"العربي الجديد" يرصد أجواء الانتخابات في إزمير معقل حزب كلجدار أوغلو

14 مايو 2023
من أمام أحد مراكز الاقتراع في إزمير (العربي الجديد)
+ الخط -

تتواصل عملية اقتراع المواطنين الأتراك في ولاية إزمير التركية، على غرار الولايات الأخرى، منذ الساعة الثامنة من صباح اليوم الأحد، لاختيار أعضاء البرلمان والرئيس المقبل، وستستمرّ حتى الساعة الخامسة عصراً.

وتشهد مراكز الاقتراع إقبالاً متفاوتاً في الولاية التي تُعدّ مركز ثقل "حزب الشعب الجمهوري"، الذي يتزعمه المرشح الرئاسي كمال كلجدار أوغلو، المنافس الأول للرئيس رجب طيب أردوغان، والطامح إلى كسر احتكار "حزب العدالة والتنمية" للسلطة في تركيا منذ أكثر من 20 عاماً.


وعبّر العدد الأكبر من الناخبين الذين تحدثوا إلى "العربي الجديد" خلال الإدلاء بأصواتهم عن تأييدهم لكلجدار أوغلو ومعسكر المعارضة، في وجه معسكر الرئيس أردوغان. وقال سائق أجرة لـ"العربي الجديد" إنّه سيقترع لكلجدار أوغلو بسبب الظروف المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار غير المسبوق منذ 50 عاماً، معتبراً أن "التغيير ضروري".

من جهتها، عبّرت امرأة كردية عن دعمها لمرشح المعارضة أيضاً بسبب الوعود التي قطعها للأكراد خلال حملته الانتخابية.

على الجانب الآخر، وصف ناخب داعم لأردوغان الرئيس بأنّه "أبو الشعب التركي"، لافتاً إلى أنه يمنح صوته لأردوغان وحزبه في كلّ الاستحقاقات الانتخابي، وأنه سيصوّت له هذه المرة أيضاً.

ويقول ناخب آخر أيضاً: "معظم السكان هنا يؤيّدون حزب الشعب، لكنّني سأمنح صوتي لأردوغان لأنني عاصرته ورأيت ماذا فعل من أجل تركيا"، داعياً جيل الشباب لـ"التعامل مع الانتخابات بعقلانية، لأن الأمر مرتبط بمستقبلهم".

وتحتلّ إزمير المرتبة الثالثة في الولايات التركية من حيث الكثافة السكانية، إذ تضمّ نحو 4.5 ملايين نسمة بحسب إحصائيات عام 2022، خلف إسطنبول الأولى التي تضمّ 18.71% من مجموع سكّان تركيا (أكثر من 15 مليون نسمة)، وتليها العاصمة أنقرة بنحو 6 ملايين نسمة. وتحتلّ إزمير المرتبة الثالثة أيضاً خلف إسطنبول وأنقرة تباعاً في عدد المقاعد البرلمانية المخصّصة لها، إذ تبلغ 28 مقعداً، بحسب ما أعلنته الهيئة العليا للانتخابات التركية هذا العام.

ولم ينجح "حزب العدالة والتنمية" الحاكم على مرّ السنوات السابقة في كسر هيمنة "حزب الشعب الجمهوري" على الولاية التي منحت أصواتها للحزب في الانتخابات العامة عام 2018 بنسبة 41.3% (14 نائباً)، مقابل 28.7% لحزب الرئيس أردوغان، الذي حصل على 8 مقاعد من إجمالي عدد المقاعد المخصّصة لإزمير. 

كذلك، صبّت أصوات ناخبي إزمير في الانتخابات الرئاسية في العام نفسه في صالح مرشح الحزب آنذاك محرم إنجه، الذي حصل على نسبة 54% من إجمالي الأصوات في الولاية، مقابل 32.9% لأردوغان.

وعادت إزمير لتجدّد دعمها لـ"حزب الشعب الجمهوري" في الانتخابات المحلية التي أجريت في عام 2019، والتي فاز فيها الحزب بنسبة 58.1%، متقدّماً على "حزب العدالة والتنمية" الحاكم الذي حلّ ثانياً بنسبة 38.7%، بحسب النتائج النهائية للانتخابات في الولاية.

يذكر أن إنجه، مرشح "حزب الشعب الجمهوري" في انتخابات 2018 في وجه أردوغان، والذي حصل على أكثر من 30% من الأصوات، عاد وترشح هذا العام للانتخابات الرئاسية في وجه رئيس الحزب كمال كلجدار أوغلو، بعد انشقاقه عن الحزب إثر فشله في رئاسته، وتأسيسه حزب "البلد"، قبل أن يعلن الخميس انسحابه من خوض السباق الرئاسي، لتنحصر المنافسة بين أردوغان وكلجدار أوغلو وسنان أوغان، المرشح عن تحالف "أتا" (الأجداد).

وحاول الرئيس أردوغان استمالة الناخبين في إزمير، من خلال مهرجان حاشد أحياه في المدينة في نهاية إبريل/ نيسان الماضي، ونشر صورة عبر حسابه على "تويتر" تظهر الحشود التي اجتمعت لحضور خطابه، وأرفقها بعبارة "إزمير الرائعة".

وذكّر أردوغان في كلمته بأنهم "اتبعوا سياسة تنفيذ المشاريع وتقديم الخدمات منذ 21 عاماً"، مضيفاً: "لم نسمح بانتهاك حقوق أي شخص أو تقييد حريته أو التدخل في أسلوب حياته. بل على العكس، نفّذنا العديد من الثورات الصامتة حتى لا يتكرر الألم الذي عاشه هذا البلد بسبب سياسات التمييز على أساس الأصل والطائفة والمذهب".

ويأتي حديث أردوغان رداً على مواقف لكلجدار أوغلو، تعكس توجهاً ذا نزعة قومية مستوحى من سياسة مؤسس الجمهورية والحزب مصطفى كمال أتاتورك، فهو تعهّد -على سبيل المثال- بإعادة أربعة ملايين سوري إلى بلادهم بعدما لجأوا إلى تركيا جراء قمع النظام السوري للثورة منذ عام 2011. وشدد على أن ذلك لا يعود لأسباب "عرقية"، بل يرتبط بإدارة "الموارد" التركية في زمن أزمة.

ويرى محللون أن جزءاً كبيراً من التأييد لكلجدار أوغلو يعود إلى أزمة غلاء المعيشة التي تواجهها تركيا، ويعزوها قسم من الناخبين إلى سياسات أردوغان الاقتصادية غير التقليدية.