تجددت الاشتباكات بين قوات الجيش الحكومي اليمني من جهة، وقوات العمالقة ودفاع شبوة "النخبة الشبوانية سابقاً"، المدعومة من دولة الإمارات، في محافظة شبوة اليمنية من جهة ثانية، اليوم الثلاثاء، وذلك بعد ساعات من الهدوء النسبي في أعقاب مواجهات دامية شهدتها مدينة عتق مركز المحافظة أمس الاثنين.
ويدور القتال بين قوات الجيش الحكومي، عبر وحدات تابعة لمحور عتق، التابع لوزارة الدفاع، ومنها اللواء 21 ميكا، والقوات الخاصة بشبوة، وهي قوات يتهمها خصومها بالولاء لحزب الإصلاح ذي التوجه الإسلامي، وعلى الطرف الآخر قوات "دفاع شبوة"، وهي القوات ذاتها التي كانت تعرف سابقاً بـ "النخبة الشبوانية" التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بانفصال جنوب البلاد، وفشلت في أغسطس/آب 2019، في فرض السيطرة على المحافظة بقوة السلاح، إضافة إلى قوات العمالقة التي تدفقت إلى شبوة أواخر العام الماضي، بحجة طرد الحوثيين من مديرياتها الغربية.
وقالت مصادر محلية وعسكرية لـ"العربي الجديد" إن الاشتباكات تجددت في ساعات الصباح الأولى اليوم الثلاثاء، بدءاً بقصف نفذته قوات العمالقة المتمركزة في مستشفى الهيئة بمدينة عتق على معسكر قوات النجدة، الذي تسعى للتقدم والسيطرة عليه، مشيرة إلى أن الاشتباكات ما زالت مستمرة وبشكل متقطع حتى الآن.
وأكدت المصادر سماع دوي انفجارات قصف متبادل بين قوات الأمن الخاصة المتمركزة في معسكر الشهداء بالمدينة، وقوات دفاع شبوة في مطار عتق الدولي.
وقالت المصادر إن اشتباكات، أمس الاثنين، أوقعت عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، لم يحدد عددهم.
ما أسباب تجدد الاشتباكات؟
وحول أسباب تجدد المواجهات، قال مصدر عسكري لـ"العربي الجديد" إن "تعليمات وصلت من مجلس الرئاسة بانسحاب كل القوات إلى المعسكرات والخروج من المدينة، وإن القوات الحكومية نفذت تلك التعليمات وانسحبت إلى مواقعها، لكن قوات الطرف الآخر لم تنسحب وبدأت عند منتصف الليل تتقدم وتسيطر على مواقع داخل عتق، إضافة إلى أنها استمرت في حصار منزل العميد عبدربه لعكب (قائد قوات الأمن الخاص المقال) بعد إقالته، وقصفت معسكر النجدة، ما سبب عودة المواجهات من جديد".
واستقدمت قوات العمالقة وقوات دفاع شبوة خلال أمس الاثنين وصباح اليوم الثلاثاء، تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة عتق، رغم توجيهات رئاسية بوقف عمليات التحشيد. ووفق مصادر محلية، فإن تعزيزات تحركت من مديرية بيحان غربي شبوة إلى عتق، بعد أن كانت مرابطة بالقرب من مناطق التماس مع الحوثيين.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إن التعزيزات تضم ما يزيد عن ثلاثين مدرعة وآلية عسكرية، فيما قال المصدر العسكري إن تلك التعزيزات تحركت إلى مدينة عتق بتوجيهات من محافظ المحافظة عوض الوزير، والذي كانت قراراته بإقالة قائد القوات الخاصة في المدينة عبدربه لعكب، المعين بقرار جمهوري، مبعث التوتر في المدينة.
وبحسب المصدر العسكري الذي تحدث مع "العربي الجديد" فإن المحافظ "يسعى للدفع بتلك القوات للسيطرة على منزل العميد عبدربه لعكب خصمه اللدود والمقال بقرار مجلس القيادة الرئاسي، وكذا اقتحام معسكر الأمن المركزي الذي يرى فيه خطراً على سلطته كذراع للانتقالي الجنوبي ومن خلفه الإمارات".
وأضاف أن من أهداف حملة المحافظ هذه وهو "الهدف الأكبر إجبار المجلس الرئاسي على إقالة وزير الداخلية إبراهيم حيدان الذي لا يروق لطرف في التحالف الذي يرى فيه موالياً لحزب الإصلاح، خصوصاً بعد موقفه الأخير الذي ألغى فيه قرار المحافظ وقال إنه يتصرف خارج سلطته".
من جهتهم، اتهم نشطاء ووسائل إعلام تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، قوات الجيش باستقدام تعزيزات من مناطق مؤيدة للحكومة كمحافظة مأرب المجاورة، لكن مصدراً عسكرياً بمأرب تحدث لـ "العربي الجديد"، نفى ذلك، وقال إنه "من غير الممكن أن نترك جبهاتنا في مواجهة الحوثيين وننضم للقتال في شبوة".
وقال مصدر مطلع على أعمال المجلس الرئاسي لـ"العربي الجديد" إن المجلس في انعقاد مستمر منذ الأمس وحتى اللحظة، لمناقشة الأوضاع في شبوة، دون الإفصاح عما إذا كانت هذه الاجتماعات قد تمخضت عن حلول أو قرارات يمكن أن تؤدي إلى تخفيف حدة التوتر القائمة في المحافظة.
تباين ردود الفعل على قرارات المجلس الرئاسي
ولقيت القرارات التي أصدرها المجلس أمس ردود فعل متباينة، فيما يرى مراقبون أنها لا يمكن أن تكون كافية لنزع فتيل التوتر، كونها استهدفت أحد طرفي الصراع دون الآخر، الذي لم يستهدفه المجلس، كونه قابع تحت رحمة القوات التابعة له والمسيطرة على قصر معاشيق والعاصمة المؤقتة عدن.
وقال المحلل السياسي أحمد رناح إن "القرارات الجديدة حاولت أن ترضي جميع الأطراف، لكن ما أثار الشارع الشبواني أنها استهدفت طرفاً واحداً، بينما الطرف الآخر من المعركة لم تستهدفه هذه القرارات والتغييرات، وكأن الرئاسة والمجلس الرئاسي ليست له صلاحية للنقاش أو الحديث حول هذا الطرف الآخر (قوات العمالقة، دفاع شبوة)".
وأضاف "إذا كانت الرئاسة لا تملك أو ليست لديها القدرة على اتخاذ قرارات في هذا الطرف فيجب عليها أن تدعم الطرف الحكومي الذي ينفذ قراراتها، واذا كانت هذه القوات قوات العمالقة ودفاع شبوة ليست تابعة للقيادة فتعتبر مليشيا خارجة عن القانون ووجب إما تقنينها بضمها للداخلية ووزارة الدفاع أو التحكم فيها بمعنى التغيير في قياداتها وإرسال البرقيات العسكرية إليها لتنفيذ الأوامر العسكرية".
ويرى رناح أنه "لا يمكن إنهاء التوتر من دون أن يكون الطرفان خاضعين لمجلس القيادة"، وقال "لأن الطرف الانتقالي غير خاضع للمجلس القيادي، ولا يستطيع مجلس القيادة اتخاذ أي قرار بخصوص هذا الطرف لا تغييره ولا بإرسال الأوامر العسكرية بإيقاف المعركة أو خروجهم من المدينة، لن يكون هناك إنهاء للتوتر قبل أن تخضع كل الأطراف لسلطة الدولة".
ولفت إلى أنه "خلال الفترة الماضية جرى الزج بعشرات الألوية من العمالقة ومن دفاع شبوة، حتى بعد توقّف المواجهة مع الحوثي استمرت هذه القوات في التدفق من عدن والضالع وردفان ولحج، وليس هدفها الحوثي إنما السيطرة على محافظة شبوة، وإخضاعها لطرف المجلس الانتقالي".
وأضاف لـ"العربي الجديد" "هذه التشكيلات العسكرية المختلفة دخلت عتق، والقوات العسكرية السابقة موجودة هناك، فكان من الطبيعي أن تحدث بينها اختلافات ومعارك، لأنها لا تخضع لجهة واحدة، ولا يوجد تنسيق بين الوحدات العسكرية ولا حتى القيادة لها، فالتشكيلات العسكرية الموجودة في شبوة تخضع لوزارتي الدفاع والداخلية، بينما التشكيلات الجديدة لا تخضع مطلقاً لوزارة الدفاع والداخلية، وتستطيع القول لا توجد لها قيادة عسكرية عليا ظاهرة إنما قيادات ألوية وكتائب فحسب".