استمع إلى الملخص
- **التحديات والمواقف السياسية**: أكد النواب على أهمية مناقشة القانون للوصول إلى صيغة لا تهدد أمن المجتمع، لكن يواجه معارضة من قوى "الإطار التنسيقي" التي تخشى من إطلاق سراح إرهابيين.
- **المطالبات السنية والتحديات الأمنية**: الكتل السنية تطالب بإقرار القانون كجزء من الاتفاق السياسي لتشكيل الحكومة، لكن بعض الأحزاب الشيعية تعارضه خوفاً من زعزعة الوضع الأمني.
أدرج مجلس النواب العراقي مشروع قانون العفو العام على جدول أعمال جلسته ليوم غد الأربعاء، وهي المرة الأولى التي يُفتح فيها هذا الملف في البرلمان، بالرغم من مرور سنين على المطالبة به من شرائح مجتمعية واسعة وأحزاب سياسية، لكنه قد يشهد عرقلة من أحزاب قوى "الإطار التنسيقي"، وفقاً لمراقبين.
وجاء في جدول أعمال مجلس النواب، لجلسة يوم غد الأربعاء، كما نشره من المكتب الإعلامي للمجلس: "التصويت على مشروع قانون التعديل الحادي والعشرين لقانون الملاك رقم (25) لسنة 1960، والقراءة الأولى لمشروع قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي، والقراءة الأولى لمقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المادة".
وتضمن الجدول "القراءة الأولى لمشروع قانون التحكيم، والقراءة الأولى لمشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016، وأخيراً تقرير ومناقشة القراءة الثانية لمقترح قانون التعديل الثاني لقانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم (4) لسنة 2006 المعدل".
في السياق، أكد عضو مجلس النواب العراقي رعد الدهلكي، في بيان "نزف البشرى إلى إخواننا من المعتقلين الأبرياء وذويهم بالاتفاق خلال اجتماع رؤساء الكتل السياسية اليوم، على إدراج مشروع قانون العفو العام خلال الجلستين المقبلتين للقراءة الأولى والمضي بالتصويت عليه وإنصافهم داخل قبة البرلمان، بعد سنين من المعاناة والظلم نتيجة المخبر السري والتهم الكيدية".
كما ذكر عضو البرلمان العراقي مصطفى سند، أن "جدول جلسة الأربعاء يتضمن التصويت النهائي لتعديل قانون الملاك، والقراءة الأولى لقانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي هيئة الحشد الشعبي، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، وهناك إمكانية لتضمين مشروع تعديل قانون العفو (قراءة أولى كما ورد من الحكومة) والتي هي فقط مادة واحدة تخص المنظمات الإرهابية، ويمكن للبرلمان تعديله وإضافة مواد أخرى".
ونشر سند على صفحته في "فيسبوك"، منشوراً ألمح فيه إلى احتمالية عدم التوصل إلى نتائج إيجابية بشأن قانون العفو، وذكر "هذا قانون العفو إلي دزته الحكومة، الله وكيلكم هن سطرين ويخصن فقط الـ..."، وأرفق وثيقة التعديل الذي من المفترض أن يتضمنه التعديل الثاني لقانون العفو العام، وجاء فيها: "يقصد بجريمة الانتماء إلى التنظيمات الإرهابية كل من عمل في التنظيمات أو قام بتجنيد العناصر لها، أو قام بأعمال إجرامية أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي أو وجد اسمه في سجلات التنظيمات الإرهابية".
إلى ذلك، قال عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز، إن "مناقشة قانون العفو العام أو التعديل على صيغة القانون من واجبات اللجنة القانونية، ومن المفترض أن تجرى قراءات على مشروع القانون من أجل الوصول إلى صيغة لا تهدد أمن المجتمع وتمنح الأبرياء الحرية ولا تؤثر على قرارات القضاء"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الأسباب الموجبة للتصويت على هذا القانون موجودة وحقيقية وكثيرة، ولعل أبرزها الاتهامات الكيدية واكتظاظ السجون، لكن المشروع يخضع أيضاً للإرادات السياسية".
ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيراً غامضاً على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، إلا أن مراقبين أشاروا إلى وجود إرادة سياسية خاصة من طرف الإطار التنسيقي لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة.
ويعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة الذي ضم الإطار التنسيقي الشيعي والكتل الكردية والسنية والذي تمخض عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني. ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم.
وطالب رئيس حزب "السيادة"، وهو أكبر الأحزاب العربية السنية في العراق، الشيخ خميس الخنجر، في مارس الماضي، بإطلاق سراح السجناء الأبرياء في المعتقلات العراقية وإقرار قانون العفو العام، وهو الجزء الأساسي من الاتفاق السياسي مع حكومة محمد شياع السوداني.
وقال في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي العراقي إن "الحكومة أرسلت تعديل قانون العفو العام إلى البرلمان وتأخر هناك لأكثر من أربعة أشهر، وما زلنا في بداية الطريق في تطبيق ورقة الاتفاق السياسي لتشكيل الحكومة"، مبيناً أنه "يعتقد أن ورقة الاتفاق السياسي تحتاج إلى دفعة قوية لتحقيق بعض فقراتها الرئيسية لطمأنة الناس والمضي قدماً".
وشدد خنجر على إطلاق سراح الأبرياء من المسجونين، ولا سيما الذين ظلموا بالاتهامات الكيدية، التي تعرف بـ"المخبر السري"، موضحاً أن "الحكومة شكلت لجاناً لإعادة النازحين لمناطقهم المحررة والكشف عن مصير المغيبين، ونحن ضحايا الإرهاب الذي قتل أهلنا ودمر محافظاتنا، ونريد رفع الظلم عن جميع العراقيين في كل المحافظات، لكن أين مواقف من يزعم الدفاع عن المكون أمام قضايا النازحين والمغيبين والسجناء بوشاية المخبر السري، وهناك آلاف العراقيين اعتقلوا بوشاية المخبر السري أو باعترافات انتزعت بالقوة".
لكن عضو مجلس النواب العراقي عن "الإطار التنسيقي"، محمد البلداوي، هاجم القوى السياسية المطالبة بإقرار قانون العفو العام، وقال في تصريح صحافي، إن "الإطار التنسيقي لن يسمح بتمرير قانون العفو العام، لأنه سيخرج إرهابيين وقتلة الشعب، وسيعمل على زعزعة الوضع الأمني وضرب الاستقرار"، وفقاً لزعمه
وأشار إلى أن مطالبات بعض الكتل السياسية بتنفيذ قانون العفو العام تتصاعد في أوقات محددة، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات سواء كانت نيابية او محلية، واصفاً هذه المطالبات بـ"المتاجرة السياسية وكسب الأصوات لا غير".
من جهته، بيَّن المحلل السياسي العراقي عبد الله الركابي، أن "جميع القوى السياسية السنية متفقة على أهمية مواصلة الضغط لإقرار قانون العفو العام الذي وعدوا به جمهورهم في أكثر من انتخابات جرت سابقاً، لكن الاحتيال من طرف شركائهم من بعض الأحزاب الشيعية حال دون تمريره"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "التعديلات التي قد تطرح عبر جلسات البرلمان المقبلة، قد تفرغ القانون من محتواه، بالإضافة إلى احتمالات العرقلة التي قد تصاحب هذا المشروع من طرف النواب الذي يتبعون الفصائل المسلحة والأحزاب الشيعية".
وخلال السنوات الماضية، زج بآلاف العراقيين في السجون بناء على وشايات "المخبر السري"، وهو النظام الأمني المعمول به في العراق، وكذلك انتزاع الاعترافات تحت التعذيب، فيما تطالب القوى السياسية العربية السنية بتوفير محاكمات عادلة للمعتقلين وإعادة النظر بالأحكام التي صدرت بحقهم، ما تعرضه قوى وأحزاب تنضوي غالبيتها اليوم في "الإطار التنسيقي"، وهو التحالف الحاكم في العراق.