كشف مسؤول عراقي في حكومة حيدر العبادي، عن رفض الأخير طلباً قدّمته كتل سياسية في "التحالف الوطني" الحاكم يقضي بالموافقة على تدخّل روسي جوي في العراق، مؤكداً أن مشاكل عميقة بين رئيس الحكومة وقادة المليشيات الموالية لإيران حول هذا الموضوع من المرجّح أن تتطور أكثر بعد تهديد العبادي بالاستقالة والعودة مع أسرته إلى لندن، حيث كان يعيش قبيل احتلال العراق.
لكن مصادر برلمانية أوضحت أن العبادي لم يرفض الطلب من الروس التدخّل، بل طلب التريث وعدم الاستعجال، وهي تسريبات قريبة من الواقع بسبب ما عُرف عن الرجل من تردد في اتخاذ القرارات المصيرية الخاصة بالشأن العراقي منذ توليه السلطة نهاية العام الماضي، وهو ما زاد من رقعة الانتقادات الموجهة ضده من مختلف الشركاء السياسيين.
اقرأ أيضاً الحلف الرباعي يُقسّم العراقيين: بوادر "مقاومة" لأي غزو روسي
وقال الوزير العراقي لـ"العربي الجديد"، إن العبادي رفض خلال اجتماع لقادة التحالف الوطني الحاكم بحضور قيادات بارزة من مليشيات "الحشد الشعبي"، أمس الأول الإثنين، الموافقة على طلب المليشيات وعدد من رؤساء كتل التحالف تدخّلًا روسياً جوياً مباشراً في العمليات العسكرية بالعراق ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وأضاف الوزير أن العبادي اعتبر الموافقة على مشاركة الروس في العمليات العسكرية من شأنها خلق مزيد من المشاكل السياسية ذات النزعة الطائفية، مؤكداً أن "العبادي أوضح للمشاركين في الاجتماع أن أي تقارب أكثر مع الروس سيُفقد العراق الدعم الغربي والعربي في حربه على داعش، وقد يحوّل البلاد إلى ساحة تصفية حسابات على حساب الشعب العراقي".
ولفت الوزير إلى أن "قيادات سياسية ومليشياوية لم تقتنع بجواب العبادي أو تبريره، وهو ما زاد من حجم الخلافات بين رئيس الحكومة وشركائه السياسيين الذين اتهموه بالضعف"، مرجّحاً وفقاً لتسريبات الاجتماع، أن تتطور الخلافات في حال فشلت القوات العراقية والمليشيات من استعادة بيجي والرمادي خلال الأيام المقبلة كما وعد العبادي قبل أيام الشعب العراقي. وكشف أن "العبادي كرر خلال الاجتماع الأخير أكثر من مرة عبارة الاستقالة من المنصب الذي تسلّمه فارغاً وغارقاً بتركة فساد مالي وإداري ومشاكل كبيرة من خلفِه نوري المالكي، والعودة مع أسرته إلى لندن حيث كان يعيش قبيل الاحتلال".
لكن برلمانياً عراقياً في "التحالف الوطني"، نفى في حديث لـ"العربي الجديد" أن يكون العبادي قد رفض التدخّل الروسي خلال الاجتماع مع قادة التحالف، موضحاً أنه طلب التريث لحين اتضاح بعض الأمور وعدم الاستعجال في تقديم طلب رسمي لروسيا بالتدخل الجوي. ولفت إلى أن "قادة المليشيات ورؤساء كتل سياسية أبلغوا العبادي أن الروس ينتظرون إشارة منه للتدخّل، فكان رد العبادي بالتريث وعدم الاستعجال حالياً، وهو ما أثار غضب قسم من الحاضرين الذين اتهموا العبادي بالتردد الذي سيتسبب بمزيد من الخسائر"، وفقاً لعضو البرلمان.
وفي السياق نفسه، نشرت مواقع تابعة لمليشيات "الحشد الشعبي" تسجيلاً للقيادي فيها المعروف باسم "أبو عزرائيل"، هاجم فيه العبادي حول التدخّل الروسي في العراق. وجاء في التسجيل: "رسالة إلى العبادي أطلبْ التدخّل الروسي وبخلاف ذلك أطلع تره خبلتنه" بمعنى استقل.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين والمختص بالشأن العراقي محمد الوكيل، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "العبادي يعي جيداً مخاطر التدخّل الروسي، فهناك فصائل سنّية جمّدت عملها العسكري بعد احتلال داعش للمدن العراقية تجنباً للاصطدام بها، وهي ستعيد عملها المسلح، كما أن هناك كتلاً سياسية سنّية وكردية ترفض هذا التدخّل، إضافة إلى أن عزلة عربية ودولية تنتظر العراق في حال أدخل العبادي البلاد بهذا التحالف الرباعي"، معتبراً أن "بقاء العراق مع حليف واحد حتى لو لم يكن مُرضياً أفضل من تأرجحه بين حليفين".
اقرأ أيضاً: العبادي يطلق عملية استعادة محافظة صلاح الدين ومصفاة بيجي