نظمت أحزاب سياسية وأخرى مدعومة من فصائل "الحشد الشعبي"، تظاهرات الإثنين في مدينة كركوك شمالي العراق، رفضاً لقرار أصدرته حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يقضي بإعادة تسليم أحد مقرات الحزب "الديمقراطي الكردستاني" في المدينة إلى الحزب بعد أكثر من 3 سنوات على إخلائه وتحويله إلى مقر عسكري لقوات الجيش العراقي، التي استعادت السيطرة على المدينة بحملة عسكرية ضخمة نهاية عام 2017، رداً على تنظيم أربيل استفتاءً للانفصال عن العراق، أشركت فيه بلدات ومدنا تتنازع على ادارتها مع بغداد، من بينها كركوك.
وخلال التظاهرة التي قطع فيها المحتجون على القرار طريقاً رئيساً يربط كركوك بمدينة أربيل، وقع انفجاران متزامنان، نجما عن قنابل صوتية قرب المتظاهرين.
واتخذت القوات الأمنية، صباح اليوم الثلاثاء، إجراءات مشددة في عدد من مناطق المدينة، سيما قرب مقر الحزب "الديمقراطي الكردستاني" الذي يراد إعادته للحزب وإخلاء قوات الجيش منه.
وتعارض قوى سياسية بعضها مرتبط بـ"الحشد الشعبي"، عودة الحزب "الديمقراطي" للمدينة، متهمة إياه بقيادة عنصرية للمحافظة خلال سيطرة قوات البيشمركة على كركوك لسنوات عدة برئاسة المحافظ السابق نجم الدين كريم الذي توفي قبل أشهر في الولايات المتحدة الأميركية.
وقال مسؤول أمني عراقي في كركوك (250 كيلومتراً شمالي بغداد)، إن التوجيهات الصادرة عن المحافظ بالوكالة راكان الجبوري تقضي بنشر القوات الأمنية ومنع أي احتكاك من نوعه بين جمهور الأحزاب وأنصارهم لوجود خشية من محاولات تصعيد بأعمال عنف في المدينة.
وأكد المسؤول مفضّلاً عدم كشف هويته، لـ"العربي الجديد"، أن "القوات الأمنية نشرت العشرات من عناصرها الأمنية بعدد من الشوارع، وقرب مقر قيادة العمليات المشتركة، وهو نفسه المقر السابق للحزب "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، كما أن اجتماعاً سيعقد اليوم في إدارة المحافظة لأجل بحث الأزمة"، مشيراً إلى أن "هناك وعوداً حكومية بالتراجع عن قرار إعادة المبنى التابع للحزب، وإبقاء قيادة العمليات العراقية المشتركة فيه".
من جهته، لم يخف الجانب الكردي مخاوفه من إمكانية استغلال الموقف من قبل بعض الأطراف لتحقيق أهداف سياسية من خلال إرباك أمن المحافظة، وقال النائب عن الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، فارس البيرفكاني، لـ"العربي الجديد"، إن "التظاهرات التي خرجت هي تظاهرات سياسية وذات أهداف تسعى لعرقلة إمكانية التطبيع في المحافظة، ومنع التعايش السلمي فيها".
وحذر من أن "هناك جهات عديدة تسعى لضرب النسيج الاجتماعي في المحافظة واستغلال الظرف لتنفيذ تفجيرات وعمليات استهداف لتحقيق أجنداتها، ويجب أن نكون حذرين من تلك التحركات، وعدم إعطائها الفرصة لإرباك أمن المحافظة"، مؤكداً أنْ "سنسعى لأن يكون هناك اتفاق وتفاهم بشأن أزمات المحافظة، لأجل التعايش السلمي وخوض الانتخابات".
وشدد على "أننا ككرد لدينا قاعدة شعبية وتاريخية في كركوك، ويجب أن يكون لنا حضور فيها، ولا يمكن منعنا من هذا الحق".
أما النائب عن الحزب ذاته نهرو الراوندوزي، فأكد أنه ليس من حق أي جهة سياسية فرض إرادتها على كركوك، ومنع القرارات الحكومية، وقال لـ"العربي الجديد"، إن "كركوك يجب أن تكون لكل المكونات، ولا يحق لأي جهة أن تمنع جهة أخرى من التواجد والعمل فيها".
وشدد على أن "الإرهاب متواجد في كركوك ويحاول استغلال الوضع لإرباك أمن المحافظة. لا يمكن لأي جهة سياسية منعنا من العودة الى كركوك"، داعياً الحكومة لأن "تسعى لتوطيد الأمن في كركوك، وأن تفرض سلطتها على أي جهة تحاول التمرد على القرارات والتفاهمات التي تجري لصالح المحافظة".
وتُعدّ كركوك من أبرز المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل، وبقيت تحت سيطرة القوى الكردية منذ احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية عام 2003، حتى دخول الجيش العراقي نهاية سبتمبر/أيلول عام 2017 على خلفية استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق بما فيه كركوك ومناطق أخرى متنازع عليها.