القيروان لا تنتظر تغيير الدستور

21 يونيو 2021
تشهد مدينة القيروان أياماً صعبة (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

تشهد مدينة القيروان التاريخية في تونس أياماً صعبة بسبب تفشي وباء كورونا بسرعة كبيرة بين سكانها، وتحوّلها إلى منطقة موبوءة، في ظل ضعف الإمكانيات الصحية في المنطقة، ليتناقل التونسيون، خلال اليومين الماضيين، صوراً مؤلمة جداً عنها.
وبينما تئن القيروان وأطفالها، تنغمس النخبة السياسية التونسية في نقاش حول إمكانية تغيير الدستور وفرضية العودة إلى نظام رئاسي، وتضج المواقع والصفحات بآراء الخبراء والمواطنين. ولكن القيروان لا تعبأ بهذا الحديث ولا يهمها إن كان من سينقذها من الوباء، رئيس دولة أو نائبا في البرلمان، يساريا أو إسلاميا، شيوعيا أو ليبيراليا، لأن هذا النقاش يُفترض أنه حصل بعد كتابة الدستور.

نحن نتحدث عن مدينة ضاربة في القدم، عمرها عشرات القرون، وحضارتها أضاءت الأرجاء، وعلمها أشع على كل العالم الإسلامي، نتحدث عن القيروان التي أبدعت "الصداق القيرواني" الذي فرضته أروى القيروانية على الخليفة أبي جعفر المنصور، وكانت نساء القيروان يشترطن على الرجل المتقدم لخطبتهن ألا يتزوج بامرأة أخرى، إلا في حال الطلاق. ونتحدث عن مدينة فُسْقِية الأغالبة (أحواض مائية، تستعمل مياهها في الري والشرب) التي تعكس مدى تطور فن العمارة والفكر البنائي التخطيطي للدولة الإسلامية في عهد الأغالبة، ومعلماً هيدروليكياً مهماً في تاريخ العالم الإسلامي.

على الرغم من هذا العلم والحضارة، يكشف النائب خالد الكريشي، في تصريح تلفزيوني، أن محافظة القيروان تعاني من ظاهرة خطيرة لم تبادر أي من الحكومات المتعاقبة إلى حلها، وهي ظاهرة انتحار الأطفال، موضحاً أن القيروان هي الأولى في نسبة الانتحار على مستوى البلاد، والأولى في البطالة، والأولى في نسبة الفقر، في حين لم يتجاوز مؤشر التنمية 0.09 في المائة.

يؤكد وزير الشؤون الاجتماعية التونسي، محمد الطرابلسي، ارتفاع نسبة الفقر في مناطق الوسط الغربي عموماً، بينما تحتل مدن من محافظة القيروان المراتب الأولى في الانقطاع المدرسي. وفيما يغرق مسؤولو تونس في سجالاتهم العقيمة، يحذّر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، في تصريح إعلامي، من أن تونس تحتاج إلى 12 مليار دينار (نحو 4 مليارات و330 مليون دولار) لتغطية احتياجاتها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، لتفادي خطر سيناريو العجز عن سداد جزء من ديونها، من يونيو/حزيران حتى أغسطس/آب، لأول مرة في تاريخها، وأن عدم توفير الاحتياجات المالية للفترة المقبلة يعني أن تونس ستجد نفسها في مرحلة جدولة الديون التي تترافق مع فرض شروط تمس السيادة. بعد كل هذا، هل يعتقد زعماء تونس أن القيروان يهمها أن يتغير الدستور؟

المساهمون