في ظل تحذيرات من تحول إسرائيل إلى "دولة دينية"، تبدي كبار المرجعيات الدينية الرسمية وقادة الأحزاب الحريدية حماساً لإعادة صياغة الجهاز القضائي الإسرائيلي وتقليص صلاحياته وإخضاعه للتوجهات الأيديولوجية لهذه الأحزاب.
وتظهر المرجعيات والنخب السياسية الدينية بشكل خاص رغبة كبير في تمرير قانون يقلص بشكل كبير من صلاحيات المحكمة العليا.
في هذا السياق، قال الحاخام الشرقي الأكبر إسحاك يوسيف، الذي يقف على رأس المؤسسة الدينية الرسمية، أنه يتوجب منع المحكمة العليا من إملاء توجهاتها على الدولة والمجتمع، وكانت قناة التلفزة الرسمية "كان" قد نقلت، مساء أمس السبت، عن يوسيف قوله في موعظة دينية، إنه "يتوجب سن قانون يمنع بشكل واضح المحكمة العليا من فرض توجهاتها، هذه دولة أرثوذكسية (حريدية) وليست دولة إصلاحية".
ودعا يوسيف إلى استغلال نتائج الانتخابات الأخيرة سيما في ظل وجود 32 نائبا ينتمون إلى الأحزاب الدينية والحريدية، مشيراً إلى أنّ هناك فرصة لتعديل القانون الذي يحدد من هو اليهودي.
أما النائب موشي غفني، وهو أحد قادة حركة "يهدوت هتوراة"، كان أكثر وضوحاً في الربط بين تقليص صلاحيات المحكمة وتشكيل الحكومة الجديدة، إذ نقلت قناة التلفزة "13" عن غفني قوله إنه في حال لم يتم تمرير القانون الذي يقلص من صلاحيات المحكمة العليا ويمنعها من النظر في التشريعات التي يصدرها الكنيست، فلن تتشكل الحكومة الجديدة، مضيفاً، "نحن معنيون بوجود المحكمة العليا، لكننا معنيون أنّ تكون ضعيفة".
وفي السياق، ذكرت قناة "كان" العبرية أنّ زعيم الكاهانية إيتمار بن غفير، يطالب بتضمين الاتفاق الائتلافي بنداً ينص على وجوب سن تشريع جديد يلغي قرار المحكمة العليا السابق الذي يعترف بيهودية الأشخاص الذين تهودوا على أيدي حاخامات إصلاحيين.
وأضافت القناة أنّ بن غفير معني بسن قانون جديد يضمن الاعتراف بمسار التهود الذي يتم حسب الشريعة اليهودية وفق المرجعيات الحريدية فقط.
وفي حال تم قبول طلب بن غفير الذي من المحتمل أن يتولى منصب وزير الأمن الداخلي في حكومة نتنياهو القادمة، فإن هذا التطور سيؤثر سلباً على علاقة إسرائيل بالجاليات اليهودية في الولايات المتحدة، والتي ينتمي معظم أعضائها إلى التيار الإصلاحي.
وأثارت توجهات التيار الحريدي بشأن الجهاز القضائي حفيظة العديد من النخب العلمانية، ففي مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت"، اليوم الأحد، كتب الصحافي نداف إيال، إنّ محاولة إحداث تحولات قاسية على النظام القضائي لإسرائيل عبر المس بصلاحيات المحكمة العليا لا يهدف إلى "إصلاح الجهاز القضائي، بل إلى تدميره".
ووصف إيال حماس الأحزاب التي من المتوقع أنّ تشارك في الحكومة القادمة لسن تشريع يقلص من صلاحيات المحكمة العليا بأنه "ضرب من ضروب الانتقام"، موضحاً أنّ دعوة زعيم الصهيونية الدينية سموتريتش لمنع إجراء مباريات كرة القدم أيام السبت يدل على أنّ العلمانيين "خسروا المعركة".
من ناحيته، كتب الصحافي براك رفيد، المعلق في موقع "واللاه" اليوم الأحد على حسابه على تويتر، أنّ حرص الأحزاب الدينية على تمرير القانون الذي يقلص صلاحيات المحكمة العليا يمثل "خطة عمل لثورة دينية وتدشين جمهورية إسرائيل اليهودية الدينية الأرثوذكسية، التي تحمل شعار "الحاخام أفتى وليس المحكمة العليا حكمت".