- السوداني التقى بمسؤولين أمريكيين بارزين، بمن فيهم الرئيس بايدن، ومن المتوقع أن يقدم توضيحات حول نتائج الزيارة للبرلمان العراقي، وسط تصورات بأن الزيارة لم تحقق تقدماً في مسألة القوات الأمريكية.
- النقاش حول الوجود الأمريكي في العراق يستمر كموضوع حساس ومعقد، مع استمرار العمل بين اللجان الفنية والأمنية المشتركة بين بغداد وواشنطن، مما قد يؤدي إلى تطورات إيجابية مستقبلية.
لم تفض زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى واشنطن لأي نتائج حاسمة بشأن ملف خروج القوات الأميركية من العراق، وهو المطلب الأساسي لحلفاء إيران، من قوى سياسية وجماعات مسلحة، بل على العكس تماماً، وردت إشارات في البيان العراقي الأميركي المشترك إلى تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، دون أي إشارة لأي انسحاب عسكري أو إنهاء مهام التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن.
وشهدت زيارة السوداني إلى واشنطن، المستمرة منذ الثلاثاء الماضي، اجتماعات مع مسؤولين أميركيين ورؤساء شركات وأعضاء في الكونغرس، كان أبرزها الاجتماع في البيت الأبيض مع الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن. واليوم الجمعة، قال عضو البرلمان العراقي علاء الركابي، إنه تم إكمال طلب لاستضافة رئيس الوزراء والوفد الوزاري المصاحب له إلى واشنطن، في البرلمان، بعد أن يعودوا من الولايات المتحدة لتقديم إيضاح"، في إشارة إلى مخرجات زيارتهم إلى الولايات المتحدة.
من جانبه، قال علي الفتلاوي القيادي في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، إن "الإدارة الأميركية لم تفصح بشكل مباشر للوفد العراقي عن أنها ستعمل على سحب قواتها من العراق، وهذا يبين أن هناك عدم وضوح بهذا الموضوع"، معتبرا أن "الرئيس الأميركي تهرب من طرح موقفه من انسحاب قواته، أثناء لقائه رئيس الوزراء محمد السوداني". بالمقابل، اعتبر النائب في البرلمان العراقي سجاد سالم، أن عدم حسم ملف إخراج القوات الأميركية خلال زيارة السوداني "كان أمراً متوقعاً"، مضيفاً أن "واشنطن لا تفكر حتى في الانسحاب من العراق، كما أن الأطراف السياسية في الإطار التنسيقي وكذلك الحكومة، تدرك خطورة الانسحاب الأميركي بهذا التوقيت، ولما له من تداعيات اقتصادية وكذلك أمنية وحتى سياسية، ولهذا السوداني لم يبحث بهذا الملف، بل أراد من خلال زيارته الحصول على الدعم الأميركي على مختلف الأصعدة، والمواقف والبيانات الرسمية كانت واضحة"، وفقاً لقوله.
لكن النائب عن الإطار التنسيقي الحاكم في العراق ثائر الجبوري، برر في حديث إلى "العربي الجديد"، عدم حسم أي ملف في زيارة السوداني إلى واشنطن بالقول إنّ "الولايات المتحدة تستخدم أوراق الضغط تجاه العراق ـ العسكرية والاقتصادية والسياسية، ولهذا نحن دائماً نؤكد على ضرورة تحرر العراق من هيمنة الدولار الأميركي وكذلك تنويع مصادر التسليح وعدم الاعتماد على السلاح الأميركي، حتى لا تكون تلك أوراق ضغط". وبيّن الجبوري أن "إخراج القوات الأميركية من العراق وإنهاء مهام التحالف الدولي، تعمل عليهما اللجان الفنية والأمنية المشتركة ما بين بغداد وواشنطن وهذا الأمر أكده السوداني خلال اجتماعاته في البيت الأبيض، وعمل تلك اللجان مستمر ومتواصل وقد نلمس شيئاً إيجابياً خلال المرحلة المقبلة، فلا نقبل أي تسويف بهذا الملف". وأضاف أن "الضغط السياسي وحتى الشعبي سيبقى مستمراً ومتصاعداً من أجل الإسراع بحسم ملف إخراج القوات الأميركية، خاصة أن هذا الملف لا يمكن حسمه خلال زيارة السوداني، بل يحتاج إلى وقت من أجل إكمال اللجان الفنية والأمنية المشتركة عملها وتقديم تقارير مهنية عسكرية إلى الجهات العليا للاطلاع عليها ثم تقدير الموقف".
ووصل السوداني إلى واشنطن في 14 إبريل/ نيسان الحالي، برفقة وفد مكوّن من 135 شخصاً من مسؤولين حكوميين ومستشارين. وأعلن خلال لقائه الرئيس بايدن في البيت الأبيض، الانتقال من العلاقة العسكرية إلى الشراكة الكاملة مع واشنطن، دون أن يوضح معنى الشراكة الكاملة مع واشنطن. وقال: "زيارتنا إلى واشنطن تأتي في وقت حساس ودقيق، ولها أهمية في تأريخ العلاقة بين البلدين"، مضيفاً أنّه "يجري العمل على الانتقال من العلاقة العسكرية إلى الشراكة الكاملة مع الولايات المتّحدة". فيما أكّد الرئيس الأميركي أهمية الشراكة مع بغداد وأثرها في الشرق الأوسط".
من جهته، قال مسؤول في جماعة "كتائب سيد الشهداء"، أبرز الفصائل المسلحة الحليفة لإيران في العراق، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الفصائل غير راضية على مخرجات اجتماعات السوداني في واشنطن كونها لم تحسم ملف الوجود الأميركي، بل عززت هذا الوجود وأكدت ضرورة استمرار التنسيق الأمني والعسكري مع واشنطن دون التطرق لأي خطوة نحو إخراج تلك القوات". وبين المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "قادة هيئة تنسيقية المقاومة وجهوا كافة الفصائل والمتحدثين الرسميين بالصمت الإعلامي لحين عودة السوداني من واشنطن والاجتماع معه لمعرفة تفاصيل تلك الزيارة وما يتعلق بملف الوجود الأميركي وإنهاء مهام التحالف الدولي، وبعدها سيكون للهيئة موقف من الزيارة وكذلك الوجود الأميركي بعد إخفاق السوداني بحسم هذا الملف عبر الأطر الدبلوماسية".
بالمقابل، قال الباحث في الشأن السياسي والأمني مخلد حازم، لـ"العربي الجديد"، إن "جدول أعمال السوداني خلال اجتماعاته في واشنطن كان خالياً تماماً من أي محاور نقاش بشأن إنهاء مهام التحالف الدولي، كما أن الجانب الأميركي لا يريد الانسحاب بل يريد تغيير مسمى وجوده في العراق من التحالف الدولي إلى عنوان الشركة الثنائية". وأضاف أن "السوداني بحث في واشنطن تفعيل بنود اتفاقية الإطار الاستراتيجي غير الأمنية والعسكرية، والتي تخص الطاقة والاستثمارات والصحة والتعليم والثقافة وغيرها، فالوضع الأمني كان هامشياً في بعض اجتماعات وفد العراق مع المسؤولين الأميركيين". وأكد أنه "رغم الضغوطات السياسية ومن الفصائل على السوداني قبل زيارته لواشنطن لحسم ملف الوجود الأميركي، لم يذهب السوداني بهذا الاتجاه، فالرؤية الدبلوماسية الرسمية العراقية تقر بأن العراق ما زال يحتاج التحالف الدولي، وبعد عودة السوداني إلى بغداد سوف يتعرض لضغوطات جديدة من قبل تلك الأطراف السياسية والمسلحة"، معتبراً أن هذا الملف خلال المرحلة المقبلة "سيتغير في المسمى فقط، وهذا الأمر ربما يفتح مشاكل للسوداني وحكومته مع بعض الأطراف السياسية والمسلحة، خاصة أن الإدارة الأميركية ما زالت تملك أوراق ضغط كثيرة اقتصادية وأمنية لبقاء قواتها لفترة أطول في العراق تحت مسميات مختلفة".