عقد الرئيس اللبناني ميشال عون والرئيس المُكلَّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي لقاءهما الرابع في قصر بعبدا الجمهوري اليوم الأربعاء، في إطار استكمال المشاورات بشأن الصيغة الوزارية المنتظر أن تبصرَ النور رغم سوداوية المشهد والسجالات الحادة على خطّي الرئاستَيْن التي تقفل أبواب التفاؤل.
وفي وقتٍ غادر ميقاتي قصر بعبدا من دون الإدلاء بأي تصريحٍ، قالت أوساط الرئيس عون لـ"العربي الجديد"، إن "الرئيسَيْن عون وميقاتي توافقا على أنّ يتواصل البحث، وعرضت خلال اللقاء الصيغ المطروحة للتأليف والمُلخَّصة بتأليف حكومة من 24 وزيراً بعد إجراء تعديلَيْن في حقيبتَيْن أو ثلاث، أو حكومة مؤلفة من 30 وزيراً، بينهم 6 وزراء دولة، وفي الأيام المقبلة سيُتابَع البحث بذلك، على أن يحصلَ لقاء جديد بعد أيام قليلة".
وإلى جانب الخلاف الذي بات معروفاً حول وزارتَي الطاقة والاقتصاد اللتين يتمسّك بهما فريق رئيس الجمهورية، برز خلافٌ أخيراً على مستوى وزارة المهجرين (هي من حصة الطائفة الدرزية والنائب طلال أرسلان حليف عون).
وبرز الخلاف الأخير من بوابة ملف اللاجئين السوريين، خصوصاً في ظلِّ الاتهامات المباشرة التي وجَّهها وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين إلى ميقاتي، ليس فقط في السياسة، بل طاولت الشق المالي، مُتهماً إيّاه بأنه من كبار الذين حوّلوا أموالهم إلى خارج لبنان، مع الإشارة إلى أن ميقاتي استبدل في تشكيلته شرف الدين بالنائب سجيع عطية المقرَّب من بري، في ظل مطالب أيضاً بأن تتضمن الحكومة الجديدة وزيراً من عكار شمالي لبنان.
ويُعدّ لقاء اليوم أساسياً نسبةً إلى توقيته مع بدء العدّ العكسي للاستحقاق الرئاسي ودخول البلاد المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك بعد انتهاء ولاية عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بحيث إن كل تأخير يعني أن تشكيل الحكومة لن يتمّ وستبقى البلاد في حالة تصريف أعمال.
هجوم على جبران باسيل
وقبيل اجتماع الرئيسَيْن، شنّ موقع "ليبانون 24" التابع لميقاتي هجوماً على رئيس "التيار الوطني الحر" (صهر عون) النائب جبران باسيل، واصفاً إياه بـ"حرتقجي الجمهورية" الجاهز للمضي في العرقلة والتخريب على التفاهمات، إذا حصلت، لمنع تشكيل الحكومة الجديدة، لكي يتسنى له تنفيذ السيناريو الذي يرسمه لمرحلة ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.
واتهم "إعلام ميقاتي" باسيل بـ"حشر أنفه في ما لا يعنيه دستورياً وقانونياً"، واتهم الموقع الإلكتروني في مقالٍ خاص اليوم الأربعاء "التيار" بأنه "يواصل فتاواه الدستورية في محاولة واضحة للبهورة على الرئيس المُكلَّف وعموم اللبنانيين".
وتقول أوساط ميقاتي لـ"العربي الجديد"، إن "باسيل يريد فرض نفسه وخياراته على الساحة، ويستخدم جميع الأساليب لعرقلة تشكيل الحكومة، فهو يريد إبعاد ميقاتي، وإسقاط تكليفه، ويسعى إلى إيجاد فتاوى حتى تبقى سلطة القرار بيد فريقه السياسي ويده شخصياً، سواء من خلال حكومة على "ذوقه" تدير البلاد في حال الفراغ الرئاسي، أو ببقاء العهد في سيناريو بدأ يتسرّب بقوّة رغم تأكيدات عون أنه سيغادر القصر فور انتهاء ولايته".
في هذا السياق، يقول الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري وسام اللحام، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا نص دستوري يسمح لرئيس الجمهورية بسحب التكليف، أو يتحدث عن هذه الصلاحية، لكن كل الاستحقاقات يتم التعاطي بها في لبنان من بوابة الاجتهادات، مع التذكير بأن عون يوم كُلِّف أخيراً الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة قبل اعتذاره، راسل مجلس النواب لمناقشة تكليف الحريري، ودعا رئيس البرلمان نبيه بري إلى جلسة لم تأتِ بنتيجة، وقال الأخير صراحة إنه لا يمكن فعل أي شيء".
ويرى اللحام أن الحديث عن سحب التكليف قد يكون من المناورات السياسية التي يلجأ إليها الرئيس وفريقه السياسي، ولكن قد يستغلها في المقابل ميقاتي للتحريض طائفياً من بوابة المسّ برئاسة الحكومة وربطاً الطائفة السنية.
من ناحية ثانية، يشير اللحام إلى أنه بدءاً من 31 أغسطس/ آب الجاري، يمكن لرئيس البرلمان نبيه بري أن يدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، و"تبقى الدعوة إلى جلسات متتالية حتى الانتخاب، وفي حال انتهت ولاية عون من دون انتخاب خلفٍ له، تنتقل صلاحياته للحكومة".
ويلفت اللحام إلى أنه "رغم ما يتحدث به محيطون للرئيس عون والنائب باسيل ويسرَّب عنهما أنه لا يمكن لحكومة تصريف أعمال أن تستلم صلاحيات رئيس الجمهورية في حال انتهاء ولاية عون من دون انتخاب رئيس جديد، فهذا الكلام غير دقيق، إذ يجوز ذلك تفادياً للفراغ المطلق، أما الحديث عن بقاء عون في قصر بعبدا لما بعد 31 أكتوبر، فهو يبقى في خانة البدع".
وعُقِد اللقاء الثالث بين عون وميقاتي الأربعاء الماضي، وذلك بعد انقطاع لأكثر من شهرٍ عن اللقاءات في ظل الخلافات الحادة على التشكيلة الوزارية التي يرفضها رئيس الجمهورية منذ أن قدّمها له ميقاتي بعد تكليفه تشكيل الحكومة في 23 يونيو/ حزيران الماضي.
ويعتبر عون وفريقه السياسي أن الرئيس المُكلَّف تقصّد تقديم صيغة مرفوضة سلفاً لما تحتويه من استفزازات وتحدٍّ على صعيد بعض الحقائب الوزارية، على رأسها الطاقة التي يتمسك بها الرئيس اللبناني.