- القحطاني يُعتبر خسارة للمعتدلين داخل "تحرير الشام"، حيث كان يحارب التشدد ويمثل تيارًا معتدلًا، ويرى البعض أن مقتله قد يؤدي إلى سيطرة متشددين يمارسون قمعًا أشد.
- على الرغم من تصنيف القحطاني كمعتدل من قبل بعض أنصار الثورة، إلا أنه كان من مؤسسي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وله مواقف معقدة تجاه التشدد والمعارضة، مما يعكس التحديات في تحديد مواقف الفصائل الجهادية.
أثار مقتل الرجل الثاني في تنظيم هيئة تحرير الشام، وأحد أبرز مؤسّسي جبهة النصرة بداية عام 2012، ميسر الجبوري (أبو ماريا القحطاني) الخميس الماضي، تكهنات وتحليلات عديدة بشأن أسباب مقتله والمستفيد من هذه العملية المدبّرة، ومستقبل الهيئة بعد رحيله في وجود جناح كامل ضمن الهيئة يدين بالولاء للقحطاني.
وبالتزامن مع تلك التحليلات، برزت أصواتٌ كثيرة، منها ما هو محسوب على الثورة السورية، تتباكى على مقتل الرجل، وتعتبر هذا الحدث خسارة كبيرة لشخصٍ يحارب التشدّد والغلو، ويمثل التيار المعتدل ضمن "تحرير الشام"، وبخسارته سيقود الهيئة متشدّدون يمارسون قمعاً واستبداداً أقوى من السابق بحقّ السكان.
ويستذكر المتباكون على القحطاني "مآثره" و"اعتداله"، منذ كان شرعياً لجبهة النصرة في بداية تأسيسها حين كان في محافظة دير الزور، حيث كان يتقرّب من العشائر هناك ويرفض تطبيق فكر تنظيم القاعدة "الذي يتبع له" دفعة واحدة على السكان، كذلك فإنه لم يكن مع قتال جبهة النصرة للجيش السوري الحر آنذاك، وإن اعتداله كان سبباً في إقصائه عن رئاسة المجلس الشرعي لجبهة النصرة. وهذا عدا عن محاربته التيارات والتنظيمات المتشدّدة، التي يأتي في مقدمتها تنظيما داعش وحرّاس الدين، وغيرهما من تنظيماتٍ حاربها القحطاني بشراسة.
قد يكون مبرراً لأحد عناصر التنظيمات الجهادية أن يصنف قائداً جهادياً كالقحطاني بالمعتدل، أما المعجبون باعتداله من جمهور الثورة والمعارضة، فيجب أن يعلموا أن هذا الرجل هو من مؤسسي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وأن خلافه مع أبو بكر البغدادي كان على الإبقاء على بيعة زعيم "القاعدة" أيمن الظواهري بدلاً من بيعة البغدادي.
كذلك إن عدم تشدّد القحطاني مع سكان المناطق التي سيطرت عليها جبهة النصرة، وجهة نظر وليس اعتدالاً، إذ كان يرى أن الأولوية للتمكّن من عقول الناس، ومن ثم فرض الأحكام عليهم. وكذلك الأمر بالنسبة إلى عدم تفضيله قتال فصائل المعارضة، فوجهة نظره تقوم على عدم قتالها ضمن مرحلة معينة. ومع ذلك، سُحقَت فصائل معارضة على يد "النصرة"، وكان القحطاني قيادياً فيها. وإن محاربته "داعش" بسبب خلاف أيديولوجي مع التنظيم على تفاصيل لا تعني جمهور الثورة، وكذلك قتاله "حرّاس الدين" كان انتقاماً من زعيم التنظيم سامي العريدي، الذي أخذ مكانه يوماً ما ضمن الهيئة الشرعية لجبهة النصرة.
قد يعود ترويج زعيم جهادي على أنه رجل معتدل في أوساط جمهور الثورة والمعارضة السورية، إلى الإحباط الذي وصل إليه السوريون لدرجة انحسار الخيارات في ذهنيتهم بشأن من سيحكمهم، نحو المقارنة فقط بين جهادي متشدّد وجهادي أقلّ تشدّداً. لكن السوريين في المجمل لا يزالون يثبتون يوماً تلو الآخر أنهم ماضون على طريق تحرير بلدهم من كل أشكال الاستبداد والتطرف.