صدر عن محكمة العدل الأوروبية قرار يتيح للمجندين السوريين الفارين من الخدمة العسكرية لدى النظام السوري حق الحصول على اللجوء الكامل في دول الاتحاد الأوروبي، بعد أن كان يتم رفض طلباتهم أو منحهم حق الحماية فقط.
وجاء في نص القرار المؤرخ بتاريخ 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أن من يتقدم بطلب للحصول على اللجوء هربا من الخدمة العسكرية يمكنه الحصول على حق اللجوء الكامل، لكن بعد التأكد من أن رفض الخدمة العسكرية سببه هو إمكانية التعرض للاضطهاد، أو المشاركة في جرائم قتل.
وأوضحت المحكمة الأوروبية أن رفض الالتحاق بالخدمة العسكرية ربما يكشف عن قناعات سياسية أو دينية تجعله الشخص عرضة للاضطهاد في بلده، لكن يتعين على سلطات البلد الذي تم التقدم بطلب لجوء فيها فحص سبب رفض القيام بالخدمة العسكرية، وما إذا كان هذا السبب سيعرض طالب اللجوء لأحد أشكال الاضطهاد الخمسة القائمة على العرق والدين والجنسية أو الآراء السياسية أو العضوية في فئة اجتماعية معينة.
وجاء قرار المحكمة الأوروبية على خلفية قضية طالب لجوء سوري، ترك بلاده بعد تخرجه من الجامعة وهرب منها تفاديا لأداء الخدمة العسكرية، ومنحته الدائرة الاتحادية للهجرة واللجوء في ألمانيا حماية ثانوية أو مؤقتة ورفضت منحه حق اللجوء لأنه غير مطارد في سورية، بحسب اجتهادها، ما دفعه إلى رفع دعوى ضد القرار أمام المحكمة الإدارية في مدينة هانوفر، والتي رفعت القضية إلى محكمة العدل الأوروبية.
وجاء في قرار المحكمة أنه "في حال عدم وجود إمكانية قانونية، في الدولة الأصلية، لرفض أداء الخدمة العسكرية، وفي سياق الحرب الأهلية التي تتميز بارتكاب الجيش بشكل متكرر ومنهجي لجرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية من خلال إشراك المجندين، فيمكن للمجند اختيار عدم المشاركة بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر في ارتكاب مثل هذه الجرائم".
ورأت المحكمة أنه في كثير من الحالات، "يعكس رفض أداء الخدمة العسكرية التعبير عن الآراء السياسية، سواء كانت تتمثل في رفض أي استخدام للقوة العسكرية أو التعارض مع المعتقدات الدينية أو التي تحركها عضوية مجموعة اجتماعية معينة، وبالتالي، هناك افتراض قوي بأن رفض أداء الخدمة العسكرية مرتبط بأحد الأسباب الخمسة التي قد تؤدي إلى الحق في الاعتراف به كلاجئ، لكن ليس من حق الشخص المعني إثبات هذا الارتباط، والأمر متروك للسلطات الوطنية المختصة للتحقق من ذلك في ضوء جميع الظروف المحيطة".
من جهته، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني في تصريح لـ"العربي الجديد" إن صدور هذا القرار أخذ وقتا طويلا لأنه يشتمل على أبحاث وإجراءات دقيقة، وهو ملزم للدول الأوروبية.
واعتبر عبد الغني أن القرار مفيد جدا من ثلاثة جوانب: أولا للسوريين في الدول الأوروبية لمن فروا من جيش النظام وأولئك لن تتم إعادتهم إلى سورية، ويمكن أن يستندوا لهذا القرار في دعاواهم الفردية في حال صدرت مراجعات لسياسة اللجوء في بعض الدول الأوروبية ويمكنهم بموجب القرار الحصول على حق اللجوء.
كما يستفيد منه المطلوبون للخدمة العسكرية داخل سورية، في حال أبرزوا وثائق عند وصولهم إلى إحدى الدول الأوروبية تثبت ذلك.
ومن الفئات المستفيدة من القرار المنشقون عن جيش النظام، حيث يشير قرار المحكمة الأوروبية إلى أن جيش النظام يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ولا يجوز الخدمة فيه.
وختم عبد الغني حديثه بالقول: "نحن في الشبكة السورية لحقوق الإنسان نوصي كل من يقيم في أوروبا بعدم دفع بدل نقدي للخدمة العسكرية في جيش النظام، كما نوصي كل المطلوبين للخدمة العسكرية بعدم الالتحاق بهذا الجيش، لأن الالتحاق به يعني التورط في جرائم حرب، كما نوصي السوريين الملتحقين بهذا الجيش بالانشقاق عنه ومحاولة الوصول إلى أوروبا، لأن هذا الجيش أداة أساسية بيد النظام لارتكاب الجرائم".
وتضم دول الاتحاد الأوروبي مئات الفارين والمنشقين عن قوات النظام السوري وجيشه، كما تؤوي أفرادا من قوات النظام تلطخت أيديهم بدماء السوريين ووصلوا أوروبا بحجة أنهم فارون من جيش النظام، وهؤلاء تتم ملاحقتهم ومتابعتهم من قبل الناشطين السوريين والجهات الحقوقية لمحاسبتهم ومعاقبتهم أو ترحيلهم.