- الاحتجاجات شهدت انتقادات لاحتجاز النشطاء قسريًا واتهامات للرئيس قيس سعيد بالتورط المباشر في التآمر، مع تأكيدات على أن الاتهامات الموجهة للمعتقلين لا أساس لها وتهدف لقمع المعارضة.
- تأخير جلسة دائرة الاتهام يفترض أن يقود للإفراج عن المعتقلين السياسيين، لكن التعقيدات القانونية والسياسية تبقي الأوضاع متوترة، مع تأكيدات على وجوب الإفراج عنهم والتحديات المحتملة لتنفيذ هذا القرار.
أكدت هيئة الدفاع عن القادة السياسيين المعتقلين، ونشطاء سياسيون، وعائلات المسجونين، اليوم الخميس، أن استمرار اعتقال السياسيين يُعد احتجازاً قسرياً، مضيفين أنها جريمة دولة ومظلمة كبرى، وجاء ذلك في وقفة احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية بتونس، تنديداً بمواصلة سجن معارضي الرئيس قيس سعيد.
ورفع المحتجون شعارات منها: "يسقط يسقط الانقلاب" و"الاحتجاز القسري جريمة دولة" و"في السجن مظلومين" و"ليست دولة قانون بل دولة قيس". وجاء الاحتجاج أمام المحكمة تزامناً مع اجتماع دائرة الاتهام للنظر في ملف التآمر بعد ختم البحث، الاثنين الماضي، من قبل قاضي التحقيق، وسط مقاطعة هيئة الدفاع بسبب عدم احترام الإجراءات.
وقال القيادي في الحزب الجمهوري، وسام الصغير، لـ"العربي الجديد"، إن "أطوار المظلمة متواصلة من 14 شهراً، وقد رافقت القضية خروقات عدّة، من بداية الاعتقال إلى غاية اليوم، بالدوس على الإجراءات. ففي كل لحظة هناك خرق للقانون، وفي كل لحظة هناك جريمة دولة ترتكب". ولفت إلى أن "رئيس الجمهورية أشار إلى المعتقلين مباشرة واتهمهم بالتآمر في اجتماع مجلس الأمن القومي قبل يومين من انتهاء فترة الإيقاف القصوى، قبل أن يقول القضاء كلمته وتنظر العدالة في القضية، وهذا خرق آخر لدولة القانون، ومثل هذه الإجراءات لا تمسّ المعتقلين فقط، بل جميع التونسيين أيضاً... مصداقية الدولة أصبحت محط تساؤل".
وأشار المتحدث إلى أن "الناشط السياسي خيام التركي يتمّ اليوم مدة الاحتفاظ 14 شهراً، يليه بقية المعتقلين. وإن لم يطلق سراحه وسراحهم فهم رهائن وفي وضعية احتجاز قسري، وهذا مخالف للقانون، ويؤمل التقيد بالإجراءات".
جريمة دولة في حق المعارضة
وقالت زوجة الناشط السياسي عبد الحميد الجلاصي، منية إبراهيم، في حديثها مع "العربي الجديد"، إنهم "سيتقدمون بشكايات داخل وخارج تونس لتتبع كل من تورط في ملف المعتقلين السياسيين والإبقاء عليهم في السجن بعد انقضاء مدة الاحتفاظ"، موضحة أن "ما يحصل جريمة دولة وفضيحة كبرى، وأن ذنبهم الوحيد أنهم عارضوا السلطة، ووصفوا ما حصل يوم 25 يوليو/تموز 2021 بالانقلاب"، مشيرة إلى أنه "وُجهت إلى زوجها ثلاث تهم: الأولى الاتصال بخيام التركي لكي يلتقيا ولم يلتقيا، والتهمة الثانية أنه سافر إلى تركيا في حين أن ابنته تدرس هناك، والتهمة الثالثة وهي الحقيقية وما دفع إلى اعتقاله بالفعل، أنه دوّن في شبكات التواصل الاجتماعي على صفحته الخاصة وتحدث في عدة إذاعات بأن ما حصل في 25 يوليو انقلاب، ولذلك هو في السجن لأنه يحاسب على رأيه".
وقالت عضو جبهة الخلاص الوطني، شيماء عيسى، "إننا اليوم نخرج رسمياً من دولة القانون، فلا إجراءات تحترم، وكان هناك سباق ضدّ الوقت لحرمان المعارضين المسجونين من الإفراج الوجوبي"، مبينة لـ"العربي الجديد" أن "امتلاك الوظيفة القضائية للزجّ بالمعارضين في السجن غير مقبول ولن يستمر، وستعود السلطة القضائية يوماً إلى نشاطها العادي، وكذلك التفريق بين السلطات، وتعود حقوق الإنسان وكذلك الحق في المواطنة"، مؤكدة أن "قضية التآمر تشبه سفينة نوح التي حملت المعارضة، لأن السلطة لا تعترف بالنشاط السياسي وبممارسة المعارضة لحقها في نقد المنظومة الحالية".
وقال الأمين العام لحركة النهضة، العجمي الوريمي، لـ"العربي الجديد" إن "ما يحصل مظلمة كبرى، لأن الملف فارغ، والسياسيين موقوفون منذ أشهر متتالية من دون أي سبب وجيه"، مؤكداً أن "معاناتهم وعائلاتهم كبيرة فقط لأن لديهم موقف سياسي مختلف". وتابع: "المعارضة حقّ دستوري وإنساني، ولا يوجد بلد من دون معارضة، حتى تلك التي لا توجد فيها تعددية حزبية، توجد فيها آليات لمراجعة القرارات السياسية وتداول على السلطة والمسؤوليات، بما يضمن الوحدة الوطنية".
ويرى الناشط السياسي ووالد السجين جوهر بن مبارك، عز الدين الحزقي، أن "الملف لم يتحرك طيلة 14 شهراً من الإيقاف، ثم قبيل انتهاء مدة الاحتفاظ يختتم البحث بطريقة غريبة"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "ما حصل في ملف المعتقلين جريمة دولة ودوس على القانون، وستتم محاسبة كل من خرق الإجراءات"، وقال إنه "استأنف القرار الصادر، وإن ما يحصل هو التآمر الحقيقي على الدولة، لأن الانقلاب هو من فكك الدولة، وداس على دستور 2014".
هل يتم الإفراج عن المعتقلين؟
وفي تطور لاحق، قالت عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، المحامية إسلام حمزة، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه "صدر منذ قليل قرار من قبل دائرة الاتهام ينص على تأخير الجلسة للنظر في الملف إلى 2 مايو/أيار القادم، ما يعني أنه بدءاً من مساء اليوم يُفترض أن يبدأ الإفراج عن المعتقلين السياسيين"، مضيفة أنه "واقعياً وقانونياً وطالما أن دائرة الاتهام لم تتخذ في 18 إبريل/نيسان أي قرار بإحالة المتهمين على الدائرة الجنائية، وقررت التأخير فلا بد من الإفراج الوجوبي عن المعتقلين، إذ تنتهي اليوم مدة الاحتفاظ التي تبلغ 14 شهراً".
وأضافت أن "الناشط السياسي خيام التركي لا بد أن يغادر اليوم السجن، ويليه غداً بقية المعتقلين، بمن في ذلك رجل الأعمال كمال لطيف"، مبينة أنهم سيتقدمون بطلبات إفراج وسينتظرون ما سيحصل مؤكدة أنه "رغم أن القانون يقول إن المحكمة المتعهدة تفرج من تلقاء نفسها عن المعتقلين السياسيين، إلا أن هذا لم يحصل سابقاً، ولكن التأخير الآن يعني أن الإفراج أصبح وجوبياً"، مشيرة إلى أنهم "لا يعرفون كيف سيكون التعامل السياسي مع هذا القرار وهو ما سيتضح في الساعات القادمة".
ولفتت إلى أنه "من المفارقات أن هذا الملف موزع بين جهات مختلفة، حيث هناك استئناف في القطب القضائي، والملف منشور في نفس الوقت أمام دائرة التعقيب، وهو أيضا تحت أنظار دائرة الاتهام، وهي سابقة في تونس".
ورأت أنه "بقطع النظر عن الخروقات الإجرائية، فإن الأهم الآن هو التعامل مع هذا القرار، أي الخروج الوجوبي للمتهمين من سجن الإيقاف".