ما بين رغبة كويتية في مواصلة مساعي المصالحة الخليجية، عبّر عنها رئيس الوزراء صباح الخالد الصباح، واستعداد سعودي للتعاون في الملف، تضمّنته رسالة من الملك سلمان بن عبد العزيز لأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح، وتحركات أميركية لضم المصالحة إلى منجزات الرئيس دونالد ترامب قبل الانتخابات لرفع أسهمه، ما زالت هناك أطراف تلعب أدواراً تخريبية لمنع إتمام تلك الخطوة.
وكشفت مصادر خاصة، لـ"العربي الجديد" عن أدوار إماراتية وصفتها بـ"المريبة"، لمنع إتمام المصالحة الخليجية والتئام مجلس التعاون الخليجي، في ظل حرص الكويت على إنجاز تقدم في هذا الملف وفاءً لروح الأمير الراحل صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي لولا جهوده، بحد تعبير المصادر، لانهار مجلس التعاون الخليجي، إذ ظل رمانة الميزان التي أبقت على المجلس من دون تفكك.
تُحرك الإمارات أطرافاً داخل الكويت لإثارة أزمات داخلية وشغلها عن القيام بدور إقليمي
وكشفت المصادر عن كواليس جديدة بشأن الأزمة الخليجية. وقالت إن حوارات الغرف المغلقة شهدت أحاديث واضحة، لا لبس فيها، من المسؤولين الإماراتيين مع الجانب الأميركي، الذي تحرك بقوة خلال الفترة الأخيرة على أمل إنجاز اتفاق تاريخي يحسب لترامب بتعاون ومشاركة جادة من الكويت. وأضافت "الإماراتيون أكدوا استعدادهم لتكثيف جهودهم في ملف التطبيع العربي مع إسرائيل لتسريع وتيرته قبل الانتخابات الأميركية، شرط الابتعاد عن المصالحة الخليجية، قبل التزام قطر بكافة الشروط التي تم تحديدها، وعلى رأسها علاقة الدوحة بتركيا وإيران. وهي الشروط التي ترى فيها قطر مساساً بسيادتها، في وقتٍ تدير فيه أبوظبي علاقات الكثير منها بشكل غير معلن".
وقالت المصادر: من المؤسف أن تُحرك الإمارات أطرافاً داخل الكويت لإثارة أزمات داخلية، سعياً للضغط على الموقف الكويتي، وشغلها عن القيام بدور إقليمي، في هذا التوقيت الحساس مع بداية ولاية الأمير نواف الأحمد الصباح، وذلك بالإضافة إلى حملة إعلامية ممنهجة، من جانب وسائل معروفة تبعيتها لأبوظبي، وتقارير مموّلة في وسائل إعلامية لخدمة الهدف نفسه.
وكشفت المصادر أن هناك رغبة صادقة من جانب العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في إنجاز ملف المصالحة في وقت قريب. وأرجعت تلك الرغبة لكونه بات الزعيم الخليجي المتبقي من جيل الزعماء الكبار، في وقت هناك ضرورة للحفاظ على مجلس التعاون الخليجي وتقويته في ظل إقليم متوتر، وتراجُع دور الجامعة العربية لأضعف مستوياته على مدار تاريخها. وقالت المصادر إن العاهل السعودي يخشى تراجع دور المملكة لصالح قوى إقليمية، بالإضافة إلى الدور التركي أخيراً، الذي يتوسع في الخليج، عبر قطر والكويت وسلطنة عمان.
هناك تقارب مصري إماراتي في هذا الملف أخيراً، بعد فترة من التحرك المصري الأحادي
في المقابل، قال مصدر مصري إن هناك تقارباً مصرياً إماراتياً في هذا الملف أخيراً، بعد فترة من التحرك المصري الأحادي، بعيداً عن الإمارات، وذلك في إطار ترتيبات مصرية خاصة بشأن مواقفها الرسمية من قضايا الإقليم، في إطار التحرر من الهيمنة الخليجية عليها في أعقاب توقف الدعم المالي من عواصم الخليج للقاهرة. وكشف المصدر أن حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة أخيراً، والذي أكد خلاله أنه "لن يصالح ولن يتصالح مع من يريدون هدم البلاد"، كان رداً على تحركات من أجل إتمام مصالحة مع قطر في إطار المصالحة الخليجية، وعلى تصريحات تركية بشأن التقارب مع مصر. ولفت المصدر إلى أن التصريحات جاءت واضحة، وتتضمن أيضاً موقفاً إماراتياً، في وقت من الصعب أن تصدر فيه هذه التصريحات عبر أبوظبي.
وكانت تقارير إعلامية كشفت أخيراً أن الملك سلمان أبلغ أمير الكويت الجديد الشيخ نواف الأحمد أنه مستعد للتعاون في ملف المصالحة الخليجية. وأوضحت المصادر أن إبلاغ الملك سلمان كان مُتضمناً في الرسالة التي نقلها وزير الدولة السعودي الأمير تركي بن محمد لأمير الكويت، وشملت دعوته لزيارة الرياض. وذكر العاهل السعودي، في الرسالة، أنه سيسعى مع الأمير نواف لاستكمال ما بدأه أمير الكويت الراحل، فيما يتعلق بالمصالحة الخليجية وغيرها من الملفات المتعلقة بالعلاقة الاستراتيجية بين البلدين.
وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قد صرح، خلال كلمة في مؤتمر افتراضي بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أخيراً، أنه من الممكن قريباً حل الخلاف الذي دفع المملكة والإمارات والبحرين ومصر إلى قطع العلاقات السياسية والتجارية وحركة النقل مع قطر منتصف 2017. وأضاف أنه من الممكن إيجاد طريق للمضي قدماً لمعالجة المخاوف الأمنية المشروعة، التي دفعتنا إلى اتخاذ القرارات التي اتخذناها. وتابع "أعتقد أن هناك طريقاً لتحقيق ذلك، ونأمل أن نتمكن من العثور عليه في المستقبل القريب نسبياً". ومنذ 5 يونيو/ حزيران 2017، فرض الرباعي العربي، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، حصاراً برياً وجوياً وبحرياً، على قطر، بزعم دعمها للإرهاب وعلاقتها مع إيران، وهو ما نفته الدوحة مراراً واعتبرته محاولة للنيل من سيادتها وقرارها المستقل.