العراق: اسم رئيس الحكومة الجديدة نقطة اختلاف داخل "الإطار التنسيقي"

11 يوليو 2022
اسم قاسم الأعرجي مطروح بقوة لترؤس الحكومة (يونس كيليس/الأناضول)
+ الخط -

على مدار ثلاثة اجتماعات متتالية عقدها أخيراً تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يضم عدداً من القوى السياسية الحليفة لإيران في العراق، لم يجرِ التوصل إلى أي تفاهمات واضحة حيال شكل الحكومة الجديدة التي أعلن التحالف رسمياً مضيّه في تشكيلها، ولا طبيعة مفاوضاته مع القوى السياسية الأخرى.

إلا أن العقدة الأبرز داخل التحالف، وفقاً لعضو بارز فيه، تحدث لـ"العربي الجديد"، اسم رئيس الوزراء الذي سيُكلَّف مهمة تشكيل الحكومة، خصوصاً مع وجود تحذيرات من أن يكون الاختيار سبباً في استفزاز زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي قد يحرك الشارع ضد الحكومة، ويكرر سيناريو اقتحام المنطقة الخضراء عام 2016 إبان حكومة حيدر العبادي.

محما خليل: قضية البرنامج الحكومي، والالتزام بتنفيذ فقرات الدستور، أهم من اسم الشخصية المرشحة لرئاسة الحكومة

وبات "الإطار التنسيقي"، الذي يضم عدداً من القوى السياسية العربية الشيعية الحليفة لإيران، وأبرزها "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، و"الفتح" بزعامة هادي العامري، و"المجلس الإسلامي الأعلى" بزعامة همام حمودي، و"تيار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، وائتلاف "النصر" بزعامة حيدر العبادي، هو الكتلة الأكبر في البرلمان، بعد حصوله على غالبية مقاعد نواب الكتلة الصدرية. وجعله هذا الأمر الفاعل الأساسي في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، إلى جانب تمرير أي قرار أو مشروع قانون يريده.
"خلافات غير بسيطة" داخل الإطار التنسيقي

وكشف عضو بارز في التحالف، لـ"العربي الجديد"، عما وصفه بـ"خلافات غير بسيطة" داخل كتل وأحزاب "الإطار التنسيقي"، لم تحسم حتى الآن، ما يجعل من مسألة تشكيل الحكومة في وقت قريب مستحيلة. وتوقع ألا تكون هناك حكومة جديدة في العراق في أفضل الأحوال قبل سبتمبر/أيلول المقبل في حال الاتفاق على كل التفاصيل.

وبيّن أن هناك خلافاً على شكل الحكومة المقبلة، التي يريد التحالف تشكيلها. وأوضح أن هناك أطرافاً تريد تشكيل حكومة توافقية مثل الحكومات السابقة، تقتصر على 22 وزارة تُوزع بين المكونات الثلاثة الرئيسية في البلاد، فيما هناك طرف يحذر من ذلك، ويريد تشكيل حكومة خدمات لعامين فقط، والذهاب لإجراء انتخابات بقانون انتخابات جديد.

اختلاف على اسم رئيس الحكومة العراقية

وأكد العضو البارز في التحالف أن الخلاف الأبرز حالياً هو على اسم رئيس الحكومة الجديدة، إذ تطرح كتلة "دولة القانون" اسم زعيمها نوري المالكي رسمياً، وهو ما تتحفظ عليه قوى وأطراف سياسية أخرى داخل التحالف، وتعتبرها استفزازاً للصدر، كذلك هناك تحفظ سابق لمرجعية النجف على المالكي.

ووفقاً للمصدر، فإن اسم مستشار الأمن القومي العراقي الحالي قاسم الأعرجي مطروح بقوة هذه الأيام للمنصب، خاصة أن لديه علاقة جيدة مع مختلف الأطراف السياسية في البلاد، إلى جانب اسم محمد شياع السوداني، الوزير السابق وعضو حزب "الدعوة". كذلك يُطرَح على نحو أقل اسم حيدر العبادي للمنصب ذاته، ومحافظ البصرة أسعد العيداني، ووزير الرياضة الأسبق عبد الحسين عبطان.

لكن المصدر أكد أن أياً من هذه الأسماء لم يُطرَح للنقاش رسمياً داخل اجتماعات التحالف الثلاثة، التي عقدت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. واعتبر أن مرشح تسوية داخل التحالف هو الأقرب بالوقت الحالي، وقد يُحسَم بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى وعودة عدد من أعضاء التحالف من الحج.

طرح غير رسمي لأسماء لرئاسة الحكومة

من جهته قال فاضل موات، القيادي في ائتلاف "دولة القانون"، الذي يتزعمه المالكي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الأسماء المتداولة لرئاسة الحكومة الجديدة، تطرح بشكل غير رسمي من قبل قادة الإطار، مثل نوري المالكي، وحيدر العبادي، وهادي العامري، وقاسم الأعرجي، ومحمد شياع السوداني".

حذر أحمد حقي مما وصفه باستفزاز الشارع عبر اختيار رئيس الوزراء الجديد

وأضاف أن "اختيار رئيس الوزراء الجديد سيكون عبر الاتفاق بين قوى الإطار التنسيقي، ولا توجد خلافات حول هذا الأمر، والملف سيُحسَم بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى، وهناك إجماع من قبل قادة الإطار على هذا الأمر".

وكشف موات أن "حسم المنصب سيكون من خلال أمرين: التصويت بين قادة الإطار التنسيقي، أو من خلال إشراك نواب المكون الشيعي في اختيار رئيس الوزراء من خلال مؤتمر يجري خلاله التصويت على الشخصية. وهذا المؤتمر سيشارك فيه جميع نواب المكون الشيعي من المستقلين وغيرهم، وهذه الآلية قد تكون الأقرب للمشهد خلال الفترة المقبلة".

تسريب الأسماء عبر وسائل الإعلام

من جهته، أشار النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل، لـ"العربي الجديد"، إلى أن قوى "الإطار التنسيقي"، لم تفاتح حتى الآن القوى الأخرى بمرشحيها لرئاسة الوزراء، وأن "الأسماء المرشحة تُسرَّب عبر وسائل الإعلام وبتعمد، لكن لا شيء رسمياً حتى الساعة".

واعتبر أن "قضية البرنامج الحكومي، والتزام تنفيذ فقرات الدستور، أهم لدى القوى السياسية الأخرى من اسم الشخصية المرشحة لرئاسة الحكومة". وأوضح أن "القوى السياسية سيكون لها رأي بشأن أي شخصية يرشحها الإطار التنسيقي لرئاسة الوزراء، فهذا الملف يجب أن تناقشه كل الأطراف السياسية، لمعرفة قدرة هذه الشخصية على تنفيذ البرنامج الحكومي، وتطبيق فقرات الدستور العراقي، وتحقيق التوازن والشراكة الحقيقية خلال المرحلة المقبلة".

تحذير من استفزاز الشارع

من جهته، حذر الناشط عن الحراك المدني العراقي أحمد حقي مما وصفه باستفزاز الشارع، عبر اختيار رئيس الوزراء الجديد. واعتبر أن "خروج تظاهرات جديدة بالفترة المقبلة وارد جداً، وقد تكون تظاهرات أكتوبر/تشرين الأول 2019 أمامها مجرد نزهة".

أحمد الشريفي: التجديد للكاظمي أمر غير مستبعد خصوصاً أنّ هذا الخيار ربما يكون فيه نوع من التهدئة مع التيار الصدري

ورأى، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الشارع يمر بخيبة أمل كبيرة، مع اتساع رقعة الفقر والبطالة وتغول المليشيات، وعودة أي من الأسماء السابقة للحكومة الجديدة، مثل نوري المالكي، ستكون كفيلة بتفجر الشارع مجدداً". وقال إن "تعذر ترشيح شخص جديد غير مجرب سابقاً، يجعل من الذهاب لانتخابات مبكرة خياراً أفضل للعملية السياسية".

المحلل السياسي العراقي أحمد الشريفي قال، لـ"العربي الجديد"، إن "تحالف الإطار التنسيقي لديه أزمة في الشخصيات التي يمكن أن يرشحها للحكومة الجديدة، وهو لا يملك الكثير من الخيارات بشأن ذلك". وأضاف أن "التجديد لرئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي أمر غير مستبعد، خصوصاً أن هذا الخيار قد يكون فيه نوع من التهدئة مع التيار الصدري".

وبيّن الشريفي أن "الإطار التنسيقي يدرك جيداً خطورة وضع فيتو صدري أو من قبل متظاهري تشرين على المرشح الذي سيُختر لرئاسة الوزراء، فهذا الأمر سيحرك الشارع بقوة ولن يسمح بتشكيل أي حكومة. ولهذا، فإن الإطار سيكون حذراً في عملية اختيار مرشحه لرئاسة الحكومة".

وأضاف: "مرشح رئاسة الحكومة الجديدة، يجب أن يكون عليه توافق دولي وإقليمي أيضاً، وبعض الأسماء المرشحة عليها تحفظ إقليمي ودولي"، في إشارة إلى المالكي.

وكانت الأزمة السياسية في العراق قد دخلت منعطفاً جديداً، بعد تقديم نواب الكتلة الصدرية (73 نائباً) استقالاتهم من البرلمان في يونيو/حزيران الماضي، وانسحاب الصدر من العملية السياسية. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2006 التي يكون فيها التيار الصدري خارج البرلمان، بعدما ظلّ طوال السنوات الماضية محافظاً على نسبة لا تقلّ عن ثلث مقاعد القوى السياسية الشيعية، وسط هواجس من أن يكون "التيار" يُعدّ لمرحلة جديدة من التحركات عبر قواعده الشعبية.

وعلى الرغم من إعلان "الإطار التنسيقي" ما وصفه بانتهاء حالة الانسداد السياسي في العراق، إثر قرار الصدر الخروج من العملية السياسية، واستقالة نواب كتلته المتصدرة في الانتخابات، من البرلمان، إلا أنه لغاية الآن لم تخض أطراف التحالف أي مفاوضات رسمية مع الكتل والأحزاب السياسية، العربية السنّية والكردية الرئيسية، والمتحالفة مسبقاً مع الصدر، أو النواب المستقلين والكتل المدنية، لتشكيل الحكومة الجديدة.

المساهمون