العدالة التعويضية عن العبودية في قمة دول الكومنولث رغم أنف بريطانيا

24 أكتوبر 2024
ستارمر خلال مأدبة الترحيب برؤساء حكومات الكومنولث في ساموا، 24 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- زعماء دول الكومنولث يعتزمون مناقشة العدالة الاجتماعية التعويضية عن العبودية، مع تحدي المملكة المتحدة بشأن تعويضات تجارة الرقيق عبر الأطلسي.
- مسودة بيان القمة تدعو لمحادثات هادفة حول العدالة التعويضية، مع اقتراحات تشمل التعويضات المالية وتخفيف الديون والاعتذار الرسمي.
- العدالة التعويضية ستكون محورًا رئيسيًا لأجندة القمة، رغم تركيز المملكة المتحدة على المستقبل والفرص المشتركة بدلاً من التعويضات.

يتجه زعماء دول الكومنولث لطرح خطط لدراسة العدالة الاجتماعيّة التعويضيّة عن العبوديّة خلال قمة الكومنولث التي يشارك فيها رئيس الحكومة البريطاني كير ستارمر هذا الأسبوع، والتي بدأت يوم الاثنين وتنتهي يوم السبت. وبحسب ما نقلته شبكة "بي بي سي" عن مصادر دبلوماسيّة، فإن رؤساء حكومات دول الكومنولث يستعدون لتحدي المملكة المتحدة لطرح قضيّة التعويض عن تجارة الرقيق عبر الأطلسي، في الوقت الذي تصر داونينغ ستريت على أن القضيّة ليست على جدول أعمال قمة دول الكومنولث الـ56، التي تبدأ في دولة ساموا الواقعة على جزيرة المحيط الهادئ يوم الجمعة.

لكن المصادر الدبلوماسيّة قالت إن المسؤولين كانوا يتفاوضون على اتفاق لإجراء المزيد من البحث والبدء في "محادثة ذات مغزى" حول قضيّة قد تجعل المملكة المتحدة مدينة بمليارات الجنيهات الإسترلينية بمثابة تعويضات. وقال فريدريك ميتشل، وزير خارجيّة جزر البهاما، لبرنامج "توداي" على راديو بي بي سي 4: "بمجرد طرح الموضوع، قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يغير الناس رأيهم، ولكنهم سيغيرون رأيهم".

ويقول النصّ الحالي لمسودة بيان القمة: "لقد اتفق الرؤساء، الذين لاحظوا الدعوات إلى إجراء مناقشات حول العدالة التعويضيّة فيما يتعلق بالتجارة عبر الأطلسي في الأفارقة المستعبدين واستعباد المنقولات... على أن الوقت قد حان لإجراء محادثة هادفة وصادقة ومحترمة من أجل صياغة مستقبل مشترك قائم على المساواة". ويضيف البيان أنّ رؤساء الحكومات سيلعبون "دورًا نشطًا في إحداث مثل هذه المحادثات الشاملة التي تعالج هذه الأضرار" وأنهم اتفقوا على "إعطاء الأولويّة وتسهيل المزيد من البحوث الإضافيّة حول التجارة عبر الأطلسي في الأفارقة المستعبدين والعبوديّة المنقولة التي تشجع وتدعم المحادثات وتوجه الطريق إلى الأمام".

وجرت صياغة النص، الذي لا يزال من الممكن أن يتغير بمجرد وصول زعماء الكومنولث، من قبل دبلوماسيين قبل القمة. ونجح المسؤولون البريطانيون في منع خطة لإعلان منفصل تمامًا حول هذا الموضوع، في الوقت الذي لا ترغب المملكة المتحدة في أن يكون في البيان أي ذكر حول العدالة التعويضيّة، ولكن في الوقت الحالي يتعين عليها قبول أنه سيتضمن ثلاث فقرات كاملة تحدد موقف الكومنولث التفصيلي.

وسعى المسؤولون من الكاريكوم، الهيئة التي تمثل دول الكاريبي، إلى توسيع القضيّة بحيث لا تشمل فقط تجارة الرقيق عبر الأطلسي، ولكن أيضًا المحيط الهادئ. ويمكن أن تأتي العدالة التعويضيّة للعبوديّة في أشكال عديدة، بما في ذلك التعويضات الماليّة، وتخفيف أعباء الديون، والاعتذار الرسمي، والبرامج التعليميّة، وبناء المتاحف، والدعم الاقتصادي، والمساعدة في مجال الصحة العامة.

ويقول مشروع البيان إن غالبية الدول الأعضاء "تشترك في تجارب تاريخيّة مشتركة فيما يتعلق بهذه التجارة البغيضة، واستعباد المنقولات، ومن بين هذه الممارسات إضعاف السكان الأصليين وسلب ممتلكاتهم". كما يشير بشكل مباشر إلى الممارسات المعروفة باسم "الاستعباد"، حيث جرى خداع سكان جزر المحيط الهادئ أو اختطافهم للعمل عبيدا أو عمالا رخيصين في المستعمرات في جميع أنحاء المنطقة.

وقال دبلوماسيون إن التوقعات الآن هي أن العدالة التعويضيّة ستكون محورًا رئيسيًا لأجندة قمة الكومنولث القادمة بعد عامين في منطقة البحر الكاريبي، وربما أنتيغوا وبربودا. وفي الفترة التي سبقت قمة هذا العام، كانت هناك دعوات متزايدة من زعماء الكومنولث للمملكة المتحدة للاعتذار وتقديم تعويضات بقيمة تريليونات الجنيهات الاسترلينية عن الدور التاريخي للبلاد في تجارة الرقيق.

وخلص تقرير نشرته جامعة جزر الهند الغربية العام الماضي، بدعم من باتريك روبنسون، القاضي الذي يجلس في محكمة العدل الدوليّة،  إلى أن المملكة المتحدة مدينة بأكثر من 18 تريليون جنيه إسترليني تعويضات عن دورها في العبودية في 14 دولة في منطقة البحر الكاريبي.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، استغل رئيس وزراء جزر البهاما، فيليب ديفيس، زيارة وزيرة الخارجيّة البارونة تشابمان لإخبارها بأن النضال من أجل التعويضات لم ينته بعد. وقال وزير خارجية جزر البهاما فريدريك ميتشل لبرنامج "توداي" على راديو "بي بي سي 4": "الكلمة هي الاعتذار، هذه هي الكلمة".

وقال عن اجتماع الكومنولث: "إنها مسألة بسيطة - يمكن القيام بها، جملة واحدة، سطر واحد". وعندما سُئل عن مقدار التعويضات التي يجب أن تصل إليها، قال ميتشل إنها ليست مجرد مسألة مال، بل "احترام، والاعتراف بأن الماضي كان خطأ يجب تصحيحه". وأشار إلى أن الدول الأعضاء "تريد أن تبدأ المحادثة" ولكن "يبدو أن هناك حتى ترددًا في إجراء المحادثة".

وقالت وزيرة الثقافة ليزا ناندي إن المملكة المتحدة سمعت دعوات لتعويضات العبودية "بصوت عالٍ وواضح، ولكن رئيس الوزراء محق في التركيز على المستقبل". وأعلن متحدث باسم الحكومة البريطانيّة أنهم لن يعلقوا على التسريب لهيئة الإذاعة البريطانية، لكنه أضاف: "التعويضات ليست على جدول أعمال اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث. موقف الحكومة لم يتغير - نحن لا ندفع تعويضات"، وتابع "نحن نركز على استخدام القمة في اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث، لمناقشة الفرص المشتركة التي يمكننا فتحها في جميع أنحاء الكومنولث - بما في ذلك تأمين المزيد من النمو الاقتصادي".

ووصل رئيس الحكومة البريطاني كير ستارمر إلى ساموا في وقت متأخر من يوم الأربعاء بتوقيت المملكة المتحدة، ليصبح أول رئيس وزراء في منصبه يزور دولة جزيرة في المحيط الهادئ. وفي حديثه للصحافيين في طريقه، قال إنه يريد مناقشة التحديات الحالية مع قادة الكومنولث، وخاصة تغير المناخ، بدلاً من قضايا الماضي.

وقال: "ما يهمهم أكثر هو، هل يمكننا مساعدتهم في العمل مع المؤسسات الماليّة الدوليّة، على سبيل المثال، بشأن أنواع الحزم التي يحتاجون إليها الآن فيما يتعلق بالتحديات التي يواجهونها. هذا هو المكان الذي سأركز فيه على ما قد ينتهي به الأمر إلى مناقشات طويلة للغاية لا نهاية لها حول التعويضات عن الماضي. وبالطبع، العبوديّة بغيضة للجميع؛ التجارة والممارسة، لا شك في ذلك. لكنني أعتقد من وجهة نظري... أنني أفضل أن أشمر عن ساعدي وأعمل معهم على مواجهة التحديات المستقبليّة الحاليّة بدلاً من قضاء الكثير من الوقت في الماضي".

المساهمون