بكين تستضيف وزراء خارجية دول خليجية وإيران وتركيا: تنامي اهتمام الصين بالمنطقة

13 يناير 2022
بكين مستعدة للتعاون مع الرياض في الطاقة المتجددة والتجارة الإلكترونية والأمن (تويتر)
+ الخط -

يشهد الأسبوع الحالي زيارات دبلوماسية أحادية يقوم بها وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والكويت وعمان والبحرين، إلى جانب تركيا وإيران، للصين، لإجراء محادثات حول تعزيز التعاون التجاري والأمني، إضافة إلى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي.

ويرى مراقبون أن فورة الزيارات التي يقوم بها المسؤولون الخليجيون جزء من دفع الصين نحو مشاركة أعمق في الشرق الأوسط، حيث تعتبر منطقة الخليج بالنسبة إلى بكين، أساسية لإمدادها بالطاقة وبصورة متزايدة لتأثيرها الجيوسياسي.

وفي السياق، من المتوقع أن يصل وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي، إلى الصين، اليوم الخميس في زيارة تستمر ثلاثة أيام، يلتقي خلالها نظيره الصيني، وانغ يي.

وكان وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي، أحمد ناصر المحمد الصباح، قد عقد صباح الأربعاء لقاءً في مدينة ووشي الصينية، ترأسه عن الجانب الصيني وزير الخارجية، وانغ يي.

وأشاد الصباح، بحسب بيان الخارجية الكويتية، بما تتسم به علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين من قوة ومتانة، مؤكداً أهمية تعزيز التعاون الثنائي والتنسيق المتبادل بما يحقق المصالح المشتركة، مع أهمية تطوير تلك العلاقات والارتقاء بها إلى مستويات أشمل وأوسع، بما يعود بالخير والمنفعة على البلدين والشعبين الصديقين".

واستعرض اللقاء الفرص المتاحة لتطوير التعاون بين البلدين، وخاصةً المتعلقة بمبادرة الحزام والطريق.

وبحث وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو مع وانغ يي، العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية. وأفاد جاووش أوغلو في تغريدة، الأربعاء، بأنه التقى وانغ يي في مدينة ووشي الصينية، وأوضح أنهما بحثا خلال اللقاء العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية، وقاما بتقييم فرص التعاون الاقتصادي.

وأضاف: "نقلنا (إلى الجانب الصيني) مشاعرنا وتطلعاتنا وآراءنا حيال القضايا المدرجة على جدول أعمالنا، وفي مقدمتها أتراك الأويغور".

وتمرّ العلاقات الثنائية بين البلدين باختبارات جدية، ولا سيما أنّ تركيا شهدت، الأسبوع الماضي، رفع دعوى قضائية بحق مسؤولين صينيين، بسبب انتهاكات ارتُكبت بحق ضحايا من الإيغور الأتراك، في إقليم تركستان الشرقية.

وكان وزير الخارجية البحريني، عبد اللطيف الزياني، قد اجتمع الثلاثاء في مدينة ووشي الصينية أيضاً، بالوزير الصيني، حيث كان التشديد، بحسب الخارجية البحرينية، على "أهمية المضي قدماً في تفعيل مذكرات التفاهم والاتفاقات الموقعة بين البلدين، وتطوير التعاون المشترك في مجالات التجارة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي والطاقة المتجددة والثقافة والفضاء وأمن المعلومات".

كذلك عقد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف الحجرف، الثلاثاء، لقاءً مع وزير الخارجية الصيني، في مدينة ووشي.

وسجل الجانبان "ارتياحهما ‏لمدى تطور العلاقات الخليجية الصينية"، متطلعين إلى "مواصلة الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جديد وتعزيز الدعم المتبادل، بما يصون المصالح المشتركة بشكل أفضل".

وبحسب البيان المشترك بين الأمانة العامة لمجلس التعاون ووزارة الخارجية الصينية، فقد اتُّفِق على "ضرورة إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون وجمهورية الصين في أسرع وقت ممكن"، و"التوقيع على خطة العمل المشتركة للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون والصين بين عامي 2022 - 2025 في أسرع وقت ممكن"، و"ضرورة إتمام المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون والصين... وإقامة منطقة التجارة الحرة" بين الطرفين بغية "رفع مستوى التحرير والتسهيل للتجارة وحوكمة المصالح التجارية والاقتصادية للطرفين".

كذلك اتُّفِق على "‏عقد الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وجمهورية الصين في الرياض" في الوقت "المناسب للجانبين".

والاثنين، بحث وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، مع نظيره الصيني، وانغ يي، البرنامج النووي الإيراني، وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

جاء ذلك في بيان للخارجية السعودية، عقب بدء بن فرحان زيارة للصين غير محددة المدة، تزامناً مع إعلان الخارجية الإيرانية الاثنين، وصول وزيرها حسين أمير عبد اللهيان إلى بكين نهاية الأسبوع الجاري.

وتطرقت جلسة مباحثات الوزيرين السعودي والصيني التي جرت في مدينة ووشي (جنوب) إلى "سبل تعزيز العلاقات".

وناقشت الجلسة "قضايا إقليمية ودولية، وفي مقدمتها تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وجهود إرساء دعائم السلام التي يبذلها البلدان بالمنطقة والعالم"، وفق البيان ذاته.

وأضاف البيان: "تبادل الجانبان وجهات النظر حيال البرنامج النووي الإيراني والمفاوضات الدولية المبذولة في هذا الشأن".

و"تطرق الجانبان إلى أهمية دعم كل ما يضمن الأمن والاستقرار في أفغانستان، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها"، بحسب البيان ذاته.

وقال وانغ يي لنظيره السعودي، إنه رغم ضرورة الحفاظ على نظام عدم الانتشار النووي على مستوى العالم، لا بد أيضاً من مراعاة "المخاوف العادلة والمعقولة" لدول المنطقة.

وتناولت المباحثات قضايا اقتصادية أيضاً، وقال بيان صيني إن بكين مستعدة للتعاون مع الرياض في الطاقة المتجددة والتجارة الإلكترونية وإنفاذ القانون ومشروعات الآثار.

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد قالت الاثنين إن الوزير أمير عبد اللهيان سيبحث في الصين، نهاية الأسبوع الحالي، اتفاق التعاون الذي يبلغ أجله 25 عاماً المبرم بين البلدين. وقد أصبحت الصين شرياناً حيوياً للاقتصاد الإيراني بعد انسحاب الولايات المتحدة في 2018 من الاتفاق النووي الموقع بين القوى الكبرى وطهران.

مؤشر على تنامي النفوذ الصيني في المنطقة

وبحسب موقع "أكسيوس" الأميركي، إن الزيارات التي يقوم بها المسؤولون الخليجيون، جزء من دفع الصين نحو مشاركة أعمق في المنطقة، ومع تركيز واشنطن على المحيطين الهندي والهادئ، ومع تعرّض العلاقات الأميركية السعودية للتوتر، يرى "أكسيوس" أن ثمة تصوّراً بين قادة الخليج، أن الولايات المتحدة تنسحب ببطء، ولكن بثبات من المنطقة. ويشعر بعض المسؤولين الأميركيين بالقلق بشأن الدرجة التي يبدو أن الصين تتحرك إليها.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، ذكرت شبكة "سي أن أن" أن المخابرات الأميركية قدّرت أن المملكة العربية السعودية تقوم بنشاط بتصنيع صواريخ بالستية بمساعدة الصين.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن إدارة بايدن كانت قلقة من أن الصين تبني سراً منشأة عسكرية في ميناء في الإمارات العربية المتحدة.

بدوره حاول مسؤول كبير في الخارجية الأميركية التقليل من أهمية زيارات المسؤولين الخليجيين، مؤكداً أن لكل دولة حقاً سيادياً في اتخاذ القرارات بناءً على مصالحها الخاصة، وأن الولايات المتحدة تظل ملتزمة شراكاتها في الخليج، بحسب ما نقل عنه "أكسيوس".

وأضاف المسؤول: "ينصبّ تركيزنا على سد الفجوات في مجالات مثل التكنولوجيا والبنية التحتية، التي رأينا أن الصين تستغلها لممارسة ضغط قسري. سنعتمد على الابتكار والمنافسة في هذه المجالات".

المساهمون