كشفت مصادر أمنية عراقية، اليوم الأربعاء، عن قرار حكومي بإخراج مسلحي مليشيا "عصائب أهل الحق"، المرتبطة بإيران، من منطقة الفرحاتية بمحافظة صلاح الدين، شمالي البلاد، وذلك على خلفية جريمة قتل 12 عراقياً مدنياً في المنطقة واختطاف آخرين.
وشهدت محافظة صلاح الدين مجزرة مروعة، السبت الماضي، إذ أقدمت مليشيا مسلحة على اختطاف 28 شخصاً من منازلهم، وأعدمت 12 منهم، واقتادت الآخرين إلى جهة مجهولة.
وحتى الآن تواصل القوات الأمنية عمليات البحث عن المختطفين المتبقين، إذ لم يُعثر على جثث أي منهم لغاية الآن.
وقال مسؤول عسكري في قيادة العمليات العراقية المشتركة، لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أصدر أمراً بسحب لواء 42 حشد شعبي (مليشيا عصائب أهل الحق)، من ناحية الفرحاتية إلى خارجها، ونشر قطعات من الجيش العراقي بالإضافة إلى الشرطة المحلية في الناحية، وأن يكون الملف الأمني في الناحية حصراً بيد الجيش".
وبيّن أن "الفوج، بلواء 42 المتهم بارتكاب هذه الجريمة، تم سحبه بشكل نهائي، وإحالة المسؤولين فيه إلى التحقيق، وتم استبداله بفوج آخر من اللواء نفسه، لكن مهمته خارج المدينة وبعيدة عن السكان، وهي في الوقت الحالي تقتصر على تأمين المناطق من الخارج فقط، مع قوة من الجيش العراقي قدمت أخيراً من العاصمة بغداد، بأمر الكاظمي". وأضاف أن "لجنة التحقيق برئاسة رئيس أركان الجيش عبد الأمير يار الله، تواصل عملها، وتم الاستماع إلى الكثير من الإفادات وشهود العيان من أهالي المنطقة، ولغاية الآن أغلب المؤشرات والقرائن تؤكد تورط حركة عصائب أهل الحق بهذه الجريمة".
وختم المسؤول العراقي بقوله إن "هناك أدلة قدمها أهالي ناحية الفرحاتية تثبت تورط عناصر لواء 42 حشد شعبي، بالكثير من أعمال العنف الخارج على القانون، بحق أهالي الناحية خلال السنوات الماضية، من عمليات تهديد وابتزاز وغيرها".
وأمس الأول، أقرّ رئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض، بأن حادثة الفرحاتية في صلاح الدين هي "عملية إعدام مدنيين أبرياء خارج القانون"، مؤكداً أن التحقيق جارٍ مع المشتبه بهم وأن زعيم مليشيا "العصائب" قيس الخزعلي وعد بعدم التستر على الفاعلين.
وفي العام الماضي، قرّر رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي منح كل مليشيا وفصيل مسلّح ضمن الحشد رقماً متسلسلاً على طريقة ألوية الجيش، بدلاً من أسماء المليشيات، مثل لواء 30 ولواء 44 ولواء 52 وغيرها، وباتت كل مليشيا تحمل رقماً معيناً يُستخدم في المخاطبات داخل الحكومة وهيئة "الحشد الشعبي".
إلى ذلك، قال السياسي العراقي، من محافظة صلاح الدين، ناجح الميزان، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "عناصر لواء 42 حشد شعبي، منذ سنين وهم يرتكبون جرائم بحق أهالي ناحية الفرحاتية، خصوصاً أن 80% من أهالي الناحية ما زالوا نازحين، وترفض مليشيا العصائب عودتهم".
وبيّن الميزان أنه "يجب إخراج كافة عناصر "الحشد الشعبي" من المحافظات المحررة، وليس فقط سحبها إلى خارج المدن السكنية، كما أن هذا الإجراء ليس كافيا، بل يجب محاسبة كل من ارتكب هذه الجريمة أو ساعد فيها أو تستر عنها من قوات أمنية أو حتى مسؤولين وغيرهم".
وأضاف أن "الحكومة العراقية تحاول تقليل الغضب الشعبي في أوساط أهالي ناحية الفرحاتية، من خلال إخراج عناصر الحشد الشعبي من الناحية، لكن في الوقت نفسه هي تخشى سحب الحشد من كامل الناحية أو المحافظة، لأنها تدرك أن هذا الأمر إذا ما صدر لن ينفذ وستكون له تبعات عكسية ضدها".
وشدد السياسي العراقي على أن "مجزرة ناحية الفرحاتية لن يتم السكوت عنها مهما كانت الضغوطات والتهديدات، وستبقى القوى الوطنية والشعبية متابعة لملف التحقيق، وفي حال عدم الكشف عن الفاعلين ومحاسبتهم، فستكون هناك ردود فعل سياسية وشعبية، وربما حتى دولية".
في المقابل، اعتبر القيادي في "الحشد الشعبي" محمد البصري، أن "ألوية الحشد خاضعة لقرارات الحكومة بما يتعلق بعمليات الانسحاب او إعادة الانتشار"، وذلك تعليقاً على معلومات بشأن إخراج المليشيا من المنطقة.
وبيّن البصري أن "التحقيقات بشأن مجزرة ناحية الفرحاتية مستمرّة، وأن هناك أكثر من لجنة تحقيق تعمل على هذا الأمر، وهناك نية وعزم حقيقي على كشف حقيقة ما جرى بالكامل ومحاسبة القتلة والكشف عنهم، أيا كانوا، ونحن بانتظار ما يصدر من لجان التحقيق خلال الأيام القليلة القادمة".