العراق: السوداني يرهن التعديل الحكومي بانتخاب رئيس للبرلمان

20 سبتمبر 2024
محمد شياع السوداني في النجف، مايو 2024 (قاسم الكعبي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تعديل وزاري مشروط**: رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني يعتزم تعديل وزاري يشمل أربعة وزراء، مشروط باختيار رئيس جديد للبرلمان، مما يضيف بُعداً سياسياً للأزمة.

- **ضغوط سياسية وتقييم الأداء**: السوداني يلتزم بتقييم أداء الوزراء منذ تشكيل حكومته في أكتوبر 2022، ويواجه ضغوطاً من التحالف الحاكم لمنع التعديل، مع تعقيدات من القوى السنية.

- **صراع داخلي وتوقعات مستقبلية**: الصراع داخل الإطار التنسيقي يمنع السوداني من التعديل الوزاري، مع توقعات ببقاء الحكومة دون تعديل بسبب الأوضاع السياسية المعقدة.

رهن رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني إجراء تعديل وزاري على حكومته باختيار رئيس للبرلمان، الذي يجب أن يمر أي تعديل وزاري في العراق من خلال تصويت هيئته العامة عليه. هذا الإعلان الذي جاء خلال كلمة وجّهها السوداني للعراقيين في الثامن من سبتمبر/ أيلول الحالي، أكد مواقفه السابقة من التعديل الحكومي الذي يُتوقع أن يشمل ما لا يقل عن أربعة وزراء في حكومته. إلا أن استمرار أزمة اختيار رئيس جديد للبرلمان في العراق يضفي على ملف التعديل الحكومي طابعاً سياسياً آخر، إذ اعتبر مراقبون ربط السوداني التعديل الوزاري باختيار رئيس جديد للبرلمان إحراجاً لخصومه السياسيين الجدد، وتحديداً (رئيس الوزراء الأسبق) نوري المالكي وقيس الخزعلي (زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق")، اللذين يدفعان لاختيار محمود المشهداني، المرفوض من غالبية القوى السنّية التي درج اختيار رئيس البرلمان من خلالها وفقاً للعرف السائد بالعملية السياسية العراقية القائم على المحاصصة الطائفية.

أوراق سياسية في وجه الخصوم

وفي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2022، شكَّل السوداني حكومته بدعم من تحالف "إدارة الدولة"، الذي ضمَّ كل الأحزاب السياسية التقليدية باستثناء التيار الصدري. وألزم السوداني نفسه بمبدأ "التقييم" الذي أورده في برنامجه الحكومي، والذي يقضي بتقييم أداء الوزراء خلال ستة أشهر من عمر حكومته.

ألقى السوداني الكرة في ملعب القوى السياسية الشيعية الداعمة لمحمود المشهداني لرئاسة البرلمان

وفي كلمة وجّهها إلى العراقيين في الثامن من سبتمبر، أكد السوداني التزامه بملفات عدة تعهد للعراقيين بتنفيذها، مثل مكافحة الفساد والفقر، والمضي بالخدمات الرئيسية، كالماء والكهرباء، وإنهاء دور التحالف الدولي في العراق، وذكر أن الحكومة تنتظر حسم أزمة رئاسة البرلمان من أجل التقدم إلى مجلس النواب لإقرار التعديل الوزاري المبني على تقييم أداء الوزراء في حكومته.

هذا الإعلان اعتبر مراقبون أنه جزء من أوراق السوداني السياسية ضد خصومه في "الإطار التنسيقي"، بمعنى آخر أن التعديل الحكومي مقابل رئيس جديد للبرلمان. وهذا يعني إلقاء الكرة في ملعب القوى السياسية الشيعية الداعمة لمحمود المشهداني لرئاسة البرلمان، وهو الترشيح الذي تتحفظ عليه قوى سياسية سنية كثيرة تدعم سالم العيساوي.

وقال مستشار الشؤون السياسية لرئيس الوزراء العراقي سبهان الملا جياد، في حديث مقتضب لـ"العربي الجديد"، إن السوداني "عازم وجاد بإجراء تعديل وزاري قريب"، مضيفاً أن الهدف من التعديل الوزاري "تطوير عمل الحكومة وتنفيذ المنهاج الوزاري بالكامل"، متحدثاً عن "عدم وجود أي استهداف سياسي من خلال هذا التعديل".

وفي إبريل/ نيسان 2023، خرج أول إعلان رسمي من السوداني بشأن عزمه على المضي في إجراء التعديل الحكومي في العراق، الذي قال عنه إنه سيكون "في الوقت المناسب". وأضاف السوداني: "نتعامل مع الوزراء بشكل واضح وصريح بشأن تقييم عملهم مهنياً، والدستور يمنح رئيس الوزراء صلاحية إعفاء الوزير المقصّر". حديث السوداني جاء بعد إعلان منح المسؤولين في الدولة مهلة ستة أشهر، ليتم بعدها تقييم عملهم في ضوء تنفيذ البرنامج الحكومي، والتزامهم بمحاوره الأساسية وأولوياته، إذ تم تشكيل لجنة لتقييم الأداء. وأكد السوداني أنه "ستكون هناك تغييرات لكلّ من يثبت عليه خلل إداري أو فساد".

لكن عضو التحالف الحاكم (الإطار التنسيقي)، عائد الهلالي، قال لـ"العربي الجديد"، إن هناك ضغوطاً سياسية من قبل أطراف داخل الإطار التنسيقي لمنع إجراء أي تعديل وزاري. وعزا الهلالي ذلك إلى "وجود حماية سياسية لبعض الوزراء على الرغم من وجود مؤاخذات على عملهم، لكن السوداني عازم وجاد في إجراء تعديل وزاري خلال المرحلة القريبة المقبلة". وبشأن رهن السوداني التعديل باختيار رئيس جديد للبرلمان، قال الهلالي: "يُدرك (السوداني) جيداً أن تقديمه تعديلاً وزارياً سيخلق له مشاكل سياسية، ولهذا يريد حل مشكلة وأزمة رئاسة مجلس النواب العراقي، لأن هناك أطرافاً سياسية سنّية تريد التنازل عن بعض الحقائب الوزارية مقابل منحها رئاسة البرلمان، وهذا أيضاً يمنع السوداني من إجراء أي تعديل من دون حسم هذا الأمر، حتى يعرف أي الوزارات ستكون من حصة أي طرف سياسي، كي يقدم البدلاء عن الوزراء الذين ينوي تغييرهم".

محمد علي الحكيم: يدرك السوداني أن الأمور تسير نحو الإبقاء على محسن المندلاوي إلى حين انتهاء الدورة البرلمانية

وتحدث الهلالي عن أن "التعديل الوزاري المرتقب سيتم على مرحلتين أو أكثر"، مضيفاً أن "بقاء أزمة رئاسة البرلمان من دون حلول سيدفع السوداني إلى تقديم التعديل للبرلمان للتصويت عليه، وعلى القوى السياسية تقديم بدلاء عن وزرائهم الذين سيشملهم التغيير قريباً".

بدوره، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، لـ"العربي الجديد"، إن حزبه الذي يتزعمه مسعود البارزاني "داعم وبقوة" لمسألة التعديل الوزاري. وأضاف كريم أن السوداني كان يريد إجراء هذا التعديل الوزاري "منذ فترة طويلة، لكن ضغوطاً سياسية عليه منعت ذلك، إضافة إلى مشاكل سياسية واقتصادية مرّ بها العراق أجّلت الملف". واعتبر أن هناك وزراء في حكومة السوداني "يستحقون التغيير كونهم أخفقوا بشكل واضح في تنفيذ البرنامج الوزاري، وهناك مؤشرات إلى ذلك من قبل رئيس الوزراء والقوى السياسية، لكن على الرغم من تلك الإخفاقات والفشل، البعض يريد استمرارهم، وهذا أمر متعمد، حتى لا تحسب أي إنجازات جديدة للسوداني، والتي لا تريدها أطراف من داخل الإطار التنسيقي".

أزمة برلمان العراق طويلة

أما الباحث في الشأن السياسي العراقي محمد علي الحكيم، فرأى في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك صراعاً ما بين السوداني وأطراف داخل الإطار التنسيقي يمنعه من إجراء أي تعديل وزاري منذ فترة طويلة، وهذا الصراع تطور بشكل كبير بعد الأحداث الأخيرة خصوصاً المتعلقة بكشف شبكة التنصت، وهو ما دفع السوداني مجدداً إلى طرح موضوع التعديل الوزاري كورقة ضغط على تلك الأطراف التي بدأت تُصعّد بشكل واضح خطابها ضده في الإعلام".

عائد الهلالي: هناك حماية سياسية لبعض الوزراء على الرغم من وجود مؤاخذات على عملهم

وبيّن الحكيم أنه "في الوقت نفسه، يخشى السوداني إجراء أي تعديل وزاري، فهو يدرك جيداً أن هذا الأمر سوف يفتح المواجهة السياسية المباشرة بينه وبين أطراف سياسية داخل الإطار التنسيقي وخارجه، ولهذا السبب فهو يحاول إلقاء مسؤولية عدم إجراء هذا التعديل على أزمة رئاسة مجلس النواب، إذ يدرك أن هذه الأزمة لن يكون لها حلّ قريب والأمور تسير نحو الإبقاء على محسن المندلاوي إلى حين انتهاء الدورة البرلمانية، وهذا الأمر عليه شبه اتفاق غير معلن ما بين أطراف في الإطار وحزب تقدم (التابع لرئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي)". وتوقع الباحث السياسي أن تبقى حكومة السوداني "على وضعها الحالي من دون إجراء أي تعديل بسبب الأوضاع السياسية في العراق حالياً، خصوصاً أن بعض الكتل والأحزاب ربما ترفض تقديم بدلاء عن الوزراء، ما يعني وجود حقائب وزارية شاغرة، وهو ما ستكون له أيضاً تداعيات سلبية على العمل والأداء الحكومي بصورة عامة، ولهذا السبب فإن السوداني لا يستطيع إجراء التعديل منذ أشهر طويلة".

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون