خمسة عشر عاماً أكملها الطفل الفلسطيني علي أيمن أبو عليا أمس الجمعة، قبل أن تنهي رصاصة من جيش الاحتلال الإسرائيلي حياته عند المدخل الشرقي لقرية المغير شمال شرق رام الله وسط الضفة الغربية.
ولم تملك والدة علي "أم وسام" الكثير من الكلام أمام الكاميرات، كلمات بسيطة وسط حزن كبير قالتها: "عيد ميلاده أمس، حدثوني بأنه أُصيب، لم أره قبل نقله للمشفى ولحقت به إلى المستشفى في رام الله ووصلت وهو في غرفة العمليات، لم أره إلا شهيدا".
ولم تستطع والدة علي أن تنفذ طلبه بالاحتفال بيوم ميلاده، فما لم تقله "أم وسام" قالته جدته لـ"العربي الجديد": "كانت والدته تُعد لعيد ميلاده الخامس عشر، قبل أن يخرج طلب من والدته أن تحضّر لعيد ميلاده، لكنها لم تستطع تنفيذ ذلك فهي أرادت إقامته عند غروب الشمس، لكن خبر إصابته وصل إلينا منتصف ظهر أمس".
وتفقد العائلة الطفل الحنون، كما وصفته والدته، وهي ذات الصفة التي كررها والده أيمن أبو عليا في حديثه لـ"العربي الجديد": "لم يضايقني يوماً"، أما جدته فتصفه بالقول: "أحسن من هيك ولد ما في".
ويقول عضو المجلس القروي لقرية المغير ومدير مدرستها السابق مرزوق أبو نعيم، لـ"العربي الجديد": "إنه وخلال عشرة أعوام، استشهد كل من الطالب صقر نعسان وكان في الصف التاسع، والطالب مناضل أبو عليا وكان في الصف العاشر، وليث أبو نعيم وكان في الصف العاشر أيضاً، وأخيرًا علي".
ويرى أبو نعيم أن استهداف الأطفال بالرصاص الحي يتم رغم أنهم لا يشكلون أي خطر على جنود الاحتلال الذي يهدف إلى تخويف الناس والأهالي. ويضيف: "هو نهج لحكومة الاحتلال، فهي بإمكانها أن تكبح جماح جيشها على الأقل أمام الأطفال الذين لا يملكون شيئاً، ولا يشكلون أي خطر على الجنود المدججين بالسلاح، نحن نقول للعالم ولمن يدافع عن حقوق الإنسان فلتأتوا وتروا ما يحدث هنا".
ويتابع أبو نعيم: "الرسالة لأهالي المغير أن لا تقربوا المستوطنين، لا تحتجوا على البؤر الاستيطانية، يريدون فقط أن نخضع، لا يريدون أن تبقى لنا أراضٍ، كل أراضينا في المناطق (ج) وفق اتفاق أوسلو".
وكانت الرصاصة التي اخترقت بطن الفتى علي أبو عليا أُطلقت من مكان قريب منه عند المدخل الشرقي، حيث يؤكد والده أن استهداف فلذة كبده كان بقصد قتله، فكما وردته الروايات ممن كان قرب المكان، لم يكن يبعد جندي الاحتلال الذي أطلق النار باتجاه بطنه أكثر من مئة متر.
رواية أكدها قريب الشهيد شادي أبو عليا، لـ"العربي الجديد"، الذي يقول: "حسب ما أفاد به الأطباء، فإن الإصابة نتيجة إطلاق النار من مسافة قريبة جدًا، بالتأكيد هذه المسافة تقصد القتل، هذه رسالة لقرية المغير ذات الشأن، التي يعتبرها الاحتلال مزعجة، ترفض دائماً الاحتلال، وتخرج المسيرات أسبوعياً تنديداً بالاستيطان ومنع الأهالي من الوصول إلى أراضيهم".
وبعد تشييع جثمان الشهيد اليوم السبت، في مسقط رأسه، أغلق شبان الشارع الاستيطاني المسمى طريق "ألون" بالإطارات المشتعلة، وهو طريق رئيس للمستوطنين، واندلعت المواجهات في نفس المكان الذي استشهد فيه علي.
ويؤكد الأهالي أنه طالما بقي الاستيطان، فستستمر اعتداءات الاحتلال ويستمر الشبان والفتية في مقاومة تلك الاعتداءات ومقاومة الاستيطان، فمواجهات أمس الجمعة، اندلعت بعد منع الاحتلال المواطنين من الوصول إلى مكان إقامة فعالية مناهضة لبؤرة استيطانية جديدة على أراضي كفر مالك المجاورة، والتي خرجت الفعاليات لثلاثة أسابيع ماضية.
من جهته، دانت الأمانة العامة لـجامعة الدول العربية بأشد العبارات ارتكاب جيش ومستوطني الاحتلال جريمة إعدام الطفل الفلسطيني "علي أبو عليا"، ذي الثلاثة عشر ربيعاً "بقرية المغير" شرق مدينة رام الله.
وعبر الأمين العام المساعد ورئيس قطاع شؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بجامعة الدول العربية السفير سعيد أبو علي، في بيان له اليوم، عن شديد الصدمة والإدانة لجريمة إعدام الطفل "علي أبو عليا".
وقدم أبو علي التعازي لذوي الطفل والشعب والقيادة الفلسطينية، مؤكداً على ضرورة العمل على مساءلة سلطات الاحتلال عن هذه الجريمة وجرائم الاحتلال كافة، بما فيها محاولة إحراق الكنيسة الجثمانية التي تؤكد الاستهداف الاسرائيلي المتصاعد للمقدسات الإسلامية والمسيحية.
كما دانت الأمانة العامة في بيان لها اليوم، بأشد العبارات أيضاً، محاولة أحد المستوطنين إحراق كنيسة الجثمانية في القدس المحتلة عاصمة دولة فلسطين، مؤكدة أن هذا العمل الإرهابي بالغ الخطورة يعبر عن طبيعة الممارسات الاستيطانية الاستعمارية، ومدى التحريض الرسمي العنصري الممنهج الذي تمارسه سلطات الاحتلال.