اتخذت السلطات الأمنية في العراق، مؤخراً، إجراءات جديدة لمنع قيام الفصائل المسلحة باستهداف القواعد العراقية التي تستضيف القوات الأميركية، لا سيما أن السلطات تتوقّع تصاعد الهجمات، بعد انتهاء الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها غداً الاثنين.
وأفادت مصادر من قيادة العمليات العسكرية المشتركة، بأن "توجيهات حكومية صدرت بشأن تعزيز انتشار التجمعات الأمنية في المناطق المحتمل أن تنطلق منها صواريخ تستهدف القواعد العراقية والقوات الأميركية، بالإضافة إلى المناطق القريبة من محيط مطار بغداد الدولي".
وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "القادة الأمنيين في صنوف الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب، فضلاً عن جهازي المخابرات والأمن الوطني، أبلغوا رسمياً بالتعامل بحزم تجاه الفصائل التي تواصل استهداف الأميركيين"، مبينةً أن "الفصائل باتت تقصف مقرات حكومية عراقية، كما حدث مع مقر الأمن الوطني في المنطقة الخضراء ببغداد، ما تسبب بأضرار مادية".
يُذكر أن فصائل "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"سيد الشهداء" والأوفياء" و"الإمام علي"، قررت الانضواء في جبهة واحدة أطلقت عليها "المقاومة الإسلامية في العراق"، في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتبنت لغاية الآن أكثر من 75 عملية ضد الوجود الأميركي في العراق والأراضي السورية المجاورة. كما أعلنت مقتل أكثر من 13 من عناصرها في ضربات أميركية متفرقة نفذت في بابل والأنبار وداخل سورية، وفقاً لبيانات صدرت عن الجماعة.
لكن فصائل أخرى اختارت الركون إلى الإجراءات الدبلوماسية، ووقف التصعيد تجاه الأميركيين، وأبرزها جماعة "عصائب أهل الحق" التي يتزعمها قيس الخزعلي، بالإضافة إلى مليشيا "بدر" بزعامة هادي العامري، و"جند الإمام" بزعامة أحمد الأسدي، والانضواء ضمن موقف رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الذي أعلن أخيراً إلقاء القبض على بعض المتورطين بالهجوم الصاروخي الذي استهدف السفارة الأميركية ومبنى جهاز الأمن الوطني، وبحسب البيانات الرسمية العراقية، فإن "بعضهم على صلة بالأجهزة الأمنية"، لكنها لم تسمّ هذه الأجهزة.
وقال الناطق العسكري باسم حكومة السوداني، يحيى رسول، إن "الجهات المختصة نجحت قبل ذلك بالتوصّل إلى من ساعد الجناة، وقدّم لهم الدعم اللوجستي للوصول إلى منطقة التنفيذ وإخلائهم منها، وجرى إيداعهم التوقيف، بغية اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".
وأكد في بيان له أن "تجاوز العراق التحديات الأمنية، واستكماله بناء مؤسساته الدستورية وترسيخه السيادة والاستقرار، منجز قد مرّ بطريق عبّدته تضحيات شعبنا وقواتنا المسلحة بكل صنوفها، وهو ثمرة لا يمكن التفريط بها إزاء كل التهديدات"، مشدداً على أنه "لا بديل عن بسط الأمن، فالعراق مقبل على نهضة عمرانية وخدمية طال انتظارها، وإن اعتداءات كهذه لا تضرّ إلا بمصلحة العراق وشعبه".
واستهدفت جماعة "المقاومة الإسلامية العراقية"، قاعدة أميركية شمال شرقي سورية بطائرات مسيّرة وحققت إصابات مباشرة. وذكرت الجماعة التي تضم عدداً من الفصائل المسلحة العراقية الحليفة لطهران، في بيان، أنها هاجمت قاعدة المالكية شمال شرقي محافظة الحسكة السورية بالطائرات المسيّرة، مضيفة أن الهجوم جاء "رداً على المجازر بحق أهلنا في غزة".
من جانبه، بيَّن الخبير الأمني العراقي أحمد الشريفي، أن "الاستهداف للقوات الأميركية في مطار بغداد وبقية القواعد العسكرية سيستمر، لأن الغاية منه -بحسب هذه الفصائل- هو منع الدعم الأميركي لإسرائيل في حربها ضد غزة، لكنه في الوقت نفسه يمثل تحدياً لحكومة السوداني".
وأكمل الشريفي في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الفصائل المسلحة تهاجم الأميركيين كلما زادت حدة الهجمات الإسرائيلية على غزة، وأنها تجد أن من واجبها الاستمرار بهذا السلوك، لأنه أساس تأسيسها وعملها وخطابها"، معتبراً أن "الإجراءات الأمنية العراقية قد تقلل من هذه الهجمات، لكنها لن تنهيها، لأن الحكومة تعرف أن المهاجمين يرتبطون بأجهزة أمنية نظامية".
ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نفذت فصائل عراقية مسلحة أكثر من 70 هجوماً، بواسطة طائرات مسيّرة مفخخة وصواريخ كاتيوشا، على قواعد أميركية في العراق وسورية، رداً على الدعم الأميركي للعدوان الإسرائيلي على غزة، وفقاً لبيانات صدرت عن أكثر من فصيل مسلح. وقدّمت عدد من تلك الفصائل نفسها أخيراً تحت عنوان "المقاومة الإسلامية في العراق"، ضمن تبنيها تلك العمليات.