بعد أسبوع من الإفراج عنها إثر قضائها 5 سنوات في السجن بتهمة التجسس ضد إيران، انتهت، اليوم الأحد، آخر جلسات محاكمة للصحافية الإيرانية البريطانية نازنين زاغري-راتكليف بتهمة ممارسة النشاط الدعائي ضد نظام الحكم الإيراني.
وقال حجت كرماني، محامي زاغري-راتكليف لوكالة "إيسنا" الإيرانية، إن محكمة الثورة في طهران أعلنت في جلسة المحاكمة اليوم بحضور المحامي ومندوب المدعي العام انتهاء عملية البت في الملف القضائي الآخر لزاغري-راتكليف بعد الاستماع إلى آخر دفاعاتها.
وأعرب كرماني، في مقابلة أخرى عن أمله في أن تتم تبرئة زاغري في هذه القضية، مشيراً إلى أن جلسة المحاكمة الأخيرة "تمت في أجواء هادئة".
وأفرجت السلطة القضائية الإيرانية عن زاغري-راتكليف الأحد الماضي بعد قضائها فترة محكوميتها لمدة 5 سنوات في السجن بتهمة التجسس ضد إيران.
وكانت زاغري-راتكليف أشهر السجناء مزدوجي الجنسية في إيران، ونالت قضيتها اهتماماً أكبر من الحكومة البريطانية التي منحتها الحماية الدبلوماسية في مارس/آذار 2019، للضغط على طهران للإفراج عنها، إلا أن الأخيرة رفضت الخطوة، معتبرة أنها "غير بناءة".
وكانت زاغري-راتكليف تعمل لمؤسسة "تومسون رويترز" البريطانية، قبل اعتقالها في إيران عام 2016 ومحاكمتها بتهمة التجسس.
وحُكم عليها في سبتمبر/ أيلول 2016 بالسجن خمس سنوات، وانقضت فترة محكوميتها في السابع من مارس/ آذار، علماً بأنها خرجت من السجن في مارس/ آذار 2020 في أعقاب تفشي فيروس كورونا، وأمضت الأشهر الأخيرة من العقوبة في منزل ذويها مزودة بسوار تعقب إلكتروني.
وبعد الإفراج عنها، لم يُسمح لزاغري-راتكليف بمغادرة البلاد لاستكمال إجراءات المحاكمة في ملفها القضائي الآخر.
وكان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، قد طالب الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في محادثة هاتفية معه، الأسبوع الماضي، بالسماح لزاغري-راتكليف بمغادرة إيران والعودة إلى أسرتها في بريطانيا.
وثمة تقارير وتصريحات بريطانية تربط بين مصير الملف القضائي الجديد لهذه الصحافية وخروجها من إيران وبين مصير ديون إيرانية لدى بريطانيا، رفضت إعادتها خلال العقود الأربع الماضية. تبلغ هذه الديون 400 مليون جنيه إسترليني، دفعها النظام الإيراني السابق لبريطانيا في سبعينيات القرن الماضي، في إطار صفقة لشراء دبابات بريطانية، لكن الصفقة ألغيت بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
وسبق أن نفت الخارجية الإيرانية عدة مرات وجود ربط بين ملف زاغري-راتكليف والسجناء الإيرانيين الذين يحملون جنسية بريطانية والمشاكل المالية مع لندن.
وقال وزير الخارجية البريطاني الأسبق، جاك سترو أخيراً، في مقابلة تلفزيونية، إن المباحثات مع إيران مستمرة بشأن هذه الديون، كما أن الجلسة القادمة للمحكمة البريطانية بشأن هذا الملف ستنعقد أواخر إبريل/نيسان المقبل.
وأعرب الرئيس الإيراني، حسن روحاني، عن استغرابه، خلال الاتصال الذي أجراه معه رئيس الوزراء البريطاني، الأسبوع الماضي، من عدم حصول تقدم عملي في إعادة بريطانيا هذه الأموال إلى إيران، داعياً إياها إلى التسريع في ذلك، وقال إن ذلك "سيُساهم في حل مشكلات العلاقات".
ويشكّل ملف السجناء أحد أهم عناوين التوتر بين إيران والدول الغربية خلال العقود الماضية، ويواجه معظم هؤلاء السجناء مزدوجي الجنسية في إيران، تهماً أمنية، ولا تعتبرهم السلطات الإيرانية "أجانب"، فلا تعترف قانونياً بالجنسية الثانية لمواطنيها.
وشهدت السنوات الخمس الأخيرة صفقات تبادل السجناء بين إيران ودول غربية، في مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، وشملت صفقات التبادل مواطنين أجانب وبعض مزدوجي الجنسية مقابل الإفراج عن إيرانيين في الخارج كانوا معتقلين بتهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.
لعبة سياسية
وكان زوج زاغري-راتكليف، ريتشارد راتكليف، قد قال في أعقاب انتهاء فترة العقوبة إن نازنين البالغة من العمر 42 عاماً شعرت بـ"سعادة غامرة" و"اعتلت وجهها ابتسامة عريضة"، وذلك على هامش مشاركته مع ابنته في تجمّع أمام السفارة الإيرانية في لندن.
ورفع راتكليف عريضة لمنظمة العفو الدولية وقّعها 160 ألف شخص تطالب بالإفراج عن زوجته، معتبراً أنها "رهينة" لعبة سياسية على صلة بدين قديم مترتّب على المملكة المتحدة في إطار صفقة أسلحة أبرمت مع إيران قبل الثورة عام 1979.
وقال راتكليف "سنواصل النضال حتى عودتها إلى المنزل".
والجمعة، قالت منظمة غير حكومية في تقرير سلمته إلى وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، إن فحصاً طبياً أجري لزاغري-راتكليف أظهر تعرضها إلى "سوء معاملة" خلال اعتقالها في إيران، ويجب بالتالي أن تعتبرها لندن "ضحيّة تعذيب".
ونفت السلطات الإيرانية على الدوام الاتهامات بسوء معاملة نازنين.