رغم مرور أكثر من عشرين يوما على وقف الفصائل العراقية المسلحة المرتبطة بطهران عمليات قصف المواقع الأميركية بالطائرات المفخخة الموجهة والصواريخ، إلا أن حركة الطائرات المسيرة الأميركية في الأجواء العراقية، سيما بغداد والأنبار وأربيل وبابل، ما تزال متواصلة.
ويتمكن سكان مناطق شرقي بغداد وغربي الأنبار من رؤية بعض الطائرات المسيرة الأميركية لتحليقها المنخفض في تلك المناطق.
وتؤكد مصادر أمنية متطابقة في العاصمة العراقية بغداد أن حركة الطائرات المسيرة في أجواء العاصمة ومحافظات أخرى، أبرزها الأنبار ونينوى وأربيل، إلى جانب شمال بابل، مصدرها أميركي، وهي لأغراض المراقبة التي تعتبرها واشنطن لحماية قواتها من أي هجوم محتمل للفصائل المسلحة.
ولفتت المصادر، التي فضلت عدم ذكر هويتها، إلى أن حركة الطيران المسير بمستوى تحليق ثابت تحت مستوى الطيران المدني، لهذا يمكن لبعض سكان المناطق رؤيتها أو حتى سماع صوت طنين تلك الطائرات ليلا.
حركة الطائرات المسيرة الأميركية لأغراض المراقبة
وقال مسؤول عسكري عراقي في قيادة العمليات المشتركة، لـ"العربي الجديد"، إن "الطائرات المسيرة تنطلق من داخل العراق، وهي لأغراض المراقبة، وتجري بتنسيق مع الحكومة العراقية، حيث لا تمتلك القوات العراقية تقنيات رصد ومراقبة عالية تمنع أي هجمات على القواعد والمعسكرات بشكل استباقي"، مشددا على أنها طائرات مراقبة وليست مخصصة لأغراض هجومية.
ومنذ أكثر من عشرين يوماً، لم تنفذ الفصائل المسلحة في العراق المنضوية تحت مظلة "المقاومة الإسلامية في العراق" أي ضربات ضد المصالح الأميركية في البلاد، على الرغم من استمرار نشاط الطائرات المسيرة الأميركية في الأجواء العراقية، خاصة في بغداد والأنبار وإقليم كردستان.
"واشنطن غير مطمئنة لقرار وقف الفصائل هجماتها"، وفقا لما يؤكده مصدر أمني آخر في بغداد، الذي قال لـ"العربي الجديد" إن الطيران المسير للمراقبة والاستهداف أيضا، مضيفا أنه "ينطلق من أربيل والأنبار عبر قاعدتي حرير وعين الأسد، ويقول المسؤولون الأميركيون إنه لتأمين قوات بلادهم الذين أخفقت بغداد في حمايتهم خلال الأشهر الماضية من هجمات الفصائل"، واصفا الطيران المُسير بأنه "بالتأكيد مُحرج للحكومة في مساعي التهدئة مع الفصائل".
ويسجل مواطنون عراقيون مشاهد الطائرات المسيرة الأميركية في أجواء العاصمة بين وقت وآخر، مع تعليقات تحمل استنكاراً أو استفهاماً عن سبب استمرارها.
وتتجنب زعامات الفصائل المسلحة والجهات السياسية المرتبطة بها الحديث عن تحركات المسيرات الأميركية، كما تتجنب في الغالب التعليق على الهدنة، إلا أن زعيم جماعة النجباء، أكرم الكعبي، أكد أخيرا أن الهدوء الحالي ما هو إلا "تكتيك مؤقت لإعادة التموضع والانتشار"، مشيرا إلى أن من سماهم "بعض الخونة والعملاء الذين باعوا وطنهم ودينهم وضميرهم للمحتل" قد أعطوا معلومات عن المقاومة ومواقعها، لذلك "صار واجبا إعادة التموضع وحماية إخوتنا وتغيير أسلوب وتكتيكات المعركة واستكمال الجهوزية، والمفاجآت قادمة".
عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، علي البنداوي، قال إن "هناك توافقا شاملا في البرلمان تجاه مبدأ سماء آمنة في العراق".
وكشف البنداوي عن مساع لـ"زيادة تمويل وزارة الدفاع في العام الحالي 2024 للمضي في إكمال صفقات تؤدي لحصول بغداد على منظومات دفاع جوي متطورة، تضمن تحصين الأجواء ودرء مخاطر أي محاولات ترمي لخرقها وفرض السيادة الجوية"، وفقا لتصريحات أدلى بها لوسائل إعلام محلية عراقية.
واعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أن "ضعف قدرات الدفاع الجوي تقف وراء أكثر من 50 بالمائة من الاعتداءات التي تطاول بين فترة وأخرى مواقع وأهدافا في العمق"، في إشارة إلى الغارات الأميركية الأخيرة.
ونفذت جماعة "المقاومة الإسلامية"، التي تضم فصائل "النجباء" و"كتائب حزب الله" و"سيد الشهداء" والإمام علي" و"الأوفياء"، ومليشيات أخرى تُعرف أنها مرتبطة أو مدعومة من إيران، أكثر من 180 عملية إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة على قاعدتي عين الأسد وحرير الأميركيتين في الأنبار وأربيل، غربي وشمالي العراق، إلى جانب هجمات مماثلة على قواعد أميركية شرقي سورية، ضمن الحسكة ودير الزور.