لا يجري حديث بين اثنين في شوارع مصر، عشية يوم محتمل للتظاهر، إلا مشفوعاً بالسؤال عما سيحدث اليوم الجمعة، 11 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
الخبازون في المخابز، والباعة في المتاجر، والبوابون على بوابات العمارات وعاملو التوصيل على الدراجات البخارية، لا يكفون عن الحديث عن التاريخ المرتقب، تساؤلا وتخمينا بإجابات، وفق شهود عيان.
التحركات الأمنية والتعليمات اللي طلعت من وزارة الداخلية المصرية يوم ٦ ومستمرة لحاد يوم ١٨ نوڤمبر
— Aly Hussin Mahdy (@AlyHussinMahdy) November 10, 2022
إثبات كبير إن النظام بأجهزته قاعد مستني نزول الناس وراصـد إن المرادي بجد وإن الشعب لأول مرة جاهز لنزول الشارع
يلا يا مصر#حي_على_الثورة
خوف وترقب
يدخل عامل توصيل الطلبات لفرع إحدى سلاسل المتاجر الشهيرة بالجيزة وهو يلهث، ليخبر مدير الفرع بأنه تأخر في العودة لأنه تعرض للتفتيش ثلاث مرات في مسافة تقل عن أربعة كيلومترات، فيتساءل أحد المشترين عن توقيت وصول كميات من الأرز الذي شح من الأسواق ضمن مواد غذائية أخرى كالسكر والبقوليات، فيما يتساءل مشتر آخر هل ما سيحدث في هذا اليوم سيفاقم الأزمة أم سيحلها؟ كما روى لـ"العربي الجديد" محمود، وهو موظف على المعاش شهد الحدث.
وبدت ليلة الحادي عشر من نوفمبر شبيهة بليلة 25 يناير/كانون الثاني 2011، عشية اندلاع الثورة المصرية الأخيرة، من حيث ضبابية المشهد تجاه توقع ما سيحدث، غير أنها لم تكن بمثل هذا الزخم، الذي جعل كل المصريين تقريباً على علم بالموعد المرتقب، مع تباين التعاطي مع الحدث إيجاباً ورفضاً.
وتوضح الجولة السريعة في شوارع القاهرة الكبرى أن السلطة تجتر نفس أساليب "الإجهاض" المعتادة التقليدية إزاء الاحتجاجات، حيث توقيف المارة وتفتيشهم ذاتيا وفحص هواتفهم، وتوسيع عمليات الاشتباه، حد قيام محامين بإعلان أسماء معتقلين على فيسبوك، اعتقلتهم الشرطة وعرضتهم على النيابة التي فتحت ملف قضايا جديدا باسم قضية "11/11"، تضم آلاف الموقوفين في الشوارع، والمعتقلين من منازلهم.
دلائل الرعب
وقال الباحث السياسي خليل العناني، في تغريدة على تويتر، إن مظاهرات 11/11 المرتقبة نجحت قبل أن تبدأ، لافتاً لحالة رعب حقيقي داخل أروقة النظام.
وهناك استنفار وتأهب بمؤسسات الدولة كافة، حسب العناني، الذي ذكر أن هناك تحذيرات من أعلى مستوى استخباراتي من خروج الناس وانفلات للأوضاع.
ودلل العناني بنجاح التظاهرات التي بدأت بالفعل في عدد من المدن مثل أسوان بأقصى الجنوب والسويس شرقاً والوراق بالقاهرة، بوجود ما يشبه الشلل التام لمظاهر الحياة مع إغلاق محلات وتعطيل مواصلات، مع إلغاء إجازات الجيش والشرطة.
كيف نجحت مظاهرات 11/11 قبل أن تبدأ؟!
— Dr.Khalil al-ِِAnani د. خليل العناني (@Khalilalanani) November 10, 2022
- رعب حقيقي داخل أروقة النظام.
- استنفار وتأهب بكافة مؤسسات الدولة.
- تحذيرات من أعلى مستوى استخباراتي من خروج الناس وانفلات الأوضاع.
- شلل للحياة وإغلاق محلات وتعطيل ومواصلات الخ.
- إلغاء اجازات الجيش والشرطة.
نظام يخاف ميختشيش.#علم_نافع
وتزايدت وتيرة الاعتقالات العشوائية من الشوارع واستهداف محامين وصحافيين بالاعتقال من المنازل، ونقلت المحامية الحقوقية ماهينور المصري عن المحامي نبيه جنادي قوله إنه حضر تحقيقاً في نيابة أمن الدولة مع أشخاص، لا يتذكرون أي أرقام هاتفية لذويهم لإمكانية التواصل معهم، فيما تداول نشطاء المنشور لتوصيلها لذويهم.
وطالب المحامي الحقوقي خالد المصري، على حسابه في فيسبوك، كل ذوي المعتقلين خلال الأيام الماضية بالبحث عنهم لدى نيابة أمن الدولة. وأشار المصري إلى أنه حتى الآن هناك ثلاث قضايا جديدة مفتوحة في نيابة أمن الدولة تتعلق بالدعوات ليوم 11/11.
الواقع والمواقع
وبالتوازي، ألزمت أجهزة الأمن أصحاب المقاهي والمتاجر في القاهره الكبرى، بغلق متاجرهم طوال يوم الجمعة، مع إعلان شركات مواصلات خاصة وقف خدماتها غداً خشية تعرضها للتخريب، بحسب عاملين فيها، بينما أعلن بيان للشركة وقف خدماتها بحجة الصيانة، ما أثار سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتداول مغردون بمزيد من السخرية قرار شركة مواصلات مصر، وهي إحدى أكبر شركات النقل الجماعي الخاصة بوقف رحلاتها غدا من أجل "صيانة سياراتها استعدادا لبداية أسبوع جديد وبقوة أكبر".
وتصدر هاشتاغ "موعد مع الحرية" وكذلك "انزل حرر بلدك" موقع تويتر، أما المفاجأة فكانت في انتشار غرف الدردشة والنقاش بتطبيق تيك توك الذي شهد نقاشات ساخنة بين مؤيدين ومعارضين، تكررت فيها عبارة تقول إن المكسب الحقيقي لدعوات التظاهر لـ11/11 هو هذا النقاش الحر غير المسبوق الذي يتناول القضايا كافة، بما فيها بقاء السيسي على رأس الحكم بالبلاد، حتى لو لم تقع احتجاجات.
وسخر مواطنون من وجود مخبرين على هيئة باعة بطاطا وموز جائلين في الشوارع، إذ تشي هيئاتهم ووقفاتهم لكونهم "مخبرين" وليسوا باعة جائلين.
بالمقابل، بدأت قوات من الجيش والشرطة في توزيع كراتين مواد غذائية على المواطنين في الميادين والشوارع، "للتخفيف عن كاهل المواطنين" بحسب صفحات رسمية على فيسبوك.
وباعت القوات المسلحة نحو مليون و500 ألف حصة غذائية في الشوارع بنصف الثمن من وقت انطلاق المبادرة الشهر الحالي.
وتوفر وزارة الداخلية عبر منافذها الثابتة والمتنقلة مواد غذائية بأسعار مخفضة، ضمن فعاليات المرحلة الثالثة والعشرين من مبادرة (كلنا واحد) تحت رعاية رئيس، والمقرر أن تستمر حتى نهاية الشهر الحالي، لتوفير السلع الغذائية وغير الغذائية بأسعار مخفضة عن مثيلاتها بالأسواق بنسبة تصل إلى 60 % وذلك بالتنسيق مع مختلف قطاعات الوزارة ومديريات الأمن على مستوى الجمهورية حيث "تتوافر السلع بجودة عالية وأسعار مخفضة" بالمنافذ والسرادقات الموضحة على الموقع الرسمى لوزارة الداخلية.
وجرى التنسيق مع كبرى الشركات والسلاسل التجارية للمشاركة فى المبادرة لتوفير تلك السلع الغذائية وغير الغذائية بمختلف محافظات الجمهورية، وذلك بالتنسيق مع الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة والموردين من أصحاب الشركات التجارية المتخصصة والمشاركة فى تلك المبادرة، بالإضافة إلى توجيه عدد من القوافل بمحافظات القاهرة الكبرى.
وتواصل منظومة "أمان" التابعة لوزارة الداخلية المساهمة فى "تخفيف" الأعباء عن كاهل الأسر المصرية، بإعداد عبوات تحوي سلعا "متنوعة بجودة عالية" بهدف طرحها للمواطنين بتخفيضات تصل إلى 50% من خلال عدد 1026 منفذا ثابت ومتحرك وسرادقات بالميادين والشوارع الرئيسية وقوافل السيارات الخاصة بمنظومة أمان حتى نهاية العام.
كما تقوم منظومة أمان بتوزيع عبوات غذائية بالمجان على المواطنين بالمناطق الأشد احتياجاً والمناطق الحضارية الجديدة فى إطار الدعم والمساندة التي تقدمها وزارة الداخلية لهذه الفئات.