أمر قضاة في محكمة العدل الدولية، اليوم الخميس، النظام السوري باتخاذ إجراءات لوقف التعذيب في سجونها، في إطار تدابير طارئة في قضية رفعتها هولندا وكندا على دمشق في محكمة العدل الدولية، وذلك في أول قضية أمام العدالة الدولية بشأن انتهاكات النظام منذ عام 2011.
وقالت محكمة العدل الدولية إنّ النظام السوري يجب أن يتخذ كل التدابير لـ"منع أعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو القصاص، القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".
ودعت المحكمة النظام السوري إلى اتخاذ إجراءات فعالة لـ"منع إتلاف الأدلة، وضمان الحفاظ على جميع الأدلة المتعلقة بأعمال التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".
وأشارت رئيسة المحكمة إلى أن حكومة النظام السوري قاطعت جلسات المحكمة في القضية التي رفعتها هولندا وكندا ضدها، وشددت على ضرورة منع أعمال التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية التي ترتكب في سورية.
ورفعت كل من كندا وهولندا، في 8 يونيو/ حزيران، قضية ضد النظام السوري بتهمة انتهاك التزاماته بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب أمام أعلى محكمة في العالم، ولم يحضر ممثلو النظام حتى جلسة الاستماع.
وطالبت كندا وهولندا المحكمة بإصدار أمر عاجل بوقف التعذيب في السجون السورية، مؤكدتين أن "كل يوم له أهمية" بالنسبة إلى أولئك الذين لا يزالون رهن الاعتقال، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.
وحول دلالة هذا البيان، قال القاضي والخبير القانوني السوري سليمان القرفان، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "التصريح مهم جداً، فهو يدلّ على اتخاذ المحكمة منحى إدانة النظام بجرائم التعذيب، وبالتالي هو مؤشر على إدانة النظام في مرحلة لاحقة".
وأكد أن "مجرد إصدار تصريح صحافي عن المحكمة يعني ثبوت صحة الادعاء، وكتدبير احترازي ونظراً لتغيب النظام عن جلسات المحاكمة، تم طلب آلية بشكل علني لإيقاف كل أشكال التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون في سورية".
وأوضح أن محكمة العدل الدولية ستحيل التدابير المستعجلة التي أُقرَّت على الجمعية العامة ومجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذها وإلزام النظام السوري بها، وبالتالي هو إجراء وتدبير مؤقت لا ينهي الدعوة.
من جهته، رأى المعتصم الكيلاني، وهو مختص في القانون الجنائي الدولي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "فرض التدابير المؤقتة العاجلة جداً يفرض على النظام السوري إيقاف كل الأعمال التي يقوم بها، ولا يلتزم من خلالها بنود اتفاقية مناهضة التعذيب أو إساءة المعاملة الوحشية غير الإنسانية أو المهينة أو العقاب الذي يمارس في سورية منذ عام 2011، إذ كانت البنود إيقاف التعذيب، ووقف الاعتقال التعسفي، وإطلاق سراح من يعتقل تعسفياً، والسماح بالوصول إلى مراكز الاحتجاز، والسماح للأهل بزيارة المعتقلين، فضلاً عن تحسين ظروف مراكز الاحتجاز".
وأضاف: "بالتالي هذا القرار بفرض تلك التدابير يعطي انطباعاً بأن المحكمة ستصدر حكمها في فصل النزاع الحاصل بين هولندا وكندا ضد حكومة النظام، لصالح هولندا وكندا، والتأكيد أن هنالك ممارسات منهجية تمارسها حكومة النظام السوري في التعذيب والاعتقال والتعامل المهين غير الإنساني ضد مواطنيها، وهذا سيكون حكماً تاريخياً لصالح بناء العدالة الشاملة في سورية".
ويأتي بيان المحكمة بعد يوم من إصدار فرنسا مذكرة اعتقال دولية بحق رئيس النظام السوري بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد، المتهمَين بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في ما يتعلق بالهجمات الكيميائية التي استهدفت غوطة دمشق الشرقية عام 2013.
الأسد يصدر عفواً عاماً
من جانب آخر، أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، اليوم الخميس، عفواً عاماً عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 16 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2023، وشمل القرار العفو عن كامل العقوبات في الجنح والمخالفات، وكذا عن جميع تدابير الإصلاح والرعاية للأحداث، بالإضافة إلى كامل العقوبات المؤبدة أو المؤقتة للمصاب بمرض عضال غير قابل للشفاء.
ويحمل المرسوم الصادر في مواده عفواً عن كامل العقوبات لبعض الجرائم، وعفواً عن جزء من العقوبة لجرائم أخرى، كما ينص على استبدال عقوبات عدد من الجرائم بأخرى مخففة.
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أصدر الأسد منذ مارس/ آذار من عام 2011، نحو 21 مرسوم عفو، كانت نتيجتها بشكل أساسي إطلاق سراح الآلاف من مرتكبي الجرائم الجنائية، وليس معتقلي الرأي، في خطوة متعمدة، لأن النظام أراد استخدام هؤلاء لتجنيدهم في المليشيات المحلية التي أسسها للقتال إلى جانبه، وأغلب عناصرها من أرباب السوابق.
وأكدت الشبكة الحقوقية، في تقرير سابق، أنه "بالرغم من هذه المراسيم الكثيرة، لا يزال هناك ما لا يقل عن 135253 شخصاً، بينهم 3684 طفلاً وامرأة ، قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد قوات النظام السوري، أي إن حصيلة الأشخاص الذين اعتقلوا أو أخفوا من قبل قوات النظام السوري عقب إصدار مراسيم العفو تزيد 17 ضعفاً على حصيلة من أفرج عنهم بموجب هذه المراسيم".