كشف ناشطون مصريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الخميس، عن أسماء ستة من المتورطين في اعتداءات نقابة المهندسين، التي شهدت هجوماً مدبراً من "بلطجية" محسوبين على حزب "مستقبل وطن"، المدعوم من النظام الحاكم في مصر، على مقر انعقاد الجمعية العمومية للنقابة في قاعة المؤتمرات بالقاهرة، قبيل إعلان نتيجة سحب الثقة من النقيب طارق النبراوي.
واكتفى النائب العام المصري حمادة الصاوي بإصدار بيان مقتضب، فجر اليوم، يأمر فيه بفتح التحقيق في البلاغات المقدمة من "الأطراف المتنافسة" بنقابة المهندسين، حول الأحداث التي شهدتها الجمعية العمومية غير العادية للنقابة، بتاريخ 30 مايو/ أيار الماضي، وقوفاً على حقيقة ما حدث.
وحسب ناشطين، فإن مقاطع الفيديو المتداولة بشأن اعتداءات البعض على المهندسين، وتعديهم بالضرب على المندوبين بقصد تعطيل إعلان النتيجة، أظهرت بوضوح تورط عضو مجلس النواب عن دائرة الشرابية بالقاهرة إيهاب العمدة في الاعتداءات، وهو قيادي بارز في حزب "مستقبل وطن" الحائز الأغلبية في البرلمان، وسبق أن وجهت له اتهامات بالاعتداء على المتظاهرين السلميين إبان أحداث ثورة 2011، في ما عُرف وقتها بـ"موقعة الجمل".
وظهر العمدة في أحد الفيديوهات، وهو يقود مجموعة من "البلطجية"، بقصد تحطيم صناديق الاقتراع، وتمزيق ما بها من بطاقات، بعد إظهار النتائج رفض الغالبية الكاسحة من المصوتين سحب الثقة من النبراوي، الذي يشغل منصب نقيب المهندسين منذ مارس/ آذار 2022، وينتمي إلى "تيار الاستقلال النقابي".
كذلك شارك في الاعتداءات نجله خالد إيهاب العمدة، خريج الجامعة البريطانية في مصر، ونائب حزب "مستقبل وطن" عن دائرة روض الفرج بشبرا، محمد عبد الرحمن راضي (ضابط شرطة سابق)، وزميله في الحزب عن دائرة الساحل بالقاهرة أبانوب عزت عزيز، وأمين الشباب بالحزب عن حيّ الشرابية كريم جمعة، ومساعده محمد قلقاسة.
وقالت أربعة أحزاب مصرية، وهي المصري الديمقراطي والاتحاد والدستور والعدل، في بيان مشترك بعنوان "من يلقي بأصوات المصريين تحت الأقدام؟": "تابعنا باهتمام شديد وقلق بالغ ما حدث في أثناء انعقاد الجمعية العمومية لنقابة المهندسين، للتصويت على سحب الثقة من النقيب العام، وما تلا ذلك من دخول بلطجية للجان الفرز، والتعدي على صناديق الاقتراع، وسرقة أوراق التصويت، وتمزيقها وإتلافها وبعثرتها".
وأضاف البيان أن "الاعتداء على بعض أعضاء نقابة المهندسين بالضرب، في مشهد عبثي، لا يليق بدولة يقر دستورها بالديمقراطية، ويحمي حقوق مواطنيها في التعبير عن الرأي، والدفاع عن مصالحهم، وهو ما أثبته الحضور غير المسبوق لآلاف المهندسين لحماية نقابتهم من المندسين، والدفاع عن مستقبل يحافظ على مواصفات ومعايير مهنة، من أولوياتها حماية أرواح الملايين".
وتابع: "ما حدث سابقة خطيرة، وإشارة سلبية جداً إلى ما يمكن أن يتكرر في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، بما يفقد الأطراف كافة الثقة في ما نسعى له حالياً من حوار وتشاور، يفتح الأفق أمام المستقبل".
واستطرد البيان: "إننا إزاء مشاهد كرهها الشعب المصري، وثار عليها سابقاً، وأسقط مرتكبيها، ومحاولة استعادتها تنذر بخطر كبير على المسار الديمقراطي المنشود. نطالب رئيس الجمهورية، ومن منطلق مسؤولياته في الحفاظ على الديمقراطية والسلم الاجتماعي، باتخاذ إجراءات تضمن محاسبة المسؤولين عن الاعتداءات، وإعلان اللجنة القضائية المشرفة على عملية التصويت لنتائج الجمعية العمومية من دون تأخير".
كذلك، طالبت الأحزاب الأربعة باتخاذ كل الإجراءات التي ينص عليها الدستور لحماية العمل النقابي، مؤكدة أنه "لا مستقبل لدولة من دون حيوية مجتمعها المدني، والاتفاق على مصالح مشتركة تضمن للمواطنين حقوقهم وأمانهم وقوتهم، في مواجهة فرض السيطرة بالقوة والاعتداء".
وختمت الأحزاب بيانها، قائلة إن "هذا الحادث الجسيم يُلقي بظلال ثقيلة على مستقبل نتلمس فيه طريقاً نحو جمهورية جديدة، ناضلنا من أجلها عقوداً طويلة، جمهورية يجب أن تكون فيها حرية الرأي والتنظيم السياسي والنقابي والمدني هي الأساس، والاستقلالية في اتخاذ القرار هي المنهج، ورعاية مصالح فئاته المختلفة هي الطريق".
وحملت نتائج التصويت في نقابة المهندسين دلالات سياسية هامة، خصوصاً بعدما شهدت العودة لممارسات النظام السابق باستخدام "البلطجية"، الذين اقتحموا مقر فرز وتجميع الأصوات وتحطيمه بالكامل، وبعثرة أوراق التصويت، بعد الاعتداء على بعض المهندسين، في غياب تام لأجهزة الأمن التي اختفت فجأة من المشهد.
واتهم مهندسون القاضي المشرف على الاقتراع بـ"تعمد التأخر في إعلان النتائج، من أجل إعطاء الفرصة لقدوم المهاجمين، وإفشال عملية الاقتراع". وقال نقيب المهندسين في بيان مصور نشره على صفحته الرسمية في "فيسبوك": "أطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل لإعلان نتيجة الجمعية العمومية، وفتح تحقيق عاجل مع أحد الأحزاب السياسية، في وقائع الاعتداء التي حدثت ضد المهندسين، وتقديم جميع الجناة إلى الجهات القضائية حتى ينالوا عقابهم".