أثارت عودة التيار الصدري أخيراً للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، جدلاً مبكراً بشأن "الكتلة الأكبر" التي يحق لها تشكيل الحكومة بعد إعلان نتائج الانتخابات، إذ استبق التيار الصدري النتائج، مؤكداً أنّ منصب رئاسة الوزراء سيكون من حقه، لكونه سيحقق شرط "الكتلة الأكبر"، فيما أكد سياسيون أن البلاد ستكون أمام أزمة وخلاف قانوني جديد.
وعلى مدى الدورات البرلمانية السابقة، سبّب تفسير البند الدستوري المتعلق بأحقية الكتلة الأكبر في البرلمان في تشكيل الحكومة خلافات واسعة أدت إلى تأخير تشكيل عدة حكومات سابقة لأشهر طويلة، بسبب اختلاف تأويلات النص الدستوري، والتفسير الذي قدمته المحكمة الاتحادية بشأن ذلك، وهو أن الكتلة الأكبر ليست الفائزة بأعلى أصوات في الانتخابات، بل الكتلة التي تتشكل داخل البرلمان بأكثر عدد مقاعد.
وما إن أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قرار تراجعه عن المقاطعة، حتى أثار القضية مجدداً، إذ دعا أتباعه إلى ما وصفه بـ"تحشيد مليوني"، خلال التصويت الانتخابي، لإثبات أن التيار هو "الكتلة الأكبر".
والأحد، قال عضو تحالف "سائرون"، التابع للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر النائب صباح العكيلي لـ"العربي الجديد"، إن "منصب رئاسة الوزراء من الأمور المحسومة لنا، وما زلنا نطالب بالمنصب، وهذا حقنا الشرعي ككتلة كبرى"، مضيفاً أن التيار الصدري "يملك ثقلاً سياسياً وشعبياً ومستعد لخوض التنافس الانتخابي بقوة"، مشدداً على أنّ "التيار ليس لديه منافسون من القوى الأخرى، وسنحقق الأعداد التي نطمح لها في الانتخابات".
تمسك التيار الصدري برئاسة الوزراء، جدد المخاوف لدى القوى السياسية الأخرى، من أن البلاد مقبلة على أزمة سياسية جديدة، ستعقب إعلان النتائج، وأن التيار لن يقبل بغير توقعاته المفترضة.
النائب عن "تحالف الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، عباس الزاملي، أكد أن "البلاد على أعتاب خلاف قانوني بشأن الكتلة الأكبر، سيكون بعد إعلان النتائج الانتخابية، ولا سيما في حال فوز التيار الصدري بالانتخابات"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "الملف حرج وقد يكون هناك استفسار جديد سيقدم إلى المحكمة الاتحادية بعد إعلان نتائج الانتخابات، على الرغم من أن المحكمة سبق أن حسمت الموضوع وقررت أن الكتلة الكبرى هي التي يتم تشكيلها في البرلمان".
وأكد الزاملي أن "أي توضيح جديد من المحكمة سيكون مطابقاً لتوضيحها السابق، إلا في حال أن يكون هناك ضغط عليها من الشارع، لاعتماد الكتلة الفائزة بالانتخابات ككتلة كبرى، وهذا يضعنا أمام أزمة خطيرة"، مشدداً على أن "السعي لرئاسة الوزراء من قبل بعض القوى سيفتح علينا باب الأزمات، إذ لا يمكن أن تصرّ بعض القوى على أن تكون رئاسة الوزراء من حصتها".
ودعا إلى أن "يكون هناك انسجام سياسي بشأن ذلك"، مؤكداً القول: "نحن مع تشكيل حكومة ناتجة من القوى السياسية والأحزاب، حتى تتحمل الجهات المشكلة للحكومة لها مسؤولية أي إخفاقات".
إلا أنه أكد أن "بعض القوى السياسية لن تتقبل الخسارة بالانتخابات، ولا ترضى بأي نتائج لا تنسجم مع قراءتها وتوقعاتها، على الرغم من أن جميع التوقعات الحالية ليست دقيقة"، مشدداً على "ضرورة أن تكون القوى السياسية واعية لمتغيرات النتائج، والتي قد تأتي على خلاف التوقعات، ويجب العمل على حفظ العراق وإنتاج برلمان يكون ممثلاً حقيقياً للشعب لأجل إعادة الثقة بالعملية السياسية".
وطالب بأن "تكون هناك مراقبة أممية على الانتخابات، من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، لضمان نزاهتها".
النائب عن ائتلاف الوطنية، عدنان الدنبوس، عدّ موضوع رئاسة الوزراء "ليس عراقياً فقط، بل تحسمه الأجندات الخارجية وليس الكتلة الأكبر".
وقال لـ"العربي الجديد"، إن "جميع القوى، وفي مقدمتها التيار، تطمح إلى الفوز بالانتخابات، حتى إن التيار حدد حصوله على 100 مقعد، وإن رئاسة الوزراء ستكون من حصته"، معتبراً أن "موضوع الكتلة الكبرى ورئاسة الوزراء ليس لها معنى حقيقي، بل هناك توافقات سياسية هي التي تحدد رئاسة الوزراء، وأن هذه التوافقات ليست عراقية حصراً، بل خاضعة لتدخل إيراني وأميركي، وربما تدخل عربي أيضاً".
وشدد الدنبوس على أنّ "من السابق لأوانه حسم الملف، وأن الحديث عن الكتلة الكبرى يضعنا أمام أزمة سياسية جديدة"، مشيراً إلى أن "القوى السياسية تتنافس على رئاسة الوزراء، وهي غير مكترثة لإرادة الشعب الذي أصبح على يقين بأن الحكومة القادمة لن تكون بمستوى الطموح".
وتنص المادة الـ 76 من الدستور العراقي على أن يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً تشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.