كشف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، اليوم الجمعة، عن قرب إطلاقه دعوة لجولة ثالثة للحوار الوطني بين الأطراف العراقية، في خطوة تهدف إلى تخفيف الأزمة التي تعيشها البلاد، والتي تفاقمت أخيراً بين التيار الصدري وتحالف "الإطار التنسيقي" الحليف لإيران، وما زالت تنذر بتطورات خطيرة، متحدثاً في الوقت عينه عن "نجاح" بلاده في مهمة الوساطة التي تجريها منذ أكثر من عام بين السعودية وإيران.
الكاظمي، الذي يشارك منذ عدة أيام في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك، كشف، في مقابلة أجرتها معه القناة العراقية الإخبارية الرسمية، أنه سيشرح في كلمته اليوم، أمام الجمعية العامة، "الواقع السياسي والاقتصادي والثقافي والمناخي والتحديات الكثيرة التي يواجهها العراق"، مؤكداً أنّ "جميع قادة دول العالم مجمعة على أهمية دور العراق لترسيخ الاستقرار في المنطقة".
وأضاف: "أطلب من القوى السياسية تحمّل مسؤولياتها تجاه العراق والاستفادة من فرص الحوار الوطني"، مؤكداً: "سأدعو إلى جولة ثالثة للحوار الوطني لحل مشكلاتنا ولا سبيل لدينا سوى الحوار، ولدينا فرصة لبناء العراق وعلى الجميع تحمّل المسؤوليات تجاه ذلك".
وقال إنّ "هناك من يتمنى فشل الحكومة في كل شيء بسبب خلافات شخصية معي، وأدعو جميع الأطراف التي لديها خلافات معي إلى تصفيتها بعيداً عن مصالح الشعب"، مضيفاً "سأضحي بكل شيء من أجل العراقيين وإعادة البلاد إلى وضعها الطبيعي".
ودعا الكاظمي مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية والأمنية إلى "التعاون من أجل إنهاء السلاح المنفلت"، مؤكداً أنّ "الجميع يعرفون من يمتلك السلاح المنفلت، واتخذنا إجراءات لمعالجة الملف".
وشدد على أنّ "استقرار المنطقة له انعكاسات إيجابية على الوضع في العراق"، مؤكداً أن "العراق نجح في تقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية، ودول أخرى نجحت بإعادة علاقتها مع بعضها إثر ذلك، وسنسهم في كل شيء للمساعدة في استقرار المنطقة للمحافظة على كرامة شعوبها"، من دون أن يسمي تلك الدول.
وكان الكاظمي قد بحث، ليل أمس الخميس، مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، جهود الحكومة في تخفيف حدّة الخلافات السياسية. وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء أنّ "الكاظمي التقى غوتيريس على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبحث معه الأوضاع في العراق، وجهود الحكومة في تخفيف حدّة الخلافات السياسية، عبر تبنيها مبادرة الحوار الوطني بين القوى السياسية، وتطرّق أيضاً إلى الوضع في مخيمات النزوح، وجهود الحكومة في إغلاق العدد الأكبر منها، وإعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية".
ووفقاً للبيان، فإنّ "الأمين العام للأمم المتحدة أشاد بدور الكاظمي في الحفاظ على السلم الأهلي في العراق، ودعم مبادرته في الحوار الوطني بين القوى السياسية، والسعي إلى تحقيق الانفراج السياسي". من جهته، أعرب غوتيريس عن "رفضه الاعتداءات التي تمس سيادة العراق، وتأكيده دعم وحدة العراق، ورفضه التدخل في شؤونه الداخلية"، بحسب البيان.
رئيس مجلس الوزراء @MAKadhimi يلتقي، في نيويورك، الأمين العام للأمم المتحدة @antonioguterres ، وعبر السيد الكاظمي عن شكره لجهود بعثة الأمم المتحدة في مساعدة العراق بإقامة انتخابات شفافة ونزيهة، مشيداً بدور الأمم المتحدة وبرامجها الإنمائية لتعزيز القدرات المحلية. pic.twitter.com/ljjrLeclCI
— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) September 23, 2022
وخلال الفترة السابقة، أطلق الكاظمي جولتين للحوار بين الأطراف السياسية، وقد تخلّف عن حضورها "التيار الصدري"، ولم تخرج بأي مخرجات عملية للتخفيف من حدة الأزمة التي تمر بها البلاد.
يأتي ذلك في وقت تثار فيه المخاوف من عودة نزول أنصار الصدر إلى الشارع مع انتهاء الهدنة غير المعلنة بين طرفي الأزمة "التيار الصدري" و"الإطار التنسيقي" الأحد الماضي، بعد أن انتهت الزيارة الأربعينية في كربلاء، وإصرار "التنسيقي" على استئناف عمل البرلمان والتوجه نحو تشكيل الحكومة، وهو ما يتعارض مع توجهات الصدر الذي يريد حل البرلمان والتوجه نحو انتخابات مبكرة.
وشهدت العاصمة بغداد، نهاية أغسطس/ آب المنصرم، مواجهات دامية، إثر إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي، إذ تظاهر المئات من أنصاره داخل المنطقة الخضراء وخارجها وفي المحافظات الأخرى، واشتبكوا مع أمن الحشد الشعبي، ما تسبب بمقتل أكثر من 22 متظاهرا وجرح أكثر من 200، وسط ارتباك أمني خطير شهدته العاصمة.
وتعيش البلاد أزمة هي الأطول من نوعها، إذ حالت الخلافات بين القوى السياسية دون تشكيل حكومة جديدة منذ الانتخابات الأخيرة التي جرت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.