أثار نواب ومسؤولون من محافظة ديالى شرقي العراق، على الحدود مع إيران، اليوم الثلاثاء، مخاوف مما وصفوها بصفحة جديدة من عمليات التهجير القسري، بسبب التراجع الأمني الذي يشهده عدد من مدن شمال شرقي بعقوبة مركز المحافظة، والذي تتورط فيه خلايا إرهابية تتبع تنظيم "داعش"، ومليشيات تعمل تحت غطاء "الحشد الشعبي"، وسط مطالبات بتدخل مباشر من قبل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، لإسناد ملف الأمن للقوات الأمنية حصراً.
وتسجل مناطق متفرقة من المحافظة عمليات عنف شبه يومية تتورط فيها خلايا لتنظيم "داعش"، فضلاً عن مليشيات مسلحة بدوافع طائفية، ترافقها عمليات اعتقال عشوائية واغتيالات بين وقت وآخر.
ورغم تكرار العمليات الأمنية التي تطلقها الحكومة، فإنها لم تنجح في إضفاء أي استقرار أمني لينعم به السكان.
وبالتزامن مع العملية الأمنية الجديدة للقوات العراقية، ترافقها مليشيات مسلحة، في مناطق عدة من شمال شرقي ديالى، تخللتها عمليات تجريف واسعة للبساتين المملوكة للمواطنين تحت ذريعة تخفي عناصر "داعش" داخلها؛ تتواصل عمليات القصف بقذائف "هاون" على عدد من القرى، كان آخرها مساء أمس الإثنين، وأسفر عن خسائر مادية وإصابات بين الأهالي.
واليوم الثلاثاء، أقرّ مسؤول أمني في قيادة شرطة ديالى، بارتفاع عمليات العنف بالمحافظة، بسبب ما سماه فوضى تعدد الجهات التي تحمل السلاح، وضعف التنسيق.
وأضاف المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، أنّ "وجود قوات الجيش والشرطة ووحدات الشرطة الاتحادية وقوات التدخل السريع وجهاز الأمن الوطني، إلى جانب فصائل الحشد الشعبي، بدون تنسيق، خلق حالة فوضى كبيرة بالمحافظة ويكاد يكون كل طرف قد تحرك على انفراد ولكل جهة طريقتها في التحرك وحتى في الاعتقالات".
وتابع: "صادف قبل أيام اعتقال مشتبه به تبين أن اعتقاله من قبل الشرطة جاء بعد ساعة من إطلاق سراحه من قبل مديرية الاستخبارات العسكرية بعد التحقيق معه وثبوت براءته"، واصفاً ما يجري بـ"الفوضى والتنافس بين القيادات الأمنية على الإنجازات، حتى لو لم تكن حقيقية".
وأشار إلى ما وصفه بـ"عملية خلط للأوراق في المحافظة، فبعض المناطق النائية توجد فيها عناصر داعش، والمناطق الأخرى القريبة من مركز المدينة والقرى المحيطة بها لا وجود لعناصر التنظيم فيها، لكن فصائل مسلحة تفرض سيطرتها عليها، وهي المناطق التي تتعرض لقصف وتسجل أعمال عنف مختلفة".
وأشار إلى أن "تلك الفصائل هددت بعض المناطق بتجريف بساتينها بحجة وجود عناصر داعش فيها، الأمر الذي بات ينذر بعودة التهجير في تلك المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل"، مؤكدا أن "المحافظة لا تستقر إلا بقرار يخرج الفصائل المسلحة منها".
النائب عن محافظة ديالى رعد الدهلكي، أكد أن الخطر الذي تعانيه المحافظة، يجعل من جميع الخيارات مفتوحة أمام المواطنين والعشائر للدفاع عن مناطقهم في حال عجزت الحكومة عن حمايتهم، محذراً، في بيان، من أنّ "الأهالي يهددون بالنزوح خوفاً على أرواحهم وعوائلهم خشيةً من القصف الذي يهدد مناطقهم".
وأضاف أنّ "الجهات الأمنية والحكومة بحال عدم مقدرتها على بسط الأمن وإيقاف تلك الهجمات، فستكون جميع الخيارات مفتوحة أمامنا وأمام عشائرنا للدفاع عن مناطقنا وحمايتها من تلك الهجمات الإرهابية".
وبيّن أن "الازدواجية والانتقائية في التعامل مع الملف الأمني في ديالى شجعتا الجماعات المنفلتة والإرهابية على التمادي، في عدوانها وإرهابها، خصوصاً وأن هناك أصواتا ساهمت في إيقاد نار الفتنة ما بين من ينادون بنزع المناطق من أهلها ويحرضون بشكل علني على تهجير الناس، دون أي محاسبة، تقابلهم جماعات منفلتة معروفة للجميع تقوم باغتيال وقصف المدنيين العزل دون أي محاسبة أو ردع".
ودعا الدهلكي، رئيس الحكومة، إلى "زيارة عاجلة إلى المحافظة والاطلاع بشكل مباشر على وضعها الأمني قبل خروج الأمور عن السيطرة، وعدم الاكتفاء بالتقارير المضللة والمغلوطة التي تصل إليه من البعض، ممن يريدون تشويه الحقائق أو إيصالها منقوصة".
أما النائب أحمد مظهر الجبوري، فقد حذّر من عودة المحافظة إلى المربع الأول، بسبب فوضى السلاح، وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك تجريفاً قسرياً في بساتين مناطق الشيخ بابا، وهو مرفوض، وهناك أكثر من 1500 دونم من البساتين المثمرة مهددة بالتجريف"، مناشدا "رئيس الوزراء التدخل الفوري وحماية الناس وممتلكاتهم بدلاً من تجريف بساتينهم وتهجيرهم".
وأضاف أنّ "فوضى السلاح المنفلت قد تعيد المحافظة إلى المربع الأول، مع عودة التهجير، وإعادة الشرخ المجتمعي، ما يتطلب موقفاً حكومياً وتدخلاً حقيقياً، وضرب الجهات الخارجة عن القانون، والتي تعبث بأمن المحافظة"، منتقداً "الاعتماد على قوات أمنية كلها من خارج المحافظة، وهذا تسبب بضعف المعلومات الاستخبارية".
وأشار إلى أن "هناك جهات خارجة عن القانون مستفيدة من التراجع الأمني وضرب النسيج المجتمعي، وتعمل على تصعيد العنف لتحقيق أهدافها".