوا في قاعدة مروي ردود فعل واسعة في مصر، ومطالبات بضرورة التدخل لإنقاذ هؤلاء الجنود والرد على الطريقة "المهينة" التي تعاملت بها "قوات الدعم السريع" معهم.
وأكد الرئيس المصري في كلمة بعد الاجتماع على "ضرورة أمن وسلامة القوات المصرية في السودان"، معربًا عن أمله في استعادة تلك القوات "في أسرع وقت".
وقال السيسي إن "عناصر الجيش المصري تواجدت ضمن بروتوكول مع الجيش السوداني لإجراء تدريب مشترك، وليس صحيحًا تواجد القوات المصرية في السودان لدعم طرف على حساب طرف".
سياسيًا، أكد الرئيس المصري أن بلاده "مستعدة للمساهمة في استعادة استقرار السودان"، قائلًا إنه "من المهم الجلوس إلى مائدة المفاوضات في السودان"، ومشددا على "سعيه للحفاظ على عدم تصعيد الموقف".
وفي السياق نفسه، قال السيسي إن "ما يحدث في السودان شأن داخلي ولا يمكن التدخل فيه"، مضيفًا: "إذا كان لنا دور مثل الوساطة لاستعادة أمن واستقرار السودان فهذا ما يمكن أن نقوم به".
وأوضح أن "الاتصال مستمر بالجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لوقف إطلاق النار واستعادة الهدوء".
وكان الباحث العسكري والضابط السابق في الجيش المصري العميد صفوت الزيات، توقع في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أن يقتصر التدخل المصري "على البعد الدبلوماسي لاعتبارات عدة، أولاً أن هناك تعهداً معلناً من قبل محتجزيهم (الدعم السريع) بسلامة الجنود المصريين وإعادتهم فور استقرار الأوضاع، وثانياً لأن التدخل عسكرياً سيضع مصر في حالة اشتباك مع أحد طرفي الصراع، وهو ما يعني انحيازاً ضمنياً لصالح طرف على حساب آخر".
وأضاف الزيات أن "التدخل العسكري سيكون عبر عملية قوات خاصة، تستهدف تحرير الأسرى في بيئة ضبابية من الصعب السيطرة عليها وتقدير تبعاتها، وفي مقدمتها الخسائر البشرية غير المبررة طالما كان هناك تعهد مسبق بسلامة الأسرى من قبل حاجزيهم".
وأكد الباحث العسكري المصري أن "الوجود العسكري المصري على الأراضي السودانية ضرورة استراتيجية، كوجود جغرافي متقدم قرب أخطر مناطق التأثير على الأمن القومي المصري، وهي منطقة السد الإثيوبي، إذ يوفر هذا الوجود مصداقية لأدوات الرد المصري في حال تطورت أحداث هذه الأزمة، ومن ثم فإن آخر ما يحتاجه هذا الوجود هو خسارة مصر رضا أحد أطراف الصراع الداخلي الجاري في السودان، مهما كانت نتائج هذا الصراع لصالح طرف على حساب آخر".
وينص الدستور المصري، المقر في يناير/ كانون الثاني 2014، والمعدل في 2019، على ألّا ترسل القوات المسلحة في مهمات قتالية خارج حدود الدولة، إلا بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني وموافقة مجلس النواب بأغلبية الثلثين.
وفي حالة عدم وجود مجلس للنواب، أعطى الدستور في مادته 152 الحق في إرسال قوات في الخارج للرئيس، بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للقوات المسلحة وموافقة كل من مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني.
وتنص المادة 152 من الدستور على أن "رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يعلن الحرب، ولا يرسل القوات المسلحة في مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة، إلا بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني، وموافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء. فإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجب أخذ رأي المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وموافقة كل من مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني".
وكان المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية، غريب عبد الحافظ غريب، قال في بيان السبت، إن القوات المسلحة المصرية "تتابع عن كثب الأحداث الجارية داخل الأراضي السودانية" وتنسق مع السلطات السودانية لضمان أمن القوات المصرية في السودان.
وأضاف المتحدث في بيان، على صفحته في "فيسبوك"، أنه "في إطار وجود قوات مصرية مشتركة لإجراء تدريبات مع نظيراتها في السودان، جارٍ التنسيق مع الجهات المعنية في السودان لضمان تأمين القوات المصرية".