يعتزم النواب المستقلون في البرلمان العراقي، عقد اجتماع مهم خلال الساعات المقبلة من اليوم الأحد، لبحث المبادرتين اللتين طرحهما زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، وتحالف "الإطار التنسيقي". وفيما عرض المعسكران على النواب المستقلين، البالغ عددهم 48 نائباً، تسمية رئيس الحكومة الجديد، اشترط "الإطار التنسيقي" أن يكون ذلك بمباركة وقبول منه على اسم المرشح، بينما عرضت مبادرة الصدر أن تكون تسمية مرشحهم للحكومة من خلال تحالفه حصراً (إنقاذ وطن).
ولم يصدر عن القوى المدنية والنواب المستقلين أي موقف موحد تجاه هاتين المبادرتين، وسط خلافات وانقسام بين كونهما عرضين غير جديَّين من تلك القوى، وثمة آخرون يعتبرون أنها محاولة إشراك هذه القوى بالأزمة واعتبارهم جزءاً منها.
وقالت مصادر سياسية مطلعة في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "عدداً كبيراً من النواب المستقلين سيجتمعون بعد ساعات في بغداد، لبحث مبادرة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ومبادرة الإطار التنسيقي، بشأن الانسداد السياسي، بهدف توحيد النواب في جبهة واحدة، والذهاب مع إحدى المبادرتين".
ولفتت المصادر إلى أن "عدد النواب، الذين يجتمعون في العاصمة بغداد، من المرجح أن يتجاوز الـ(35) نائباً، كذلك هناك اجتماعات لنواب مستقلين ستجري في بعض المحافظات، من الذين لم يشاركوا في اجتماع بغداد".
وبينت أنه "حتى اللحظة هناك انقسام كبير في مواقف النواب المستقلين ومدى قربهم من أيٍّ من طرفي الأزمة (التيار الصدري والإطار التنسيقي)، والاستمرار على هذا الانقسام، يعني استمرار الأزمة، دون أي حلول".
بدوره، أكد النائب المستقل ياسر إسكندر وتوت، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "اجتماعاً مهماً سيعقد اليوم، للنواب المستقلين، لبحث ومناقشة مبادرة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ومبادرة الإطار التنسيقي، بشأن الانسداد السياسي، ومحاولة توحيد مواقف النواب تجاه الأزمة، مع وجود انقسام في مواقف النواب طوال الفترة الماضية والحالية".
وكشف وتوت أن "المستقلين سيناقشون فكرة أن يكون للنواب المستقلين دور في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، وكذلك أخذ ضمانات حقيقية لعدم تهميش دور هؤلاء النواب، في حال ذهابهم مع أي طرف، فهناك خشية من عدم التزام الاتفاقات مع القوى السياسية التقليدية".
من جهته، قال النائب المستقل عدنان الجابري، في تصريح صحافي، إن "أغلب النواب المستقلين سيعقدون اليوم اجتماعاً للمداولة فيما بينهم حول المبادرتين الأخيرتين اللتين طرحتهما قوى الإطار التنسيقي والصدريون، وخصوصاً أن أغلبهم يميلون للذهاب صوب المعارضة، فيما يرى آخرون أن التصدي للمشهد السياسي وتشكيل حكومة وطنية مستقلة تلبي طموح الشارع، لكن وفق مطالب قد لا تروق أصحاب المبادرة".
وأوضح الجابري أننا "نسعى لإصلاح شامل لجميع الرئاسات، بما فيها رئاسة البرلمان، إلى جانب سحب مرشحي رئاسة الجمهورية، وبخلافه أي إصلاح يكون جزئياً لن نذهب معه، كما أنه لا بد للمستقلين من تحمل المسؤولية وذلك بالخروج بورقة عمل أو مبادرة تقدم لجميع القوى والكتل السياسية، التي نأمل أن تحل التأزم السياسي".
ورأى أن "ليس من السهولة بمكان لملمة المستقلين وتوحيد رؤاهم في توجههم، على اعتبار أن لكل منهم رأيه الخاص أو موقفه"، مشيراً إلى أن "بعض النواب سبق أن حددوا مواقفهم، باعتبارهم حضروا جلسات انتخاب لرئيس الجمهورية غير مكتملة النصاب، ومجموعهم لا يتجاوز 25 نائباً، تسعة من حركة امتداد، ومثلهم من الجيل الجديد، وأربعة مستقلون، واثنان من حركة تصميم".
وأشار إلى أن "المستقلين الآخرين الذين يزيد عددهم على 17 نائباً، هم من يؤيدون التغيير الشامل وتصحيح مسار العملية السياسية بالمجمل وليس فقط الكابينة الوزارية، وأيضاً يبحثون ويرغبون بتحديد مساحة صلاحيات رئيس مجلس الوزراء الذي سيكلف تشكيل الحكومة واختيار وزارته وفق معايير محددة".
وختم النائب المستقل قائلاً إن "تحقيق مطلب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وفق مبادرته الأخيرة بتشكيل كتلة نيابية من المستقلين لا تقل عن 40 نائباً يُعَد من الصعب المستصعب".
وفي الشأن، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن "حل الأزمة السياسية، لا يمكن من خلال النواب المستقلين، وخصوصاً مع وجود انقسام كبير في مواقف هؤلاء النواب وتوجهاتهم، ولا نعتقد أن هناك أي إمكانية لجمع غالبية النواب المستقلين في تحالف أو كتلة واحدة".
وبيّن الشريفي أن "حل الأزمة السياسي يكون من خلال الاتفاق بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والإطار التنسيقي، وبخلاف ذلك فإن الأزمة ستطول وتستمر دون أي حلول، والمهلة التي منحها الصدر للنواب المستقلين ستنتهي قريباً دون أي نتائج، كحال المهلة التي منحها للإطار التنسيقي قبل شهر رمضان".
وأضاف أن "الفاعل الدولي، خلال الفترة الماضية، عاد نشاطه وتحركاته من أجل إيجاد وساطات جديدة لغرض وصول التيار الصدري والإطار التنسيقي إلى حلول ترضي الطرفين، وتدفعهم نحو تشكيل الحكومة الجديدة، لكن نعتقد أن هذا الأمر سيطول أيضاً".
وتكتسب أهمية النواب المستقلين، البالغ عددهم أكثر من 40 نائباً، في كونهم طرفاً قد يرجح كفة أحد طرفي الأزمة السياسية في العراق، لكن مع ذلك هناك انقسام حاد بينهم بخصوص حضور جلسة البرلمان الخاصة بتسمية رئيس الجمهورية وإكمال نصابها القانوني أو مقاطعتها.
ويرفض عدد من النواب المستقلين محاولات تحويلهم إلى أرقام تكمل عدداً داخل البرلمان، بهدف تغليب أحد طرفي الأزمة، ويطرحون رؤية مختلفة للأزمة الحالية بتسمية رئيس وزراء مستقل، وسط استمرار مساعي محوري الصراع تحالف "إنقاذ وطن" وتحالف "الإطار التنسيقي"، لكسب تأييدهم.
وأصبح حضورهم للبرلمان أمراً حاسماً بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا، الذي نص على أنّ اختيار رئيس الجمهورية، لا يصح إلا عبر تصويت ثلثي عدد نواب البرلمان، البالغ 220 نائباً، وهو أمر لم يستطع تحقيقه أي من المحورين، من دون أصوات المستقلين.