قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن، هانس غروندبرغ، لمراسلة "العربي الجديد" في الأمم المتحدة في نيويورك، إنّ المحادثات التي يجريها مع الأطراف اليمنية، منذ الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، "تشهد تقدماً"، حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد حول تجديد الهدنة وتوسيعها وأمور أخرى.
وجاءت تصريحات المسؤول الأممي بعد خروجه من اجتماع مفتوح لمجلس الأمن في نيويورك، مساء الثلاثاء، قدّم خلاله إحاطته الشهرية أمام المجلس.
وقال غروندبرغ، ردّاً على سؤال حول ماهية الأسباب التي تحول دون إحراز تقدّم والتوصل لاتفاق: "أنا على تواصل مستمر مع جميع الأطراف، خاصة في ما يتعلق بالقضايا أو الأسباب لعدم توصلنا لاتفاق حول الاقتراحات التي قدمتها لهم في نهاية سبتمبر/ أيلول 2022". وأضاف: "هذه المناقشات تحرز تقدماً لأنها مستمرة ونرى أيضاً دعماً من دول المنطقة ومن المجتمع الدولي. لكن حتى الآن، لم نحقق نتيجة ولكن هذا هو الهدف".
وحول توسيع الهدنة، أضاف: "من الضروري تذكير الجميع بأنّ الهدنة وتوسيعها ليسا هدفنا النهائي ولا يمكن أن ننظر إلى ذلك كحلّ طويل الأمد". وحول الحل قال: "الحلّ طويل الأمد هو العودة إلى العملية السياسية حيث تنخرط الأطراف في تسوية طويلة الأمد للصراع وهذا يتطلب نهجاً أوسع وهذا ما نبحث عنه".
وردّاً على سؤال آخر حول تفاصيل تلك الملفات العالقة بين الأطراف اليمنية والتي تحول دون تجديد الهدنة أو التوصل لاتفاق نهائي، قال إنّ "طبيعة المفاوضات التي نجريها مع جميع الأطراف تلزم الثقة والسرية من أجل التوصل لنتائج، ولذلك لن أدخل في تفاصيل. ولكن يمكنني أن أقول وبشكل عام إنّ جزءاً من التحديات يتعلّق بكيفية تأطير القضايا المتعلقة بالمسائل الاقتصادية، مثل دفع الرواتب، وكذلك القضايا الأوسع التي لها تأثير على تسوية الصراع على المدى الطويل".
إلى ذلك، وخلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن، كان غروندبرغ قد دعا جميع الأطراف في اليمن إلى التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس وحثهم على تجديد الهدنة. وقال إنه وبالرغم "من انتهاء الهدنة منذ سبعة أسابيع، ووجود بعض الحوادث المقلقة، لكننا لم نشهد عودة للحرب".
وأكد في الوقت ذاته أنّ "أنصار الله (الحوثيين) شنوا اعتداءات على الأنابيب النفطية والموانئ في حضرموت وشبوة، بغية حرمان الحكومة اليمنية من مصدر العوائد الأساسية من تصدير النفط". ثم شدد على أنّ "الاعتداء على البنية التحتية النفطية وتهديد الشركات النفطية يقوّض رفاه الشعب اليمني ويمكن أن يؤدي إلى تصعيد عسكري واقتصادي، وقد شهدنا في السابق هذا النمط من التصعيد، خلال حرب اليمن".
وانتهت الهدنة الأممية في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد ستة أشهر من استمرارها، بعدما أُعلنت في 2 إبريل/ نيسان لمدة شهرين، وتم تمديدها مرتين. ومنذ شهر، تعثّرت جهود تمديدها من جديد، فيما تستمر المحاولات لتخطي الاشتراطات المسبقة للموافقة على ذلك.
ومن جهتها، أشارت مديرة قسم العمليات في مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية رينا غيلاني، في إحاطتها أمام مجلس الأمن، إلى استمرار معاناة اليمنيين "وارتفاع الإصابات بين الأطفال في الشهرين الماضيين بنسبة 43%"، لافتة إلى أنّ الألغام والمخلفات غير المنفجرة هي السبب الأول للإصابات بين المدنيين.
وأوضحت في هذا السياق أنّ "تراجع القتال أدى لتحرك المدنيين بشكل أكبر، لكن هذا زاد من تعرضهم للألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، مما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 164 مدنياً، بينهم 74 طفلاً، بين يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول".
وتحدثت المسؤولة الأممية عن سلسلة من التهديدات التي يواجهها المدنيون في اليمن كما غير المدنيين، والتي تتعدى التأثير المباشر للعمليات العدائية.
وأضافت: "يتعرض المهاجرون واللاجئون أيضاً لمخاطر كبيرة. هذا العام، سلك أكثر من 50 ألف مهاجر الطريق البحري المحفوف بالمخاطر من القرن الأفريقي إلى اليمن بحثاً عن حياة أفضل. في الشهر الماضي فقط، غرقت طوافة مهاجرين أخرى، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وفقدان 28 آخرين". وحول معاناة اليمنيين عموماً، قالت: "لا يزال الجوع يطارد أكثر من نصف السكان في اليمن... حيث هناك 17 مليون يمني لا يعرف كل منهم من أين سيحصل على وجبته المقبلة".
وأشارت غيلاني كذلك إلى عوائق وعقبات توضع على العاملين في المجال الإنساني ووصول المساعدات الإنسانية وقالت: "لا يزال وصول المساعدات الإنسانية مقيّداً إلى حد كبير بالعوائق البيروقراطية والقيود المفروضة على الحركة ومستويات التدخل غير المقبولة".
كما أشارت إلى عمليات اختطاف موظفين واستيلاء على سيارات تابعة للأمم المتحدة. وقالت إنّ "أكثر من ثلاثين منها وقعت هذا العام في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة". كما أشارت إلى أنه "لا يزال خمسة من موظفي الأمم المتحدة في عداد المفقودين بعد اختطافهم في فبراير/ شباط في أبين. كما لا يزال زميلان آخران من الأمم المتحدة في صنعاء رهن الاحتجاز بعد أكثر من عام".