تشهد عموم المحافظات العراقية هدوءاً أمنياً نسبياً مع تراجع هجمات تنظيم "داعش"، التي كانت تستهدف القوات الأمنية والمدنيين، خصوصاً في المحافظات المحررة، لا سيما بعد أن نفذ الجيش، بما في ذلك عبر الطيران ضربات نوعية ضد التنظيم.
وعلى الرغم من ذلك تُبقي الأجهزة الأمنية على تأهبها مركزة على الجهود الاستخبارية لمحاولة احباط أي مخطط اعتداء للتنظيم، بالتزامن مع دعوات لإبقاء الضغط الأمني والعسكري على اعتبار أن الاستقرار الأمني "غير ثابت".
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد أصدر توجيهات للقيادات الأمنية، قبل عدة أشهر، بالتأهب وإجراء مراجعات شاملة للخطط العسكرية، مشدداً على تغيير التكتيكات العسكرية المتبعة في المناطق التي تشهد نشاطاً لـ"داعش"، واتباع أساليب غير تقليدية للمواجهة، بهدف إضعاف قدرات عناصر التنظيم والحد من حركاتهم.
تحسين الخفاجي: العمليات النوعية أسهمت بتراجع نشاط التنظيم
عمليات نوعية للحد من نشاط "داعش" بالعراق
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية، اللواء تحسين الخفاجي، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق يشهد حالياً استقراراً أمنياً كبيراً، وهذا الاستقرار جاء بعد الضربات النوعية التي تلقاها تنظيم داعش من سلاح الجو العراقي والعمليات النوعية البرية". وبين أن "هناك تطورا وتقدما كبيرا بالعمليات النوعية، فهذه العمليات أسهمت بتراجع كبير بنشاط التنظيم".
وأضاف الخفاجي أن "الأجهزة الأمنية بكل صنوفها شهدت تطوراً كبيراً بالجهد الاستخباراتي والمعلوماتي، وهذا الأمر أدى إلى الاستقرار الأمني الكبير، فالقوات الأمنية تتحرك نحو الخلايا الإرهابية"، مبيناً أنه "يتم إحباط الكثير من العمليات والتحركات الإرهابية قبل وقوعها بفضل الجهد الاستخباراتي".
وأكد أن "العمليات العسكرية البرية لملاحقة ما تبقى من خلايا داعش مستمرة، وكذلك الضربات الجوية النوعية على أهداف مهمة واستراتيجية للتنظيم. كما أن عملية متابعة قيادات تنظيم داعش الخطيرة والبارزة متواصلة من قبل جهاز المخابرات الوطني، وهذا ما يدفع نحو الاستقرار الأمني".
من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية وعد القدو، لـ"العربي الجديد"، إن "حالة الاستقرار السياسي التي يشهدها العراق منذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني وحتى اللحظة، دفعت إلى حالة من الاستقرار الأمني، خصوصاً أن الاستقرار السياسي يمنع أي ثغرات للإرهابيين للتحرك واستغلال الظروف السياسية، التي لها انعكاسات بما لا يقبل الشك على الملف الأمني".
وبين القدو أن "حكومة السوداني تولي اهتماماً كبيراً للجهد الاستخباراتي، ولهذا هي تعتمد بالدرجة الأساس على ملاحقة خلايا تنظيم داعش، من خلال العمليات النوعية البرية وعمليات الإنزال وضربات جوية نوعية، بدل العمليات العسكرية التي ربما لا تقدم أي منجز، غير استهلاك قوة القوات الأمنية. فالعمليات النوعية هي أساس الاستقرار الأمني، وهي تحبط كل المخططات الإرهابية قبل وقوعها".
عدنان الكناني: حالة الاستقرار الأمني التي يشهدها العراق غير ثابتة
وأضاف أنه "رغم حالة الاستقرار الأمني، والتراجع الكبير لخطر تنظيم داعش"، فإن هذا "لا يعني نهاية الإرهاب والإرهابيين في العراق، ويجب عدم فسح أي مجال لهم للتحرك وشن العمليات"، بل يجب مواصلة الضغط الأمني والعسكري على الخلايا النائمة، خصوصاً أنها تعمل على شن هجمات بين حين وآخر على القطعات العسكرية، من أجل إيصال رسائل بأنها ما زالت موجودة وتمتلك زمام المبادرة".
تراجع نشاط "داعش" بنسبة 90 %
وكان عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ياسر إسكندر وتوت أكد، في تصريحات صحافية أمس الأول الثلاثاء، أن "نشاط خلايا داعش تراجع بنسبة 90% خلال النصف الأول من 2023، إلا أن خطر التنظيم لم ينته، إذ إن هناك خلايا مبعثرة". وشدد على "تعزيز الجهد الاستخباري بشكل دائم، لأننا أمام خلايا تستغل أية فرصة لضرب أهداف مدنية وعسكرية".
حالة الاستقرار في العراق "غير ثابتة"
في المقابل، قال الخبير في الشأن الأمني العميد المتقاعد عدنان الكناني، لـ"العربي الجديد"، إن "حالة الاستقرار الأمني التي يشهدها العراق، غير ثابتة، بسبب وجود خلايا إرهابية ما زالت تعمل على إرباك الوضع الأمني، خصوصاً في مناطق صلاح الدين وكركوك، وبعض مناطق ديالى، وكذلك في خواصر العاصمة بغداد ومنها منطقة الطارمية، فهذه المناطق ما زالت تشهد عمليات إرهابية بين حين وآخر، رغم كل العمليات الأمنية والعسكرية".
وشدد على أن "تراجع نشاط داعش مؤقت، فهذا التنظيم يعمل على سياسة الكر والفر واستغلال الفرص والثغرات، فهو لا يركز مثل السابق على احتلال المناطق، ولهذا يشن ضرباته بعد تراخي القوات الأمنية في بعض قواطع العمليات التي تشهد استقراراً نسبياً، ولهذا يجب استمرار أخذ الحيطة والحذر، ومتابعة خلايا هذا التنظيم خصوصاً في المناطق الصحراوية والجبلية والزراعية، التي تعد منطلقاً لكل عملياته".
ودعا الكناني إلى "ضرورة تطوير القدرات القتالية للقوات الأمنية كافة مع تطوير الجهد الاستخباراتي وشراء معدات عسكرية متطورة، لضمان حالة الاستقرار الأمني". واعتبر أن "هناك تقصيراً واضحاً وكبيراً في ملف التسليح، خصوصاً أجهزة الرصد والرقابة الليلية، يقابله امتلاك عناصر تنظيم داعش أسلحة وأجهزة أكثر تطوراً من أسلحة القوات العسكرية، ولهذا دائماً ما تشن عملياتها في الليل".
وكثّف الأمن العراقي أخيراً العمل الاستخباري بمتابعة وتحديد تحركات عناصر تنظيم "داعش" في عموم المحافظات العراقية، ضمن استراتيجية أمنية جديدة جرى اعتمادها بالتوازي مع التحرك الميداني، وهو ما نجم عنه تراجع واضح في أعمال العنف والهجمات التي كانت قد نشطت مع مطلع العام الحالي.