قال مسؤولون في حركة النهضة التونسية، أمس السبت، إنّ الشرطة استدعت رئيس الحركة راشد الغنوشي ونائبه علي العريض للاستجواب يوم الإثنين في تحقيق حول "التسفير إلى بؤر التوتر".
وأبلغ الغنوشي وكالة "رويترز"، عبر الهاتف، بأنه سيمثل أمام تحقيق للشرطة يوم الإثنين، مضيفاً أنه ليس على علم بالسبب.
وأكد المحامي سمير ديلو، اليوم الأحد، استدعاء الغنوشي والعريض للتحقيق معهما، موضحا في تصريح لـ"العربي الجديد" أنهما "سيمثلان غدا لدى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب".
وقال إنه "لم يتم توجيه أي تهم لا للغنوشي ولا للعريض، بل ورد أن الاستدعاء هو فقط للاستماع إلى كليهما"، مؤكداً أنه "لم تتم دعوة قيادات أخرى في حركة النهضة في الوقت الراهن".
وكان القيادي في حركة "النهضة" نور الدين البحيري قد نفى، ليلة أمس، استدعاءه للتحقيق، مؤكدا في تدوينة له أنها "مسرحية لإلهاء الشعب"، مضيفا: "مسرحياتكم لن تنجح في تلهية التوانسة عن معاناتهم ومآسيهم".
وتابع: "هناك تعمد من بعض وسائل الإعلام ترويج أنه تمت دعوتي لسماعي أمام إحدى الفرق الأمنية الإثنين، ولكن هذا الخبر كاذب وعار من الصحة، وقوة الترويج له ليست أكثر من محاولة فاشلة لتلهية الناس عن نشر قرار الزيادة القاتلة في أسعار الوقود والغاز المنزلي يوم 18 سبتمبر (أيلول)".
وحذر من "ارتفاع نسبة الموتى غرقا، وآلاف رحلات الهجرة السرية للشيب والشباب والنساء والأطفال، وانهيار المقدرة الشرائية واتساع دائرة الفقر المجحف والفساد والجريمة".
النهضة تحذّر
وأكدت حركة النهضة، في بيان لها، أن رئيسها راشد الغنوشي، ونائبه علي العريض، تلقيا استدعاء للحضور بمقر الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب، يوم غد الإثنين.
ونبّهت في بيانها، مساء اليوم الأحد، إلى "خطورة التمشي الذي انتهجته سلطة الانقلاب ومحاولاتها استهداف المعارضين لها بالتشويه والقضايا الكيدية ومحاولات الضغط على القضاء وتوظيفه"، مؤكدة على "احترام القضاء والدفاع عن استقلاليته".
وذكرت: "ما يجري يندرج في مسعى إلهاء الرأي العام عن قضاياه وهمومه الاقتصادية والاجتماعية وأوضاعه المعيشية المتدهورة"، مؤكدة أن "ذلك لن يثني الحركة عن الدفاع عن الحقوق المشروعة للتونسيين والتونسيات ودعم تحركاتهم القانونية لتحقيقها".
ووعدت الحركة بأنها "ستوافي الرأي العام الوطني، مساء غد الإثنين، بمزيد من معطيات حول هذا الموضوع".
"كسب وغنيمة"
بدوره، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "النّهضة" بلقاسم حسن، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الاستدعاءات والمحاولات من أجل فرض قضايا وتهم مسألة واهية لأن الاتهامات باطلة أساسا"، مؤكدا أنه "ليس أمام الانقلاب سوى مواصلة الضغط ومحاولة الزج بالحركة في ملفات معينة".
وأوضح أن "استدعاء الغنوشي والعريض قد يكون مسألة عادية لأنهما مواطنان ويحترمان القانون والقضاء، ولا بد أن يمثلا احتراما للقانون، ولكن وجود اتهامات مسبقة يجرى على أساسها بناء بحث وتحقيقات يبدو غريبا، لأن الدولة من المفروض أنها تعرف مدى صحة ذلك أو لا، ولا تنتظر شكاوى تجعل من الشخص متهما حتى تثبت براءته، إذ يتعين هنا إثبات البراءة وليس العكس وهذا الغريب".
وأوضح بلقاسم أن "لديهم ثقة في القضاء ويعتبرون أن ما يقوم به الانقلاب هو لتلهية الناس عن قضاياهم الأساسية وحياتهم المعيشية، وما يعانيه التونسي في ظل أزمة حادة تعيشها البلاد منذ أشهر، وبالتالي يتم الترويج لمحاسبة رئيس حركة النّهضة ونائبه ومسؤولي الحركة، ليكون الرئيس (قيس سعيّد) وفق ما يريده البعض، أي في خدمة كل من يكن عداء للنهضة".
وتابع قائلا: "هذه الاتهامات لا صحة لها وليس هناك أي مجال للتشكيك في ذلك، فالنهضة لم تأمر يوما بالتسفير ولم تنخرط في ذلك، لأنه من غير المعقول أن يطلب حزب سياسي وطني من الناس القتال في سورية، ولكن للأسف يتم رمي تهمة بمثابة القنبلة لتصبح مجالا للحديث والتضخيم، ولكي يتناولها الإعلام، وهذا بالنسبة للانقلاب كسب وغنيمة".
وعما إن كانت لديهم تخوفات من إيقاف رئيس الحركة وقيادات "النهضة" غدا، رد حسن قائلا: "إن ثبت أي شيء ضدهم فيجب تطبيق القانون، ولكن للأسف سعيّد هو الذي تجاوز القانون وليس النهضة، وهو الذي ضرب الدستور والشرعية والهيئات المنتخبة وليس النهضة"، مضيفا أن "سعيّد يتمتع بحصانة ويبيح لنفسه اتخاذ إجراءات استثنائية".
وأضاف المتحدث ذاته: "مع كل ذلك، لا بد من احترام البحث والتحقيق والقضاء، ولذلك فإن الغنوشي وقيادات النهضة سيمثلون لدى الجهات الأمنية لأنهم لا يعتبرون أنفسهم فوق القانون والمساءلة، بل بالعكس هم يرون أن هذا المثول من أساسيات الديمقراطية واحتراما منهم للقانون، والدليل أنها ليست أول مرة يمثلون فيها للتحقيق، وكم من قضية أثيرت مؤخرا واحترموا القانون، ولكن البعض للأسف يضع تهما معينة ويحاول تفصيلها على النهضة، ولكن القانون سيد الجميع".
والخميس الماضي، أوضح قيادي في حركة النهضة، لـ"العربي الجديد"، أنّ استغلالاً سياسياً يحيط بهذا الملف، يهدف بالأساس إلى استهداف الحركة من خلال تحركات استعراضية تسعى إلى صرف الأنظار عما يجري في الواقع، وبالأخص التحديات التي يواجهها نظام قيس سعيّد.
وأشار المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة المحامي سامي الطريقي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "ملف التسفير ملف مغرٍ للساحة الإعلامية، ويبدو واضحاً أنه بعد الانقلاب أصبح كل ما يمكن أن يدين طرفاً سياسياً أو يصرف الأنظار عما يجري في الواقع متاحاً ومُرحباً به".
يشار إلى أن الوحدات الأمنية في تونس تواصل التحقيق مع سياسيين ونواب ومسؤولين سابقين في الملف ذاته.
وكانت الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب قد أوقفت، الأربعاء الماضي، النائب السابق عن حركة "النهضة" ورئيس "جمعية الدعوة والإصلاح" الحبيب اللوز، في مدينة صفاقس، بشبهات التورّط في شبكات التسفير إلى بؤر التوتر، قبل أن ينقل إلى المستشفى إثر تدهور وضعه الصحي.
وكانت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب تولت إيقاف رجل الأعمال والنائب السابق محمد فريخة، الذي كان يمتلك شركة طيران، على ذمة التحقيقات، قبل أن يُنقل هو أيضا إلى العناية المركزة، حيث أكدت عائلته في بيان لها، الجمعة، تعرضه إلى اضطرابات صحية حادة.
كما أوقفت النيابة العمومية في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب محافظ مطار تونس قرطاج الدولي الأسبق مدة 5 أيام قابلة للتمديد، وذلك على ذمة الأبحاث المتعلقة بشبهات التورط في شبكات تسفير تونسيين إلى بؤر التوتر والإرهاب خارج البلاد.
وأذنت النيابة العمومية في قطب مكافحة الإرهاب بتمديد الاحتفاظ بالمسؤولين الأمنيين السابقين فتحي البلدي وعبد الكريم العبيدي، فيما أُطلق سراح النائب محمد العفاس الأربعاء قبل الماضي. وأطلق سراح المدير العام السابق للحدود والأجانب، المحال إلى التقاعد الوجوبي، لطفي الصغير، بعد الاحتفاظ به في وقت سابق، الأربعاء الماضي، على ذمة الأبحاث المتعلقة بنفس الملف.
وأمس السبت، ذكرت تقارير إعلامية أن الوحدة المركزية لمكافحة الإرهاب قررت الاحتفاظ بالناطق الرسمي السابق باسم تنظيم "أنصار الشريعة" المحظور، سيف الدين الرايس، وقيادي آخر بارز من التنظيم، في ما يعرف بملف شبكات "التسفير إلى بؤر التوتر".