اعترضت هيئة المساءلة والعدالة والتي تعرف بهيئة "اجتثاث البعث" على طلب حكومي بنقل ملفاتها إلى القضاء في خطوة لحلها وفق الاتفاقات السياسية المبرمة بهذا الاتجاه، مؤكدة رفضها القرار الحكومي، واعتبار أي خطوة بهذا الاتجاه معارضة للقانون.
وأُبرم الاتفاق السياسي داخل تحالف "قوى الدولة" وضم: "الإطار التنسيقي"، وتحالف "السيادة"، والقوى الكردية. وسبق تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، ونصّ على جملة من الاتفاقات والتفاهمات بين تلك القوى، كشروط لتشكيل الحكومة، وكان من بينها حل هيئة المساءلة والعدالة، وتحويلها إلى ملف قضائي.
وبحسب الاتفاق، فإن الحكومة قدمت قبل أيام طلبا رسميا إلى الهيئة، بنقل ملفاتها إلى القضاء، كخطوة أولى لتنفيذ الاتفاق بحل الهيئة، إلا أن الطلب قوبل بالرفض، بحسب ما أكد رئيسها، باسم البدري.
وقال البدري إنه "لا يمكن أن يطبق طلب الحكومة في الوقت الحالي"، مؤكدًا أن الهيئة لن تنقل ملفاتها أو أرشيفها إلى أي جهة، وأنه لا يوجد أي سلطة يمكن أن تفعل ذلك وتنهي عمل الهيئة.
وتابع: "ما زلنا نعمل وفق القانون رقم 10 لسنة 2008 ولن نطبق قرار نقل ملفاتنا، إلا في حال تشريع قانون جديد يلغي القديم ويضع آلية لتحويل الأرشيف، وينهي مهمتنا في مدد زمنية واضحة"، مشيرا إلى أن "الهيئة أدخلت من 2014 إلى العام الحالي أكثر من 7 ملايين وثيقة، وهناك أعداد أخرى لا يستهان بها تنتظر عملية الإدخال، وأن تلك الوثائق تمثل مخاطبات وكتبا رسمية وأسماء لأشخاص من ضمن الأجهزة الأمنية السابقة والجيش وحزب البعث".
وأضاف أنّ "عملية إدخال الوثائق معقدة بسبب تشابه الأسماء في بعض الوثائق.. يجب علينا بعد ذلك أن نقوم بحماية الوثيقة من التلاعب أو التحريف حيث نضع برامج حماية خاصة"، مشيرا إلى أن "الأرقام التقديرية للمشمولين بإجراءات الاجتثاث تصل إلى المليون شخص، 250 ألفا فقط منهم في أجهزة النظام السابق من المخابرات والاستخبارات، الأمن الوطني، الأمن الخاص، فضلا عن أعداد أخرى من الجيش المنتمين إلى الحزب، وضعفا العدد الأول هما من المدنيين المشمولين بإجراءات الهيئة".
قوى متنفذة داخل "الإطار التنسيقي" تدعم بقاء الهيئة
وعلى الرغم من أنّ الاتفاق السياسي نصّ على حل الهيئة، فإنّ قوى وشخصيات متنفذة داخل تحالف "الإطار التنسيقي"، تدعم بقاء الهيئة، وتضغط باتجاه إفشال الاتفاق، بحسب ما ذكره نائب في البرلمان.
وأكد النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، أن قوى وشخصيات من داخل الإطار تدعم قرار الهيئة برفض الطلب الحكومي، مبيناً أنّ المرحلة المقبلة قد تشهد اعتراضات سياسية وقانونية بشأن التوجه الحكومي، وأنّ القوى الداعمة لبقاء الهيئة ستتصدى بقوة لأي محاولة لحلها.
وأشار إلى أن "هذا الملف من الملفات الجدلية، وأن بعض الجهات استفادت سياسيا من قرارات الهيئة، وتحاول الإبقاء عليها لاستمرار تحقيق المكاسب من قراراتها".
وكان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، قد أكد قبل نحو أسبوعين، أن قانون الهيئة كان يمثل مرحلة انتقالية بموجب القانون، وقد أنجزت ما عليها، ولا مبرر لاستمرار عملها، مؤكدا أن القانون نص على حل الهيئة إذا ما أنجزت ما عليها من ملفات، مشددًا على إصراره على حلها.
وتُتهم الهيئة، بممارسة دور "سياسي" على مدى الدورات الانتخابية السابقة، واجتثاث آلاف الشخصيات السياسية، استجابة لضغوط من قبل قوى مؤثرة بالساحة السياسية.
يشار إلى أن هيئة "اجتثاث البعث" شُكلت في العام 2005، ونص عليها الدستور العراقي، وعملت منذ بداية تأسيسها على متابعة ملفات المرشحين للانتخابات، فضلا عن ملفات الموظفين والضباط والسياسيين، والأساتذة الجامعيين، واستطاعت أن تقصي الآلاف، بحجة الانتماء الى حزب البعث المحظور في العراق.
وحاول رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، التخلّص من تركة الهيئة، وما تسببت به من أزمات نتيجة إقصائها لمكون معين، لذا قام بمراجعة تشكيلتها والارتباطات الحزبية للمسؤولين فيها، بالتنسيق مع رئاسة البرلمان المنحل، وحاول تعيين شخصيات مستقلة في الهيئة لتحقيق التوازن، إلا أن جهوده فشلت.