على الرغم من تحقيق القوات العراقية المشتركة نجاحاً ملحوظاً في عملياتها الأخيرة ضد جيوب وخلايا تنظيم "داعش"، بمناطق واسعة من البلاد، إلا أنّ مسؤولاً أمنياً بارزاً أكد وجود قرار بتمديد العمليات العسكرية الحالية لملاحقة جيوب وبقايا التنظيم حتى إشعار آخر.
وكان لافتاً غياب الغطاء الجوي للتحالف الدولي خلال العمليات التي نفذها الجيش العراقي، إذ تولت مقاتلات "أف 16" العراقية ومروحيات "mi 35" القتالية تأمين تحركات الجيش، وقصف المواقع التي واجه الجيش من خلالها تهديدات في صحراء الأنبار ومناطق شمال وشمال شرقي البلاد، ضمن محور حمرين وجبال قره جوخ.
وفجر اليوم الجمعة، أعلنت مصادر أمنية عراقية مقتل جندي في الجيش وإصابة اثنين آخرين، في هجوم لعناصر تنظيم "داعش" بأطراف بلدة جلولاء شمال شرقي محافظة ديالى، استهدف نقطة مراقبة تابعة للجيش.
وكشف مسؤول عسكري عراقي في بغداد، خلال حديث مع "العربي الجديد"، عن وجود قرار بتمديد العمليات العسكرية الحالية لملاحقة جيوب وبقايا التنظيم حتى إشعار آخر، مؤكداً أنّ أغلب عمليات التنظيم كانت عبارة عن هجمات سريعة استهدفت قوات أمنية أو مواقع حكومية وقرى نائية، فيما استغل التنظيم العواصف الترابية التي تكررت كثيراً خلال الشهر الماضي لتنفيذ هجماته.
وقال المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إنّ القوات العراقية بدأت بتنفيذ استراتيجية جديدة في أغلب المناطق التي شهدت هجمات، تتضمن إشراك فعاليات وجهات أمنية ومحلية بتحصيل المعلومات الاستخبارية، وعزل المناطق الجبلية والصحراوية عن المدن، وتكثيف عنصر المباغتة في عمليات التفتيش المفاجئة وحواجز التفتيش المتنقلة.
وكشف عن عقد اجتماعات مع ممثلي التحالف الدولي في العراق، حيال ملف ضبط الحدود مع سورية "الذي يمثل تحدياً أمنياً كبيراً بالنسبة للعراق".
وتواصل القوات العراقية المدعومة بغطاء جوي واسع، منذ أكثر من أسبوعين، عمليات "الإرادة الصلبة" في مناطق غرب وشمال العراق ضمن صحراء الأنبار المتاخمة لحدود ثلاث دول؛ وهي السعودية والأردن وسورية، ومناطق في صلاح الدين وكركوك وجنوب الموصل وشمال شرقي ديالى، بهدف تعقب مخابئ وخلايا تنظيم "داعش".
ومنذ بدء العمليات العسكرية التي تشارك بها عدة تشكيلات عراقية، كشفت بيانات رسمية صادرة عن بغداد، عن تفكيك عدد من الشبكات والخلايا التابعة لتنظيم "داعش"، فضلاً عن مقتل العديد منهم وتدمير أوكار ومخابئ أسلحة، وإحباط اعتداءات بينها هجومان انتحاريان قرب بغداد وجنوبي الموصل.
وحول المشهد الأمني في البلاد، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان السابق كريم عليوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ القوات العراقية "أمام تحدٍ أمني جديد"، معرباً عن أمله في أن تنجح بمواصلة جهود مكافحة بقايا التنظيم، معتبراً أنّ تكثيف الجهود الاستخبارية في الوقت الحالي "هو الأهم في المعركة، إذ إنّ استمرار الخروقات الأمنية، وإن كانت صغيرة، ينذر بهجمات أكبر"، بحسب قوله.
من جانبه، كشف النائب في البرلمان ياسر وتوت، في حديث مع "العربي الجديد"، عن نية البرلمان استضافة قيادات أمنية بعد انتهاء عطلة عيد الفطر لمناقشة مجمل الأوضاع الأمنية والهجمات الأخيرة.
وأضاف وتوت أنّ هذه الخطوة "تأتي بهدف الاستماع إلى تقييم القيادات الأمنية والاطلاع على سبب تكرار الهجمات في بعض المناطق والمعالجات اللازمة، حيث من المقرر أن تصدر توصيات من البرلمان أيضاً بشأن ذلك".
بدوره، قال الخبير في الشأن الأمني العراقي أحمد الشريفي لـ"العربي الجديد"، إنّ هجمات "داعش" الأخيرة، جاءت بعد "تضييق الخناق على خلايا التنظيم"، موضحاً أنّ عناصر التنظيم لجأوا إلى شنّ هجمات في القرى والطرق الخارجية "كونها أكثر سهولة وتمكنهم من الانسحاب بسرعة بعد تنفيذ الهجمات".
وبيّن أنّ "ملاحقة خلايا التنظيم في المناطق الصحراوية والجبلية لا تحتاج إلى عمليات عسكرية برية، بل هي بحاجة إلى جهد استخباراتي عالي المستوى، إضافة إلى ضربات جوية نوعية، تنهي أي مضافات ومخابئ لهذه الخلايا (...) العمليات العسكرية بدون معلومات استخبارية غير كافية".
وأعلن العراق عام 2017 عن تحقيق النصر على "داعش" باستعادة كامل أراضيه التي كانت تقدر بنحو ثلث مساحة البلاد بعد أن اجتاحها التنظيم في صيف 2014، إلا أنّ التنظيم ما زال يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة بالعراق، ويشنّ هجمات بين فترات متباينة شمال وغربي البلاد، فضلاً عن محيط العاصمة بغداد.
ومنذ مطلع العام الحالي، كثّفت القوات العراقية عمليات التمشيط والمداهمة لملاحقة فلول "داعش"، بالتزامن مع تزايد وتيرة هجمات التنظيم، لا سيما في المنطقة بين كركوك وصلاح الدين وديالى المعروفة باسم "مثلث الموت".