العدوان الإسرائيلي يؤجل أزمات في العراق

11 أكتوبر 2024
لبنانيون في كربلاء، 7 أكتوبر 2024 (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

يُهيمن العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان ونذر التصعيد الإيراني ــ الإسرائيلي منذ أسابيع على المشهد العراقي سياسياً وأمنياً وحتى اجتماعياً، بعد توافد آلاف العائلات اللبنانية إلى العراق وبدء الحكومة العراقية إجراءات متصلة باستضافتهم التي تتوقع ألا تكون قصيرة. هذه الأجواء تسببت بتأجيل أزمات سياسية عديدة أو حتى خفوت تأثيرها على المشهد العراقي، وأبرزها أزمة رئاسة البرلمان التي تكمل الشهر المقبل عامها الأول، وأزمة خلية التنصت التي اعتقل بسببها نحو 30 موظفاً في مكتب رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وكذلك أزمة سرقة مبالغ الأمانات الضريبية البالغة نحو مليارين ونصف المليار دولار (سرقة القرن)، وفضيحة إطلاق سراح المتهمين بها بكفالة وهروبهم من العراق ورفض عودتهم لمواصلة محاكمتهم.


علي الفتلاوي: هناك مخاوف من توسع العدوان الإسرائيلي ليشمل العراق

مخاوف من تمدد العدوان الإسرائيلي

ووسط مخاوف من تمدد العدوان الإسرائيلي إلى العراق، إثر مقتل جنديين للاحتلال في الجولان السوري المحتل، بطائرة مسيّرة قال إنها انطلقت من العراق، والجدل حول الموقف الرسمي العراقي من العدوان الإسرائيلي أكد نواب برلمان وسياسيون أنه لأول مرة منذ 20 عاما، يطغى الملف الخارجي على الداخلي في العراق. في السياق، قال عضو تحالف الإطار التنسيقي الحاكم في العراق، علي الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "مخاوف توسع العدوان الإسرائيلي في المنطقة ليشمل العراق، والجرائم الإسرائيلية في غزة ولبنان، تصدرت اهتمام الشارع العراقي ككل، ولا حديث عن غيرها"، مضيفاً أن "هذا ما دفع كل الأطراف السياسية العراقية إلى الانشغال بكيفية أن يكون العراق بعيداً عن دائرة الحرب، أو كيفية التصرف إذا ما دخلها فعلاً".

وأوضح الفتلاوي أن "كل هذا أدى إلى إيقاف أي حوارات سياسية بخصوص انتخاب رئيس البرلمان، فالكل يبحث ويناقش كيفية الحفاظ على سيادة العراق وكيفية أن يكون العراق بعيداً عن دائرة الحرب والصراع، فهذه القضية أهم من كل القضايا السياسية الداخلية الأخرى".

وأضاف أنه "بكل تأكيد الإطار التنسيقي كان وما زال مع الإسراع بحسم انتخاب رئيس برلمان العراق، وعمل على وساطات عديدة طيلة الأشهر الماضية، لكن الصراع السني ـ السني منع حسم هذا الملف، خصوصاً أن الخلاف ما زال قائماً، ولهذا أجّل الملف لوقت آخر، لكن ليست هناك نيّة لدى الإطار أو غيره من الأطراف السياسية لإبقاء الوضع على ما هو عليه، ببقاء محسن المندلاوي برئاسة البرلمان، وما حصل هو خارج إرادة كل الأطراف السياسية".

من جهته، أكد الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي، أن أوضاع المنطقة في الأسبوعين الأخيرين، طغت على الحديث والاهتمام العراقي ككل، وهو ما أعطى فرصة للجميع بتأجيل ملفات وتلاشي الحديث عن ملفات أخرى. وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "بعضها صبّ لمصلحة حكومة السوداني التي كانت محرجة من أزمة خلية التجسس وأزمة سرقة القرن، وأزمات تتعلق بارتفاع سعر الدولار مثلاً، وأخرى كانت جهات متضررة منها، أبرزها مسألة حسم رئاسة البرلمان الشاغرة منذ نحو عام". وتحدث عن تراجع ملفات كثيرة من اهتمامات الشارع أو وسائل الإعلام مثل إقرار قانون الأحوال الشخصية وقانون العفو العام، وملف النازحين العراقيين في المدن التي احتلتها مليشيات مانعة أهلها من العودة إليها، مثل مدن جرف الصخر والعويسات وغيرها.


صلاح الكبيسي: التطورات الإقليمية المختلفة دفعت إلى تأجيل حسم انتخاب رئيس مجلس النواب

انشغال العراق

أما القيادي في تحالف الحسم، صلاح الكبيسي، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "التطورات الأمنية والعسكرية في المنطقة، والتي العراق ليس ببعيد عنها، أشغلت كل الأطراف العراقية السياسية بما يجري في المنطقة، ومتابعة أبعاد خطورة تلك التطورات عن العراق والعراقيين". وبيّن الكبيسي أن "هذه التطورات الإقليمية المختلفة دفعت إلى تأجيل حسم انتخاب رئيس مجلس النواب، ولا يوجد وقت محدد لحسم هذا الملف الخلافي بين كل الكتل والأحزاب السياسية، خصوصاً أن التطورات في المنطقة ربما تتصاعد وتتسع دائرة الصراع، ولهذا لم يعد هذا الملف من أولويات القوى السياسية حالياً". وكان البرلمان العراقي قد أخفق خمس مرات تباعاً في انتخاب رئيس للبرلمان خلال الأشهر الماضية، في ظل انقسام بين الأطراف السياسية في دعم أحد المرشحين للمنصب، وهما محمود المشهداني مرشح حزب تقدم، وسالم العيساوي مرشح "السيادة" و"العزم" و"الحسم"، والذي حصل على أغلبية الأصوات خلال جلسة البرلمان العراقي في 18 مايو/أيار الماضي.

الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، اعتبر في حديث مع "العربي الجديد"، أن الأوضاع في لبنان تحديداً "غلبت على المشهد السياسي داخل العراق"، مضيفاً أن ملفات عديدة تأجلت، وأبرزها ملف رئاسة البرلمان، الذي تدور حوله صراعات سياسية مختلفة، سنية ـ سنية وشيعية ـ شيعية، وحسم هذا الملف يحتاج إلى أجواء هادئة حتى تكون هناك حوارات متواصلة، والأجواء الحالية غير مهيأة لهكذا حوارات، بسبب التوترات في المنطقة وانشغال كل العالم بهذه التطورات التي من المحتمل أن تشمل العراق خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً إذا ما توسعت الحرب بين إسرائيل وإيران، بشكل مباشر". وأضاف الحكيم أن "التطورات الإقليمية استغلتها بعض الأطراف السياسية العراقية من أجل ترحيل حسم انتخاب رئيس مجلس النواب، والإبقاء على المندلاوي لحين انتهاء الدورة البرلمانية الحالية، خصوصاً أن هذا الأمر يخدم أطرافاً سياسية داخل الإطار التنسيقي وكذلك هو لمصلحة حزب تقدم، الذي رفض من الأساس انتخاب أي رئيس بديل عن زعيمه محمد الحلبوسي خلال هذه المرحلة حتى من داخل الحزب نفسه، خشية من أن يكون منافسا له على النفوذ والقوة السياسية والانتخابية خلال المرحلة المقبلة".

المساهمون