بدأت قوات حفظ السلام الدولية العاملة في شبه جزيرة سيناء، لمراقبة تطبيق اتفاقية كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر، إعادة تموضعها داخل المنطقة، بعد استتباب الوضع الأمني، بالتزامن مع سحب الجيش المصري الآليات الثقيلة والمدفعية من مدن شمال سيناء، بعد انتهاء السبب الاستثنائي الذي سمحت بموجبه إسرائيل بإدخال القوات المصرية والمعدات، والمتمثل في مواجهة تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي.
وقالت مصادر قبلية من مدينة الشيخ زويد، لـ"العربي الجديد"، إن قوة كبيرة من الجيش المصري كانت تتمركز داخل موقعي "الشلاق" و"أبو سنجر"، التابعين للقوات الدولية على الطريق العام في سيناء، وذلك بعد انسحاب القوات الدولية منهما إثر تصاعد الأحداث والمواجهات العسكرية بين الجيش و"داعش" قبل ست سنوات.
عودة القوات الدولية لمواقعها
وأوضحت المصادر أنه بعد طرد التنظيم من شمال سيناء، وهدوء الوضع الأمني، عادت القوات الدولية لترميم الموقعين، بعد الطلب من الجيش المصري سحب آلياته منهما ومن محيطهما أيضاً.
بدأت القوات الدولية في تحصين مواقعها، عبر زيادة السواتر الرملية والإسمنتية
وأشارت المصادر إلى أن القوات الدولية بدأت في تحصين مواقعها، عبر زيادة السواتر الرملية والإسمنتية، وتجهيز البنى التحتية التي تضررت خلال المواجهات، وجراء مكوث الجيش المصري داخلها.
وذكرت أن القوات الدولية بدأت تتحرك بشكل مستمر على الطرق الداخلية لشمال سيناء، وعلى الطريق الدولي من منفذ رفح البري وصولاً إلى الأطراف الشرقية من مدينة العريش، كما قامت بزيارات متتالية إلى المنفذ، وإلى الخط الساحلي الذي كان من الصعب الوصول إليه في ظل وجود مجموعات للتنظيم فيه طيلة السنوات الماضية.
سحب الجيش المصري آلياته من الشوارع
من جهة أخرى، أكدت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن شوارع وميادين مدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد باتت تخلو من أي دبابة أو ناقلة جند أو آليات المدفعية الثقيلة.
وأوضحت أنه تم سحبها جميعاً إلى معسكرات خلفية للجيش المصري، وجزء منها خارج سيناء بأكملها، في ظل تحسن الوضع الأمني في المحافظة، والتزاماً بالاتفاقيات مع إسرائيل التي تراقب الوضع في سيناء عن كثب، خصوصا الجانب العسكري منها.
وأشارت إلى أن قوات الجيش باتت تكتفي بسيارات الجيب المصفحة والمدرعات غير المجنزرة، وفي نقاط محددة في سيناء، في ظل تقليل أعداد الكمائن والحواجز والارتكازات الأمنية التي كانت تنتشر في كل شوارع شمال سيناء الرئيسية.
وأوضحت المصادر أن ما يجري من تحركات على الأرض لا يتم الإعلان عنه بشكل رسمي، ومن ضمن ذلك سحب القوات العسكرية الخاصة وتقليص الأعداد، وسحب المعدات الثقيلة، وخفض أعداد المواقع والكمائن، وإعادة تسليم المواقع للقوات الدولية.
عودة حرس الحدود للعمل
وأكدت أن القوات الأمنية المدنية وحرس الحدود، وهي الجزء الأساسي في اتفاقية كامب ديفيد وملاحقها الأمنية، بدأت بالعودة للعمل في شمال سيناء بشكل واضح، حيث إن دوريات المرور ومكافحة المخدرات والمباحث وصلت في عملها إلى الحدود الفاصلة بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
باتت شوارع وميادين مدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد تخلو من أي دبابة أو ناقلة جند
يشار إلى أنه تم تشكيل القوة الدولية متعددة الجنسيات بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر والاحتلال الإسرائيلي في منتجع كامب ديفيد في واشنطن في 26 مارس/ آذار 1979، وإنهاء حالة الحرب، بهدف ترتيب التفاصيل العسكرية الواردة بالملحق "1" من المعاهدة، من خلال توقيع مصر وإسرائيل والولايات المتحدة بروتوكول إنشاء تلك القوة في 3 أغسطس/ آب 1981.
وهذه القوة لا تتبع للأمم المتحدة، وهذا الأمر لم تقبل به مصر في البداية، إلا أنها اضطرت لذلك بسبب ظروف الوضع الدولي في ذلك الحين، لا سيما الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة.
وهذا يعني أن واشنطن وتل أبيب تمكنتا من استبدال الدور الرقابي للأمم المتحدة المنصوص عليه في المعاهدة بقوات متعددة الجنسيات، وتم تجاوز البعد القانوني، من خلال إضافة بروتوكول ضمن الملحق رقم "1"، فيما جاء في البند 19 من ملحق بروتوكول إنشاء تلك القوة أن حجمها يتكون من مقر قيادة وثلاث كتائب مشاة، ولا يزيد مجموع أفرادها على ألفي عنصر ووحدة دوريات ساحلية ووحدة مراقبين وملاحة ووحدات شؤون إدارية وإشارة.
ويتوزع عناصر القوة متعددة الجنسيات والمراقبين في سيناء على 13 دولة، بينها أعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وتمثل القوات الأميركية وحدها نحو 40 في المائة من تعداد القوة، تليها من حيث الحجم كولومبيا وفيجي. وإلى جانب تلك الدول الثلاث، تضم القوة عناصر من بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، وأستراليا، وكندا، والتشيك، ونيوزيلندا، والنرويج، وأوروغواي.