أعلنت الأمم المتحدة عودة المفاوضات بين المعارضة السورية والنظام حول "سلّة الدستور" في جنيف السويسرية الشهر المقبل، بعد توقف أعمال ما باتت تُعرف باللجنة الدستورية مطلع العام الجاري؛ بسبب رفض النظام إبداء مرونة سياسية حيال تنفيذ بنود قرارات دولية رسمت خارطة طريق لحل سياسي للقضية السورية.
وأعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسن، أمس الثلاثاء، في كلمة له خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، عن عقد جولة سادسة من أعمال اللجنة الدستورية السورية بصيغتها الضيقة (اللجنة المصغرة) في جنيف في 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وكانت الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية المشكلة من النظام والمعارضة والمجتمع المدني السوري، قد عقدت في يناير/ كانون الثاني الماضي، إلا أن نتائج تلك الجولة، وما سبقها من جولات، كانت صفراً.
وأجرى المبعوث الأممي محادثات، أخيراً، في العاصمة السورية دمشق، وفي العاصمة الروسية موسكو، وفي مدينة إسطنبول التركية، من أجل تهيئة الأرضية السياسية لعودة المعارضة والنظام للتفاوض حول "سلّة الدستور"، وهي من بين 4 سلال تفاوض حددتها الأمم المتحدة وهي: الانتقال السياسي، الدستور، الانتخابات، مكافحة الإرهاب، وذلك وفقاً للقرار الأممي 2254 لعام 2015 المتضمن خارطة طريق يمكن أن تفضي إلى حل سياسي للقضية السورية في حال تنفيذ بنودها.
وأوقف النظام السوري مسار هذه اللجنة التي تضم ممثلين عنه وعن المعارضة السورية والمجتمع المدني، متجاوزاً قرارات الشرعية الدولية، ليجري في مايو/أيار الماضي انتخابات رئاسية وفق دستور عام 2012 بهدف تثبيت بشار الأسد في السلطة حتى عام 2028.
اللجنة الدستورية "خديعة"؟
وكانت المعارضة السورية قبلت تحت ضغط إقليمي ودولي البدء في التفاوض حول الدستور، وتأجيل التباحث حول الانتقال السياسي، وهو ما اُعتبر تنازلاً لم يكترث له النظام، فيما دار جدل واسع بين أوساط المعارضة السورية منذ عدة أيام إثر وصف معاذ الخطيب وهو الرئيس الأول لهيئة التفاوض اللجنة الدستورية بـ "الخديعة لكسب الوقت ريثما يطحن الشعب السوري كله أو يتعب"، مشيراً إلى أنّ "اللجنة الدستورية لجنة فرضتها الدول علينا، ولن يقبل روسي ولا أميركي ولا تركي ولا عربي فيه ذرة كرامة أن تتدخل أي دولة في وضع دستور بلاده"، وفق تعبيره.
وتؤكد المعطيات السياسية أنّ الخيارات باتت ضيقة أمام المعارضة السورية مع بروز محاولات حثيثة من أجل إعادة تأهيل النظام سياسياً، في ظل استمرار التراخي الأميركي والموقف الملتبس من قبل واشنطن حيال هذه المحاولات، خاصة من قبل بعض الدول العربية.
ويصرّ النظام على إجراء تعديلات على دستور عام 2012، بينما تطالب المعارضة بكتابة دستور جديد وفق القرار الدولي 2254، والذي نص على تشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، تشمل الجميع، وغير طائفية، وكذا اعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية.
وأشار عضو لجنة المفاوضات التابعة للمعارضة السورية يحيى العريضي، في حديث مع "العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إلى أنه "جرى حراك سياسي مكثّف خلال الأشهر الماضية لتهيئة الظروف لحدوث انفراج في الملف الدستوري"، مضيفاً أنّ الجانب الروسي "خرج خالي الوفاض سياسياً بعد 6 سنوات من تدخل عسكري أسهم في تدمير سورية وتشريد أهلها"، مؤكداً أنّ "موسكو اليوم تبحث عن منجز سياسي في سورية".
وبيّن العريضي أنّ وفد المعارضة السورية "تمترس خلف منهجية واضحة وجدول أعمال في حال الالتزام به يمكننا كتابة دستور خلال شهور"، مضيفاً أنّ "الغاية كتابة دستور جديد للبلاد يقبل به السوريون أو لا يقبلون".
من جانبه، يلفت الباحث السياسي في مركز "عمران" نوار شعبان، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ هناك تغييرات كثيرة حدثت في المنطقة خلال العام الجاري، مستبعداً حدوث تقدم في الجولة القادمة لأنّ "الانفتاح الإقليمي على النظام سيجعله أكثر تشدداً، وهو ما يؤثر سلباً على سير المفاوضات في جنيف حول الدستور".
شعبان استبعد حدوث تقدم في الجولة القادمة لأنّ الانفتاح الإقليمي على النظام سيجعله أكثر تشدداً، وهو ما يؤثر سلباً على سير المفاوضات في جنيف حول الدستور
وكان وفد النظام السوري الذي تواجد في نيويورك، الأسبوع الماضي، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد التقى مع وفود عربية ضمن سعيه لكسر عزلته الإقليمية والدولية المستمرة منذ 10 سنوات.
واجتمع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، والأردني أيمن الصفدي، والفلسطيني رياض المالكي، ووزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عثمان الجرندي.