استمع إلى الملخص
- **استراتيجية "هيلسكاب" الأميركية**: الجيش الأميركي يخطط لاستخدام أسراب من الطائرات من دون طيار في مضيق تايوان للتصدي لأي محاولة صينية، بهدف تجنب الخسائر وتحويل المضيق إلى "جحيم بلا طيار".
- **تعليقات وتحليلات الخبراء**: بكين تختبر قدراتها القتالية، بينما يعتبر خبراء أن توجهها نحو الطائرات من دون طيار هو لصرف الأنظار عن تعزيز قدراتها البحرية، حيث تسيطر الصين على 90% من السوق العالمية للطائرات من دون طيار.
كشفت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، يوم الجمعة الماضي، أن القوات المسلحة الصينية قادرة على فرض الحصار على جزيرة تايوان باستخدام طائرات من دون طيار فقط، وذلك حسب دراسة أصدرها جيش التحرير الشعبي الصيني في شهر يونيو/حزيران الماضي. وفي الوقت نفسه، فإن الطائرات من دون طيار مفتاح أساسي لأحدث خطة أميركية للتدخل العسكري فوق تايوان في استراتيجية معتمدة على الطائرات من دون طيار فقط، وأطلق عليها اسم "هيلسكاب".
ولفتت الصحيفة إلى أن هدف المهمة القتالية الموضحة في الدراسة هو تشكيل حصار والسيطرة على جزيرة مجهولة ذات شكل ضيق يشبه تضاريس تايوان، ومحصّنة بعدد كبير من منصات إطلاق الصواريخ الدفاعية الجوية، مع انتشار السفن الحربية والغواصات المعادية في المياه المحيطة بالجزيرة. وفي هذه المحاكاة استخدم جيش التحرير الشعبي أربعة أنواع من الطائرات من دون طيار. وتم إطلاق طائرات من دون طيار كبيرة ومتوسطة الحجم ذات قدرة تحمّل عالية، فضلاً عن قدرات الاستطلاع والهجوم، من قواعد عسكرية صينية في البر الرئيسي. وبعد ذلك، نشرت السفن البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي طائرات استطلاع صغيرة من دون طيار ذات أجنحة مركبة لإجراء عمليات مراقبة دقيقة للأهداف المخفية، وطائرات من دون طيار لدوريات مكافحة الإشعاع للقضاء على رادارات العدو.
لياو ليانغ: أي محاولة لاستعادة تايوان بالقوة يجب أن تكون مباغتة
محاكاة حصار تايوان
ولفتت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست إلى أن الدراسة أعدت في الخامس من يونيو الماضي، من قبل وحدة مهندسين تابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني، ونُشرت في المجلة الأكاديمية الصينية. واعتبرت حصار المنطقة والسيطرة عليها تطبيقاً نموذجياً لأسراب الطائرات من دون طيار في العمليات العسكرية، وأن نتائج التحقق من المحاكاة على مستوى المهمة التي أجريت لمجموعات الطائرات من دون طيار، بالتزامن مع مهمة قتالية فعلية، نادراً ما تم الكشف عنها من قبل، بسبب الحساسية العسكرية. وحسب ما ورد في الدراسة، وفق فريق المهندسين، نظراً لوجود تهديدات منتشرة على نطاق واسع ومخفية للغاية في المياه المجاورة للجزيرة، فإن استخدام القوات المأهولة التقليدية للاستطلاع والهجمات هو تحد كبير. على العكس من ذلك، وفرت المعدات غير المأهولة مزايا شملت إمكانية الاستبدال، والتكلفة المنخفضة، والحد الأدنى من الخسائر.
ومن المتوقع أن يؤدي دمج مجموعات غير مأهولة في حرب منهجية إلى تسريع دورات الاستطلاع والتحديد واتخاذ القرارات والهجوم، وبالتالي تعزيز فعالية القتال بشكل عام. وجاء في الدراسة أنه بعد العديد من المعارك الافتراضية، اكتشف فريق المهندسين أن نشر المزيد من الطائرات من دون طيار أو الطائرات ذات الأداء الأعلى سيؤدي بالضرورة إلى نتائج أفضل، إذ أنه بمجرد أن يصل حجم وتنوع تشكيلات الطائرات من دون طيار إلى حد معين، داخل منطقة قتالية، ففي إمكانها السيطرة بفعالية على الجزيرة والمياه المحيطة بها، وقمع القوات المسلحة هناك وإحباط المساعدات الخارجية. وأظهرت الدراسة أن تحليل وتقييم نتائج المحاكاة يمكن أن يكشف عن أوجه القصور في سيناريوهات وأساليب القتال، وبالتالي تحسين القدرات القتالية والتحقق من نتائج المحاكاة في العالم الواقعي.
في المقابل، كشف الجيش الأميركي، الشهر الماضي، عن مخططه الخاص لاستخدام أسراب من الطائرات من دون طيار في مضيق تايوان، في استراتيجية أطلق عليها اسم "هيلسكاب". وهدف هذه الطائرات من دون طيار هو التصدي لأي محاولة من جانب جيش التحرير الشعبي للهبوط على تايوان، وبالتالي تجنيب الولايات المتحدة الخسائر. وقال الأدميرال سامويل بابارو، قائد القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، في تصريحات لصحيفة واشنطن بوست، آنذاك: "أريد تحويل مضيق تايوان إلى جحيم بلا طيار"، موضحاً أنه بموجب خطة "هيلسكاب"، فإن الطائرات من دون طيار من شأنها أن "تجعل حياتهم بائسة تماماً لمدة شهر، وهو ما يمنحني الوقت للقيام بالباقي". وقال بابارو عن الخطة: "لا أستطيع أن أخبرك بما تتضمنه، لكنها حقيقية وقابلة للتنفيذ". وأضاف: "مهمتي هي ضمان أن يكون الجيش الأميركي وحلفاؤه قادرين على الانتصار منذ الآن حتى عام 2027 وما بعده". وفي أعقاب ذلك، ندد المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية وو تشيان، بالاستراتيجية الأميركية، ووصفها بأنها "مجنونة وغير إنسانية". وقال في بكين، قبل أيام: "إن أولئك الذين يطالبون بتحويل وطن الآخرين إلى جحيم يجب أن يستعدوا لأن يحترقوا هم أنفسهم في هذا الجحيم".
وضع الجيش الأميركي خطة "هيلسكاب" لحماية تايوان
الصين تختبر قدراتها
في تعليقه على خطط الجيش الصيني بشأن تطويق تايوان، قال محرر الشؤون العسكرية في صحيفة كانتون الصينية، لياو ليانغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن بكين تختبر قدراتها القتالية على كافة المستويات، وإن محاكاة تطويق الجزيرة يندرج ضمن خطط عسكرية تهدف إلى الوصول لكفاية من الاستنتاجات المادية الملموسة بأن أي خطوة نحو استعادة تايوان بالقوة في حال استدعت الظروف ذلك، ستكون في حدها الأدنى من الخسائر والوقت كذلك، إذ أن عملية من هذا النوع، حسب قوله، لا ينبغي لها إلا أن تكون مباغتة ودقيقة ومركزة.
في المقابل، اعتبر الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية في تايبيه، خون وانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن توجه بكين نحو سيناريو الطائرات من دون طيار لمحاصرة تايوان، هو محاولة لصرف الأنظار عن تعزيز قدرات الصين البحرية في المنطقة، مثل تطوير واستخدام غواصات تعمل بالطاقة الكهرومغناطيسية. وأبدى اعتقاده بأن أي تحرك عسكري صيني باتجاه الجزيرة ستكون فيه القوات البحرية الركيزة الأساسية، وأن سلاح الجو سيكون دوره ثانوياً في ظل الدفاعات الجوية المتقدمة للقوات التايوانية. يشار إلى أن الصين باتت دولة متقدمة في صناعة الطائرات من دون طيار. وكشف تقرير لوكالة بلومبيرغ مطلع العام الحالي، أن الطائرات من دون طيار الصينية تمثل 90 في المائة من السوق و70 في المائة من السوق الصناعية في الولايات المتحدة. وبحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال في إبريل/نيسان الماضي، أظهرت الطائرات الصينية من دون طيار أداءً متفوقاً مقارنة بالطائرات الأميركية من دون طيار خلال المعركة في أوكرانيا. لكن الجيش الأميركي أكد أن آلاف الطائرات من دون طيار في خطة "هيلسكاب" ستكون كافية لردع جيش التحرير الشعبي الصيني.