سجلت ليلة الثلاثاء الأربعاء عمليتي استهداف طاولتا مقرين لجماعة "عصائب أهل الحق" التي يتزعمها قيس الخزعلي، في محافظتي بابل والنجف، جنوبي العراق، بعد يومين فقط من اغتيال الناشط البارز في التيار الصدري أيسر الخفاجي.
ووسط تصاعد التهديدات من قبل أنصار التيار الصدري وقبيلة القتيل بالانتقام لاغتيال الخفاجي، حذر مسؤولون أمنيون من اتساع دائرة المواجهة.
وأول أمس الاثنين، عثرت وحدات أمنية على جثة الخفاجي، بعد ساعات من اختطافه من بعض المسلحين وسط محافظة بابل، مؤكدةً فتح تحقيق في الحادث الذي قابله التيار الصدري بنشر عناصره في مناطق مختلفة من المحافظة.
وجاءت عملية الاختطاف ثم القتل بعد أيام من تعيين القيادي في جماعة "عصائب أهل الحق" عدنان فيحان محافظاً لبابل.
وخرج أبناء عشيرة القتيل وأنصار التيار الصدري، أمس الثلاثاء، في تظاهرات حاشدة أمام مقار تابعة لجماعة العصائب، واستعرضوا قوتهم بالأسلحة وأطلقوا النار في الهواء، وهددوا باستهداف مقار العصائب إذا لم يتم الكشف عن قتلة الخفاجي ومحاسبتهم قانونياً.
وفجر اليوم الأربعاء، تعرض مقر لجماعة "عصائب أهل الحق" في بابل لهجوم مسلح بصاروخ محمول على الكتف وبأسلحة رشاشة، كما تعرض مقر آخر داخل بناية في منطقة حي السلام بمحافظة النجف إلى تفجير لم تعرف طبيعته بعد.
وتوجه أصابع الاتهام من قبل أنصار التيار الصدري وأبناء عشيرة القتيل نحو جماعة "عصائب أهل الحق" تحديداً، محمّلين الحكومة مسؤولية الحادث، مؤكدين أنهم سينتقمون للقتيل في حال لم تتحرك الحكومة.
من جهته، حذر مسؤول رفيع في قيادة الشرطة العراقية بمحافظة بابل من خطورة اتساع دائرة المواجهة بين التيار الصدري وفصائل أخرى في العراق، أبرزها "عصائب أهل الحق"، في حال لم يتم التوصل إلى حلول.
وقال المسوول لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إنّ "محافظة بابل تواجه اختباراً أمنياً وأنصار الصدر وعشيرة القتيل يواصلون التحشيد لعمليات انتقامية، وأكدوا أن مقار العصائب في مرمى أسلحتهم".
وأكد أن "الأجهزة الأمنية بالمحافظة دخلت حالة إنذار وانتشرت بشكل مكثف للسيطرة على الأمن"، معتبراً أن "الإجراءات الأمنية لا تكفي لضبط الأمن، فالملف سياسي ويحتاج إلى حراك للتهدئة بين الجانبين، وأنه في حال عدم حصول ذلك فإن الوضع غير مطمئن".
وحذر المسؤول ذاته من أن "الملف غير قابل للتأخير، وأن دائرة المواجهات والعمليات الانتقامية قد تخرج عن حدود محافظة بابل لتشمل محافظات أخرى".
وتحدثت مصادر إعلامية في بغداد عن اتصالات أجراها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع زعماء عشائر ومسؤولين أمنيين في محافظة بابل، تعهد خلالها بإلقاء القبض على الجناة المسؤولين عن عملية الاغتيال وتقديمهم إلى القضاء وطالبهم بالتهدئة وعدم التصعيد.
من جهته، أكد الباحث بالشأن السياسي العراقي عبد القادر النايل أن "عملية بابل (اغتيال الخفاجي)، وبغداد (اغتيال اثنين من أقارب هادي العامري قبل يومين)، لا يمكن أن تكون جنائية، هي عمليات إرهابية ذات دوافع سياسية ولذلك اغتيل الخفاجي من التيار الصدري".
ودفع التنافس بين الفصائل المسلحة على النفوذ والهيمنة على المصالح في المحافظات العراقية إلى تكرار الاشتباكات المسلحة والاغتيالات بين تلك الجماعات، إذ وقعت اشتباكات بين جماعتي "عصائب أهل الحق" و"جند الإمام"، في 5 يناير/ كانون الثاني الماضي، أثناء احتفال نظم في إحدى بلدات البصرة، لإحياء ذكرى اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، ما استدعى تدخلاً أمنياً، ومن ثم اعتقلت القوات عنصرين من جماعة جند الإمام.
وسبق ذلك بـ10 أيام اشتباك مماثل بين "سرايا السلام" ومسلحين من "عصائب أهل الحق" في منطقة حي العامل، وسط بغداد، بسبب الخلاف على رفع صورة كبيرة تضم كلًّا من سليماني والمهندس في المنطقة التي تعد من أبرز مناطق نفوذ الصدريين.
والعام الماضي، سجلت المحافظات العراقية وخاصة البصرة، عدة مواجهات خاصة بين جماعة عصائب "أهل الحق" وجماعة "سرايا السلام" المرتبطة بالتيار الصدري، تكون بالعادة بسبب الصراع على النفوذ، وقد تسببت بحرق المقرات والمكاتب ما بين الطرفين، إضافة إلى وقوع قتلى وجرحى.