ادعى المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، القاضي فادي صوان، اليوم الخميس، على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ووزير المال السابق علي حسن خليل، ووزيري الأشغال العامة السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء مئات الأشخاص.
وحدد القاضي صوان أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء من الأسبوع المقبل مواعيد لاستجواب هؤلاء كمدعى عليهم، على أن ينتقلَ الاثنين إلى السرايا الحكومية لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، فيما يستجوب الوزراء في مكتبه في قصر العدل.
وتبلغ المحقق العدلي القاضي فادي صوان جواب الرئيس دياب على طلب الاستماع إلى إفادته، مؤكداً أنه "رجل مؤسسات ويحترم القانون ويلتزم الدستور الذي خرقه صوان، وتجاوز مجلس النواب"، وأن "الرئيس دياب قال ما عنده في هذا الملف ونقطة على السطر"، بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال.
وفي معرض تعليقه على الادعاء، قال دياب، في بيان، إنّه "مرتاح الضمير وواثق من نظافة كفه وتعامله المسؤول والشفاف مع ملف انفجار مرفأ بيروت". واستغرب "هذا الاستهداف الذي يتجاوز الشخص إلى الموقع، وهو لن يسمح باستهداف موقع رئاسة الحكومة من أي جهة كانت".
واستمع صوان في شهر سبتمبر/أيلول الماضي في السرايا، إلى حسان دياب، الذي أدلى بإفادته حول مدى علمه بتخزين 2750 طناً من نترات الأمونيوم داخل العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، وحيثيات تلقيه تقارير أمنية تفيد بوجود هذه الشحنات قبل وقوع الانفجار، والأسباب التي حالت دون اتخاذه الإجراءات الاستباقية لتفادي هذه المجزرة التي أودت بحياة أكثر من 190 شخصاً، خصوصاً بالتزامن مع زيارة كان ينوي القيام بها الى المرفأ في يوليو/تموز الماضي وأرجأها وقتها.
وتوقف المحامي رفيق غريزي عند ادعاء القاضي صوان، واستغرب في حديث مع "العربي الجديد"، المواد الجرمية المدعى بها، وهي الإهمال والتقصير والتسبب بالوفاة، والإيذاء، باعتبار أن هذه الجرائم كلها تعتبر من الجنح، أي أن عقوبتها القصوى تصل إلى 3 سنوات سجناً.
ويلاحظ غريزي أنّ "المحقق العدلي انتقى عدداً من الوزراء السابقين، وهناك آخرون مسؤولون عن الانفجار طالما أن المواد المتفجرة موجودة في مرفأ بيروت منذ أكثر من ستّ سنوات، ومنهم أكثر من رئيس حكومة، ووزراء مختصون ومسؤولون إدارياً".
استمع صوان في شهر سبتمبر/أيلول الماضي في السرايا، إلى حسان دياب، الذي أدلى بإفادته حول مدى علمه بتخزين 2750 طناً من نترات الأمونيوم داخل العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، وحيثيات تلقيه تقارير أمنية تفيد بوجود هذه الشحنات قبل وقوع الانفجار، والأسباب التي حالت دون اتخاذه الإجراءات الاستباقية لتفادي هذه المجزرة
وعليه يتابع المحامي: "فإن أخشى ما نخشاه أن يكون انتقاء المدعى عليهم على هذا الشكل لكونه لا قدرة للادعاء على المسؤولين الأكثر وزناً، وبكل الأحوال تبقى المعطيات التي بنى عليها المحقق العدلي الادعاء غير واضحة المعالم، وعلينا الانتظار ليكتمل المشهد لكي يُبنى على الشيء المقتضى، آملين عن حق أن يحاسب المسؤولون الكبار، دون أن تكون هنالك خيمة فوق رأس أحد".
وفي الملف نفسه، استمع المحقق العدلي صوان اليوم لمدير عام أمن الدولة طوني صليبا، وتناول التحقيق أسباب تأخر جهاز أمن الدولة في إجراء التحقيق الأولي في وجود شحنات نترات الأمونيوم في العنبر رقم 12، والتي انفجرت في الرابع من أغسطس/آب الماضي.
وتعبّر الأوساط الشعبية في لبنان والمجموعات الناشطة مدنياً عن فقدانها الثقة بأي تحقيق محلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، نظراً للتدخلات السياسية في عمل السلطات القضائية، ما يفقدها حكمها العادل والمستقلّ، وتطالب منذ يوم الانفجار والشكوك التي طاولت طريقة التعاطي مع الملف، بتحقيق دولي شفاف لمعاقبة كل المسؤولين عن هذه المجزرة، ودمار العاصمة اللبنانية، من دون أن يكون هناك أي غطاء على أحدٍ من الشخصيات السياسية والأمنية والإدارية.
من جهة أخرى، كانت السلطات القضائية في لبنان اليوم، على موعدٍ مع جلسات عدّة في ملفات فساد وهدر وقمع حريات واستخدام القوة المفرطة من قبل عناصر أمنية بحق متظاهرين.
واستدعت المدعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون اليوم حاكم البنك المركزي رياض سلامة للمثول أمامها في ملف الهدر الحاصل في الدولار المدعوم، لكن سلامة لم يحضر لأسباب أمنية، ومثّله وكيله القانوني، كما حضر مدير المالية لمصرف لبنان مازن حمدان.
كذلك، بدأت التحقيقات اليوم مع عددٍ من كبار الضباط بينهم قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي بجرم الإثراء غير المشروع، على أن تستكمل الجلسات في شهر يناير/كانون الثاني المقبل.
كما انعقدت اليوم جلسة التحقيق الأولى لمحاسبة المعتدين على مشاركين في تظاهرة 8 أغسطس/ آب في وسط بيروت، والمدعى عليهم بتهم جنائية، تتضمن محاولة قتل، وإيذاء مقصود مباشر، والايذاء باستخدام السلاح، وغيرها.
وتسبب استخدام الأجهزة الأمنية القوّة المفرطة والفتّاكة في بعض الأحيان ضد متظاهرين سلميين في وسط بيروت، بتاريخ 8 أغسطس/آب الماضي، بمئات الإصابات التي وثقتها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، وذلك يوم نزل إلى الشارع عشرات الآلاف من المعتصمين احتجاجاً على انفجار المرفأ الذي راح ضحيته ما يزيد عن 190 قتيلاً، وأصاب أكثر من 7 آلاف شخص، وخلّف دماراً حوّل العاصمة اللبنانية إلى مدينة منكوبة.