كشفت مصادر سياسية عراقية في العاصمة بغداد، اليوم الأربعاء، عن بدء عدة كتل برلمانية بحراك واسع يهدف لإلزام الحكومة بالكشف عن أعداد القوات الأميركية العاملة في البلاد، وكذلك تفاصيل قرار حلف شمال الأطلسي (ناتو) الأخير زيادة عديد قواته في البلاد إلى ثمانية أضعاف، وطبيعة المهام التي ستتولاها.
وقال عضو في البرلمان العراقي عن تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، إن الأيام المقبلة ستشهد استضافة مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي للاستماع إلى شرح مفصّل حول قرار زيادة قوات حلف شمال الأطلسي في العراق وطبيعة عملها، وحقيقة أن الحكومة هي من تقدمت بطلب هذه الزيادة.
ولفت في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن كتلاً عدة في تحالفي "الفتح" و"دولة القانون"، تتحرّك بشأن استصدار قرار جديد في البرلمان، يلزم الحكومة بتقديم موقف رسمي من عدد القوات الأجنبية العاملة في العراق وتحديداً الأميركية، ومناطق انتشارها وطبيعة مهامها الحالية، وكذلك ملف زيادة أعداد قوات الناتو في العراق إلى ثمانية أضعاف العدد الموجود سابقاً.
وأشار إلى أن لجنة الأمن طالبت في وقت سابق بتزويدها بمعلومات، لكن الحكومة تهربت من الإجابة عن الطلب، وفقاً لقوله، متهماً إياها بـ"عدم الوضوح بشأن تعاملها مع ملف القوات الأجنبية الذي نجده سياسيا ويرتبط بالملف الإيراني أكثر من كونه لتدريب القوات العراقية او محاربة الإرهاب".
وكان مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي قد أوضح في وقت سابق أن حلف شمال الأطلسي يعمل بموافقة الحكومة وبالتنسيق معها، واصفاً عمل الناتو في العراق بأنه مهمة استشارية وليست قتالية. وأضاف في تغريدة على موقع "تويتر": "حلف الناتو يعمل مع العراق وبموافقة الحكومة العراقية وبالتنسيق معها، ومهمته استشارية تدريبية وليست قتالية.. نتعاون مع دول العالم، ونستفيد من خبراتها في المشورة والتدريب، لتعزيز الأمن والاستقرار ولا اتفاق عن اعداد المدربين".
حلف الناتو يعمل مع العراق و بموافقة الحكومة العراقية وبالتنسيق معها، ومهمته استشارية تدريبية وليست قتالية..
— قاسم الاعرجي (@qassimalaraji) February 19, 2021
نتعاون مع دول العالم، ونستفيد من خبراتها في المشورة والتدريب، لتعزيز الأمن والاستقرار و لا اتفاق عن اعداد المدربين .
لكن النائب في تحالف "الفتح" عباس الزاملي، قال إن البرلمان يجب أن يصادق على أي زيادة جديدة لقوات الناتو في العراق"، لافتاً في إيجاز صحافي اليوم، إلى أن أي زيادة لقوات الناتو يجب أن تكون من خلال البرلمان وعبر مصادقته"، متحدثاً بالوقت نفسه عن أن العراق " ليس بحاجة لأي قوات أجنبية".
والأسبوع الماضي، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ توسيع مهمة الحلف في العراق إلى ثمانية أضعاف حجمها الحالي، قائلاً بعد اجتماع مع وزراء دفاع الدول الأعضاء في الحلف "قرّرنا اليوم توسيع مهمة الناتو التدريبية في العراق. ستزيد مهمتنا من 500 فرد إلى حوالي 4 آلاف فرد، وستشمل أنشطة التدريب الآن المزيد من المؤسسات الأمنية العراقية ومناطق خارج بغداد".
وكان القيادي في ائتلاف "دولة القانون"، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، النائب رعد الماس، قد اعتبر أن قرار رفع قوات حلف شمال الأطلسي في العراق "غير مدروس وسيؤدي إلى توترات كبيرة في البلاد والمنطقة"، مضيفاً أن "العراق ليس بحاجة لأي قوات أجنبية إضافية على أراضيه، وهو بالأساس لديه قرار رسمي بإخراج كل القوات الأجنبية وليس زيادتها"، مشيراً إلى أن دخول أي قوة أجنبية للعراق يمثل انتهاكاً للسيادة الوطنية وهو أمر مرفوض، وستكون تداعياته خطيرة جداً".
وحول الحراك البرلماني للقوى السياسية داخل البرلمان تجاه زيادة عدد بعثة شمال الأطلسي في العراق، قال الخبير بالشأن الأمني أحمد النعيمي إنه قد يكون للتصعيد الأمني الأخير في أربيل وبغداد وصلاح الدين عبر الهجمات الصاروخية من قبل الجماعات المسلحة الموالية لإيران، علاقة بقرار زيادة أعداد حلف الناتو في البلاد. وأضاف النعيمي أن القوى السياسية والمليشيات الحليفة لإيران تعتبر القرار مناورة أميركية لإشراكها في الساحة العراقية، وتعتبر حكومة الكاظمي متواطئة في هذا الملف تحديداً، غير أنه من ناحية دستورية لا يمكن للبرلمان الاعتراض على الزيادة كون القوات موجودة أساساً في العراق بموافقة مسبقة، وما حصل هو زيادة عدد تلك القوات ولأغراض تدريبية، بمعنى أنه لا يوجد اتفاق حتى يتطلب موافقة البرلمان عليه.
وبيّن، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن البرلمان يمكنه من ناحية دستورية استصدار قرار جديد لنقض الاتفاق الذي على إثره تم دخول حلف شمال الأطلسي للعراق عقب اجتياح تنظيم "داعش"، للبلاد عام 2014.
واعتبر أن ذلك يحتاج الى أكثر من النصف، وعملياً الكتل السنية والكردية وحتى كتل شيعية عدة تعارض أي توجه يتم تفسيره على أنه انحياز لإيران ورغبتها في ملف الوجود الأجنبي بالعراق.