اعتمدت أغلب القوى السياسية المقاطعة للانتخابات العراقية المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في تبرير انسحابها من الاستحقاق الانتخابي، على تأثير ما وصفته بـ"السلاح المنفلت" والمال السياسي على نزاهة وسلامة عملية الاقتراع، بينما سعت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في أكثر من مناسبة، إلى التأكيد على سعيها لتنظيم انتخابات مختلفة عن النسخ السابقة وتتوفر فيها درجة مقنعة من النزاهة والشفافية.
لكن مشاركة عدد من المليشيات المسلحة في الانتخابات عبر أجنحة سياسية جديدة مستحدثة، وبدء عناصرها الترويج لها في مناطق تنشط بها أمنيا، رغم وجود بند قانوني يمنع مشاركتها، عززا مخاوف الكتل والقوى السياسية من عدم تمكن الحكومة من الإيفاء بوعودها.
ومطلع الأسبوع الحالي، أصدرت الرئاسات العراقية الثلاث وقادة الكتل السياسية ومفوضية الانتخابات، بيانا مشتركا عقب اجتماع موسع عقد ببغداد، أكد على المضي بإجراء الانتخابات البرلمانية بموعدها المقرر، مؤكدة دعمها لمفوضية الانتخابات باتخاذ الاستعدادات اللازمة لإجراء الانتخابات.
وأكد رئيس كتلة "الوفاء"، والمرشح السابق لرئاسة الحكومة عدنان الزرفي، اليوم الخميس، أن بعض القوى المشاركة في الانتخابات تعول على السلاح المنفلت للحصول على نتائج مرضية لها في الانتخابات.
وأضاف الزرفي، في تصريحات أوردتها وسائل إعلام محلية عراقية، أن "تداعيات استمرار انتشار السلاح خارج إطار الدولة خطيرة على مستقبل البلاد، وبعض القوى السياسية المشاركة في الانتخابات تراهن على السلاح المنفلت لتحقيق مكاسب انتخابية"، مشددا على أنه "إذا أصر النظام السياسي على منهجه السابق وهو التلويح بالسلاح لفرض الإرادة؛ فليس من المستبعد حصول انقلاب عسكري وهيمنة أطراف محددة على السلطة".
ولم ينكر مسؤول عراقي في مفوضية الانتخابات وجود ما وصفه بالـ"تداخل" بين بعض الكتل السياسية المشاركة في الانتخابات وفصائل مسلحة تدعمها على الأرض في مناطق انتشارها، وخاصة في نينوى وصلاح الدين شمالي البلاد، مبينا أن بعض الفصائل التي شاركت بالانتخابات عبر أجنحتها السياسية يجب ألا تستخدم إمكانياتها المسلحة أو المادية، خاصة في مناطق انتشارها، مثل نينوى وصلاح الدين وبغداد ومناطق أخرى.
ولفت، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لغاية الآن لم ترد شكوى رسمية للمفوضية حول تورط الفصائل المسلحة بأنشطة انتخابية في مناطق انتشارها، لكن الحديث أغلبه إعلامي أو عبر مواقع التواصل، وعادة ما يتم التعامل معه من قبل الشارع والقوى السياسية على محمل الجد والقلق من الملف".
وقالت النائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ميادة إسماعيل، لـ"العربي الجديد"، إن "على الحكومة أن تهيئ الأرضية المناسبة لانتخابات آمنة ونزيهة، وضمان ذلك أهم من مسألة إجرائها".
وأشارت إلى أنه "تم خلال الاجتماع مع الرئاسات الثلاث قبل أيام الحديث عن حصر السلاح ومنع تأثيره على الناخب والمرشح، وما له من تأثير كبير في عملية التصويت وتغيير النتائج، لكن الحكومة تواجه صعوبة في تنفيذ ذلك"، مستغربة "الإصرار الحكومي على إجراء الانتخابات بموعدها، رغم عدم قدرتها على حصر السلاح المنفلت".
بدوره، قال النائب عن تحالف "القوى العراقية"، رعد الدهلكي، إن "المخاوف مستمرة من السلاح المنفلت، على الانتخابات وعلى الحكومة تقديم ضمانات".
وأضاف في تصريحات صحافية: "لدينا ثقة بمفوضية الانتخابات، لكن الثقة لا تكفي لوحدها، إذ تحتاج لأن تتحمل الحكومة ورئيسها مصطفى الكاظمي، المسؤولية بإصدار قرارات لضمان توفير الظرف الأمني المناسب لإجراء الانتخابات".
ومضى قائلا: "نحتاج إلى خطوات باتجاه حصر السلاح بيد الدولة، لتكون تطمينا للناخب بأنه سيذهب الى صندوق الاقتراع وهو حر الرأي بعيدا عن التهديد والوعيد".
من جهته، تساءل الأمين العام لحزب المشروع الوطني جمال الضاري، عقب سلسلة الهجمات الأخيرة التي طاولت أبراج نقل الطاقة، عن كيفية حماية الحكومة للانتخابات من السلاح المنفلت والمال السياسي الفاسد، قائلا: "رغم التعهد الحكومي بحماية أبراج نقل الطاقة، بقوات على الأرض ومسيّرات في السماء، إلا أن عمليات التخريب تتواصل وتسبب معاناة كبيرة للعراقيين، وبعد عجز الحكومة عن حماية الدم العراقي وأبراج الكهرباء هل ستتمكن من حماية الانتخابات وتضمن نزاهتها من السلاح المنفلت والمال السياسي الفاسد؟".
رغم التعهد الحكومي بحماية أبراج نقل الطاقة، بقوات على الأرض ومسيرات في السماء، الا ان عمليات التخريب تتواصل وتسبب معاناة كبيرة للعراقيين، وبعد عجز الحكومة عن حماية الدم العراقي وأبراج الكهرباء هل ستتمكن من حماية #الانتخابات وتضمن نزاهتها من السلاح المنفلت والمال السياسي الفاسد ؟
— Jamal Al Dhari جمال الضاري (@AldhariJamal) August 5, 2021