للأسبوع الثاني على التوالي، تتواصل الدعوات السياسية والحقوقية في العراق، لحسم قضية المختطفين العراقيين خلال معارك استعادة السيطرة على المدن من تنظيم "داعش"، والذين اقتادتهم المليشيات لأماكن مجهولة، وما زال مصيرهم غير معلوم لغاية الآن، ويبلغ عددهم الآلاف، من عدة مناطق ومدن عراقية ظهر قسم منهم بمقاطع فيديو مسجلة، وهم مقيدون لدى فصائل مسلّحة قامت باعتقالهم خلال فرار العائلات من مناطق المعارك شمال وغربي العراق.
وقال القيادي في تحالف القوى العراقية، الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، النائب يحيى المحمدي، اليوم الجمعة، إن الحكومة مطالبة بحسم الملف، ولا يمكن إنكار وجود المغيبين أو إنكارهم، مشيراً، في إيجاز صحافي إلى أن "عمليات التغييب حدثت أثناء العمليات العسكرية لتحرير تلك المناطق، وأن جميع الحكومات السابقة والحالية عملت على تأجيل حسم هذا الملف، وهذا التأجيل لا يخدم العملية السياسية ولا النظام السياسي"، موضحاً أن هذا الملف يتعلق بقضية إنسانية لها أبعاد وطنية واجتماعية كبيرة.
وأضاف أن "الحكومة وجميع الأجهزة الأمنية مطالبة بالعمل بكل جدية على كشف مصير المغيبين، سواء كانوا محتجزين في أماكن محددة أو فارقوا الحياة، ولا يمكن أن يُنسى أو يُهمل هذا الملف إلى الأبد، ولا بد من حسمه بأسرع وقت ممكن".
ومثّلت تصريحات المحمدي الجديدة رداً على نفي نائب رئيس البرلمان، القيادي في التيار الصدري حسن الكعبي، وجود مغيبين في العراق، معتبراً أن "مفوضية حقوق الإنسان، قالت إنه لا توجد ولا حالة اختفاء قسري ثابتة في العراق، بمعنى لا وجود لأي مغيب داخل البلاد"، وذلك في معرض ردّه على كلمة النائب ظافر العاني في اجتماع البرلمان العربي الذي عُقد قبل أيام في العاصمة المصرية القاهرة، والذي تحدث فيها عن وجوب التعامل مع ملف المختطفين والمغيبين في العراق من قبل المنظمات الحقوقية بجدية.
ونشر عضو البرلمان العراقي السابق والسياسي عن محافظة صلاح الدين مشعان الجبوري، عبر "تويتر"، مقطع فيديو للمئات من المختطفين الذين ما زال مصيرهم مجهولاً، ويظهر أنهم بعهدة إحدى المليشيات المسلّحة قائلاً: "إذا كانت ادعاءاتنا بوجود مغيبين غير صحيحة كما تقول هيئة حقوق الإنسان، فهل يمكن أن تبين لذوي هؤلاء الرجال وللرأي العام ماذا جرى للشباب الذين يوثق هذا الفيديو عملية اعتقالهم في جزيرة ناحية الدور بمحافظة صلاح الدين من قبل عناصر تابعة للقوات الأمنية وانقطع اي أثر لهم؟!".
اذا كانت ادعاءاتنا بوجود مغيبين غير صحيحة كما تقول هيئة حقوق الانسان
— مشعان الجبوري (@mashanaljabouri) April 14, 2021
فهل يمكن ان تبين لذوي هؤلاء الرجال و للرأي العام ماذا جرى للشباب الذين يوثق هذا الفيديو عملية اعتقالهم في جزيرة ناحية الدور بمحافظة صلاح الدين من قبل عناصر تابعة للقوات الامنية وانقطع اي اثر لهم !؟ pic.twitter.com/iFnlVEOD5x
وعلّق عضو البرلمان عن محافظة الأنبار محمد الكربولي، على ذلك بالقول: "سنوات تمرّ وقضية المغيبين ما زالت حبيسة أدراج المكاتب الخاصة، فلا هم من الأحياء ولا الأموات"، مضيفاً: "وأن شهر رمضان فرصة لحلّ المشاكل العالقة كجزء من تصحيح أخطاء المرحلة السابقة، المغيبون والمعتقلون الأبرياء مشكلة ينبغي أن تُحل".
سنوات تمر وقضية المغيبين مازالت حبيسة ادراج المكاتب الخاصة، فلا هم من الاحياء ولا الاموات .. وان شهر رمضان فرصة لحل المشاكل العالقة كجزء من تصحيح اخطاء المرحلة السابقة..المغيبون والمعتقلون الابرياء مشكلة ينبغي أن تُحل.#المغيبون_قضية_انسانية
— محمد الكربولي (@mohamdalkarboli) April 14, 2021
بدوره، اعتبر عضو التيار المدني العراقي أحمد حقي، أن القضاء سبب إضافي للأزمة، مشيراً إلى أنه يماطل في فتح الملف مثل مماطلته في فتح الكثير من قضايا الفساد في البلاد، ذلك لأنه يدرك ويعلم مسبقاً أن المختطفين تتورط مليشيات نافذة وبعضها تابع لجهات سياسية بتصفيتهم بعد اختطافهم ولأسباب طائفية، لذا فإن الجهاز القضائي بات جزءاً من المشكلة، كما أن الحكومة تمثل جزءاً أكبر في عدم التحدث بصراحة عن مصير الضحايا أين هم الآن ومن اختطفهم، وهل قتلوا أم لا وإن قتلوا أين جثثهم؟".
واعتبر أن نفي الظاهرة لن يحلّ المشكلة، بل تستفز مشاعر الناس ويزيد من حالات القهر في المجتمع التي لن تجلب أي منفعة.
ولفت إلى أن نواباً وسياسيين من مختلف المكونات سبق أن أقروا بوجود آلاف المغيبين، ودليل ذلك تصويت البرلمان على منح حقوق مالية لذويهم في موازنة عام 2021، مطالباً الكعبي بالذهاب إلى جرف الصخر، واصطحاب أسر المغيبين معه، إن كان واثقاً من عدم خضوعها لسيطرة المليشيات المتهمة بتحويلها إلى سجن للمختطفين.