يصدر القضاء التركي، اليوم الاثنين، حكمه بحق الناشط البارز عثمان كافالا، فإما أن يغادر سجنه حيث قضى أربع سنوات من دون إدانة، أو أن يكمل بقية حياته وراء القضبان.
وخيّمت قضية كافالا المعروف بأعماله الخيرية والمولود في باريس، على العلاقة بين تركيا وحلفائها في الغرب منذ توقيفه في أكتوبر/تشرين الأول 2017.
وعُرف الناشط البالغ من العمر 64 عاماً، كرجل أعمال استخدم جزءاً من ثروته لدعم مشاريع ثقافية وغيرها، تهدف لمصالحة تركيا مع أرمينيا. لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صوّره كعميل يساري للملياردير الأميركي المولود في المجر جورج سوروس، الذي اتُّهم باستخدام أموال أجنبية في محاولة للإطاحة بالدولة.
واتُّهم بداية بتمويل موجة تظاهرات عام 2013، يرى بعض المحللين بأنها خرجت نتيجة نزعة أردوغان الاستبدادية. وبرّأته المحكمة من هذه التهمة، وأطلقت سراحه في فبراير/شباط 2020، لتوقفه الشرطة مباشرة بعد القرار.
واتّهمته محكمة أخرى لاحقاً بالتورط في محاولة انقلاب 2016 الدامية، التي أطلقت العنان لحملة أمنية استمرت سنوات، وتم خلالها سجن عشرات آلاف الأشخاص أو تسريحهم من وظائفهم الحكومية. واليوم يواجه كافالا اتهامات في القضيتين. ودفعت طريقة معاملته، مجلس أوروبا، لإطلاق إجراءات تأديبية نادرة من نوعها يمكن في نهاية المطاف أن تؤدي إلى تعليق عضوية تركيا في المجموعة الحقوقية الأكبر في القارة.
وقال كافالا للمحكمة في بيان ختامي صدر الجمعة في اتصال عبر الفيديو من سجنه الخاضع لإجراءات أمنية مشددة خارج إسطنبول، "حقيقة أني قضيت أربع سنوات ونصف السنة من حياتي في السجن هي خسارة لا يمكن التعويض عنها"، مضيفاً: "عزائي الوحيد هو وجود احتمال بأن ما مررت به قد يساعد في وضع حد للأخطاء القضائية الجسيمة".
نقطة تحول
وستحدّد مصير كافالا لجنة من ثلاثة قضاة صوّتوا مرة تلو الأخرى لصالح إبقائه سجيناً بانتظار المحاكمة. وحضرت كل جلسة استماع مجموعة من الدبلوماسيين الأجانب الذين يحاولون التركيز على أهمية مسألة حقوق الإنسان بالنسبة لعلاقات أنقرة مع الغرب.
وقال غوني يلديز، من منظمة العفو الدولية في تركيا، "قد يمثل إطلاق سراحه غير المشروط نقطة تحول في التخلص من تسييس النظام القضائي في تركيا.. لذلك تعد نتيجة هذه القضية الرمزية مهمة للغاية".
ويمكن أن يُسجن كافالا مدى الحياة، من دون احتمال الإفراج المشروط عنه في حال أدين بالتجسس ومحاولة الإطاحة بالدولة. وتجري محاكمة سبعة متّهمين آخرين ما زالوا في تركيا على خلفية تظاهرات عام 2013، التي خرجت للدفاع عن حديقة صغيرة في اسطنبول قبل أن تتحول إلى حركة وطنية.
وقالت مُجلّة يابيجي، التي تواجه أيضاً حكما بالسجن مدى الحياة من دون إمكانية الافراج المشروط، للمحكمة، إن تظاهرات 2013 كانت "الحركة الجماعة الأكثر ديمقراطية وإبداعاً وسلمية في تاريخ هذا البلد".
وستبدأ جلسة اليوم بمرافعات ختامية من محامي الدفاع، فيما يتوقع أن يصدر القضاة الثلاثة حكمهم في وقت لاحق من اليوم. لكن هجوم روسيا الذي بدأ منذ شهرين على أوكرانيا، طغى على أهمية القضية بالنسبة لموقف تركيا على الصعيد الدبلوماسي دولياً.
وسعى أردوغان لاستغلال علاقاته الجيّدة مع كلّ من موسكو وكييف للقيام بدور وسيط لإنهاء الحرب. وأثمرت جهوده بالفعل عن تحسن في العلاقات بين أنقرة وواشنطن، والتي من شأنها أن تفضي إلى تزويد تركيا بطائرات عسكرية أميركية.
وستنعقد جلسة الاستماع اليوم في إسطنبول، بالتزامن مع لقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس مع الرئيس التركي في أنقرة، قبل توجهه إلى موسكو وكييف في وقت لاحق هذا الأسبوع.
(فرانس برس)