قالت ما تعرف بـ"اللجنة التحضيرية للتظاهرات الرافضة لنتائج الانتخابات" في العراق، المنظمة للاحتجاجات المتواصلة قرب المنطقة الخضراء وسط بغداد، إنها قررت تصعيد احتجاجاتها في بغداد ومدن عدة بالبلاد، في مسعى منها لضغط إضافي على مفوضية الانتخابات التي تستعد لإنهاء النظر بالطعون المقدمة لها دون أي مؤشرات على تغييرات في النتائج الحالية.
وتحشد القوى الحليفة لإيران أتباعها بتظاهرات منذ نحو ثلاثة أسابيع وسط بغداد للاحتجاج على ما تصفه بـ"تزوير نتائج الانتخابات"، وهو ما دفع بالسلطات الأمنية الإبقاء على حالة التأهب الأمني التي بدأتها قبل أيام من إجراء الانتخابات في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وذكرت اللجنة، في بيان لها: "ما زالتْ مفوضيةُ الانتخاباتِ تمارسُ دورا مشبوها بالتعاطي مع الطعونِ المقدَّمةِ لها، ونطالبُ مجلسَ القضاءِ الأعلى بالتدخلِ لإنقاذِ البلادِ من خطورةِ ما تسبّبتْ به المفوضيةُ الفاقدةُ لأهليّتِها".
ودعا البيان إلى "الخروجِ بتظاهراتٍ سلميةٍ"، قال إنها "ربّما ستكونُ الأخيرةُ تحتَ عنوانِ (جمعةُ الفرصةِ الأخيرةِ) قبلَ أن نبدأَ مرحلةً تصعيديّةً أخرى".
وتواصل القوى الرافضة لنتائج الانتخابات موقفها في الطعن بنزاهة عملية الاقتراع، والمطالبة بإعادة العد والفرز لجميع المحطات الانتخابية بالعراق، بينما يذهب بعضهم إلى حد المطالبة بإلغاء الانتخابات بشكل كامل، مع استمرار عملية تحشيد المئات من أتباعهم أمام بوابات المنطقة الخضراء في بغداد، مع نصب الخيام والتهديد باقتحام المنطقة المحصنة التي تضم مقرات الحكومة والبرلمان والبعثات الدبلوماسية الغربية، وأبرزها السفارة الأميركية والبريطانية، وبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ومنذ إعلان المفوضية العليا للانتخابات نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من شهر أكتوبر الماضي، أعربت أطراف سياسية مدعومة من طهران، بينها أجنحة سياسية لمليشيات مسلحة، رفضها لتلك النتائج، وبدأت تلوّح بالتصعيد وتحريك جمهورها للنزول إلى الشارع، ثم انطلقت تظاهرات في مناطق ومدن في العراق.
ويخشى مراقبون من أن التصعيد الجديد قد يتجه نحو الاستعراضات العسكرية، لا سيما أن معظم القوى الخاسرة الحليفة لطهران تمتلك المال والسلاح، وكانت قد هددت في أكثر من مناسبة بأن بقاء نتائج الانتخابات على هذا الوضع قد يُعرض "السلم الأهلي" للخطر.
وتواصل "العربي الجديد"، مع عدد من المحتشدين قرب المنطقة الخضراء، وأكد معظمهم أنهم لا يملكون أي فكرة عن خطوات التصعيد المقبلة، وشكلها المستقبلي، إذ إنهم يخضعون لتوجيهات قادة الكتل والفصائل التي ينتمون لها، بينما ذكر آخرون أنهم لا يتوقعون توسيع رقعة الاحتجاجات لتشمل محيط مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية العليا.
من جهته، قال عضو حركة "حقوق" التابعة لمليشيا "كتائب حزب الله"، عباس العرداوي، إنه "ما يزال أمام القوى السياسية المعترضة على نتائج الانتخابات الوقت الكافي للتصعيد باتجاه ما تعلنه مفوضية الانتخابات من نتائج".
وعن أشكال التصعيد المستقبلي، بيَّن العرداوي لـ"العربي الجديد"، أن "جميع أشكال التصعيد لن تصطدم بالقانون العراقي، ومبادئ الاحتجاج السلمي، ولن يكون هناك أي خروقات أمنية".
خيار الاستعراضات العسكرية
لكن الباحث والمحلل السياسي أحمد العبيدي أشار إلى أن "الفصائل المسلحة التي خسرت بالانتخابات قد تلجأ إلى الاستعراضات العسكرية، كما حصل في وقت سابق، وتحديداً حين اعتقل أحد قادة "الحشد الشعبي" قبل عدة أشهر، وهو خيار أخير لدى الفصائل، الأمر الذي قد يؤدي إلى توتر أمني جديد لا تحتمله أي من المناطق العراقية".
ولم يستبعد العبيدي، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "تلجأ القوى الخاسرة إلى اختلاق أزمات أمنية، منها عودة هجمات الكاتيوشا".
العبيدي: القوى الخاسرة قد تجأ إلى اختلاق أزمات أمنية منها عودة هجمات الكاتيوشا
وكانت حددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية نهاية الأسبوع الحالي، للإعلان عن نتائج عملية العد الجديدة للمحطات التي تقرر إعادة فتحها إثر الطعون المقدمة من القوى الخاسرة.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) عن مدير الإعلام والاتصال الجماهيري في مفوضية الانتخابات العراقية حسن سلمان قوله إنّ "هناك احتمالية بإنجاز عملية العد والفرز اليدوي لجميع المحطات المطعون فيها نهاية الأسبوع الحالي"، متوقعاً "تقديم طعون جديدة لعدد من المحطات، بشرط تقديم أدلة للمعترضين بحسب ما أشار إليه قرار مجلس المفوضين".
وأضاف أنّ "عملية العد والفرز اليدوي، وإن امتدت للأسبوع المقبل، فهي تعتبر نهاية فترة تقديم الطعون"، موضحاً أن "هناك فترة لاحقة تتضمن النظر بتوصيات مجلس المفوضين من قبل الهيئة القضائية للانتخابات، والتي تمتد إلى 10 أيام".
وأظهرت نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في البلاد، في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تراجعاً واضحاً للقوى السياسية الحليفة لإيران، إذ خسرت أكثر من ثلثي مقاعدها البرلمانية السابقة، مع صعود واضح لقوى مدنية وشخصيات مستقلة، فيما حافظ التيار الصدري إلى غاية الآن على صدارته لنتائج الانتخابات بواقع 73 مقعداً من أصل 329، بفارق أكثر من النصف عن أقرب منافسيه من الكتل السياسية الشيعية، وهي تحالف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، بينما لم تحقق قوى تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، سوى 17 مقعداً.