المغرب: "العدالة والتنمية" يقدم عرضاً سياسياً استعداداً للانتخابات ويصف انتقاد ممثل إسرائيل للعثماني بالرعونة الدبلوماسية
كشف حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، أمس الجمعة، عن مضامين عرض سياسي للمرحلة ومبادرة حقوقية، وذلك على بعد ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات التشريعية المقررة في الثامن من سبتمبر/ أيلول المقبل.
وفي وقت يعتبر فيه خصوم الحزب أنه يعيش عزلة سياسية، على بعد ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات التشريعية، بعد رفضه لـ"القاسم الانتخابي" ولمشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، حدد نائب الأمين العام لـ"العدالة والتنمية"، سليمان العمراني، مضامين العرض السياسي للمرحلة في "تعزيز المكتسبات المتحققة في مجال الوحدة الترابية للمملكة وتمنيعها"، والإشعاع الدولي للمغرب والتصدي لدعوات الاختراقات ومواصلة دعم القضايا العادلة للأمة، وكذا تعزيز الاختيار الديمقراطي والتصدي لدعوات النكوص عن مسار البناء الديمقراطي والتراجع عن المكتسبات.
ويقوم العرض السياسي للحزب على "مواصلة العمل على تطوير الممارسة الحقوقية وتطوير ضماناتها"، والعمل من أجل التضييق على الفساد وتجفيف منابعه وتطوير الحكامة والنهوض بها"، و"الإسهام في بناء نموذج تنموي أصيل ومنصف ومستدام قوامه النهوض بالموارد البشرية وغايته تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وتعزيز العدالة الاجتماعية، وأفقه الانتقال بالمغرب إلى مصاف الدول الصاعدة"، إلى جانب تسريع ورش الجهوية كرافعة لتحديث هياكل الدولة وتحسين الحكامة الترابية والتفعيل الكامل للنظام القانوني المؤطر لها مع العمل على تطويره وملاءمته.
وقال نائب الأمين العام للحزب الإسلامي، خلال ندوة صحافية عقدتها الأمانة العامة للحزب مساء الجمعة، إن محددات العرض السياسي تقوم على مراعاة موقع الحزب في تدبير الشأن العام، وطنياً وترابياً، سواء من خلال الحكومة أو الجماعات الترابية (البلديات والمجالس الجهوية)، ما يقتضي الانتباه إلى المسؤولية السياسية للحزب بشأن الحصيلة السياسية والإصلاحية العامة للمرحلة.
ولفت إلى أن من المحددات أيضاً، أن يكون الحزب مستوعباً أن المرحلة المقبلة ستعرف تنامياً مطرداً للطلب على الإصلاحات الاجتماعية، وهو ما سيجعل من القضايا والمطالب الاجتماعية رهانها الأساسي، ما يقتضي الاستجابة لهذا التحدي.
وقال العمراني إن العنوان الجامع للعرض السياسي للمرحلة هو "جميعاً من أجل تحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية"، مشيراً إلى أن حزبه يروم من خلال المبادرة السياسية والحقوقية التي أعلنها، "ترميم الثقة التي أصابت بلادنا، من خلال إنتاج عرض سياسي يؤطر المرحلة".
وأكد أن الانتخابات المقبلة بما تمثله من أهمية، سيؤطرها الحزب بمبادرته التي يقوم من خلالها بتشخيص المرحلة والرهانات السياسية القائمة، موضحاً أن الحزب سيتجه للمواطنين بخطاب إيجابي، "متسلحاً بحصيلة تدبير مشرفة جداً، على مستوى البرلماني والحكومي والجماعات الترابية والغرف المهنية".
وسجل العمراني أن الحزب يستحضر المناخ السياسي العالمي والإقليمي الموسوم بالتراجع الديمقراطي، وما نتج منه من تداعيات، ومن استرجاع للمبادرة من قبل مناهضي مسار التطور الديمقراطي للشعوب العربية، معتبراً أن" التجربة المغربية قد حافظت إلى حد كبير على مسارها الديمقراطي، واستطاعت مقاومة عدد من الضغوط ومحاولات الاصطفاف مع الجهات المعادية للتحول الديمقراطي في المنطقة، وهو الأمر الذي يقتضي منا الانتباه إلى أهمية مطلب تحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز البناء الديمقراطي وتمنيع التجربة المغربية".
من جهة أخرى، اعتبر "العدالة والتنمية " أنه مطلوب من المغرب أن يقدم على اقتحام عقبة الجيل الثالث من حقوق الإنسان، وما يقتضيه ذلك من تحسين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية وتعميمها، من قبيل الحق في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والحق في البيئة الصحية، والحق في الاتصال، وحقوق التواصل، والحق في المشاركة في التراث الثقافي، والحق في الاستدامة، والإنصاف بين الأجيال.
ولفت إلى أنه يتعين أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة اعتكاف على تحقيق منجزات تتجاوب مع تطلعات المغاربة إلى مجتمع متضامن يتطور بشكل إرادي، من خلال سياسات اجتماعية تضمن تقاسم ثمار النمو بعد الرفع من وتيرته ونسبه، وتقلص الفوارق المجالية والفئوية لضمان العيش الكريم لجميع المواطنات والمواطنين.
انتقاد ممثل إسرائيل للعثماني رعونة دبلوماسية
في سياق منفصل، اعتبر حزب العدالة والتنمية انتقادات القائم بأعمال مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، ديفيد غوفرين، لرئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني، على خلفية تهنئته لحركة "حماس" بالانتصار في حرب غزة "رعونة دبلوماسية".
وقال العمراني إن القائم بأعمال مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، دون أن يسميه "أدخل أنفه في ما لا يعنيه وفي ما ليس له، وكان جواب المغاربة واحداً انتصاراً لمؤسساتنا وقضايانا"، مضيفاً: "سعدنا بالانتصار الباهر للمقاومة الفلسطينية بالقدر الذي سعدنا بالإجماع المغربي في رفض بعض الرعونات الدبلوماسية التي تجاوزت منطق القواعد الدبلوماسية".
واعتبر العمراني، في أول رد رسمي من الحزب الإسلامي، على نشر رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب، تغريدة هاجم فيها العثماني، على خلفية تهنئته لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، "بالانتصار في حرب غزة"، أن "القضية الفلسطينية قضية وطنية، والمملكة المغربية كانت وستبقى تقدم الدعم الضروري والممكن للفلسطينيين"، لافتاً إلى أن ما قامت به المملكة في المرحلة الأخيرة "عنوان جديد متجدد للدعم المغربي المتواصل الذي لا حدّ له".
وكان الدبلوماسي الإسرائيلي قد أثار موجة من الغضب في المغرب، بعد نشره تغريدة، بداية الأسبوع، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قال فيها: "أثارني تصريح رئيس الحكومة العثماني الذي أيد وهنأ تنظيمي حماس والجهاد الإسلامي الإرهابيين المدعومين من إيران". وأضاف: "إنّ من يدعم حلفاء إيران يقوي نفوذها الإقليمي. أليس تعزيز إيران التي تزرع الدمار في دول عربية، وتؤيد جبهة البوليساريو، مناقضاً لمصلحة المغرب وللدول العربية المعتدلة؟".
وكان رئيس الحكومة المغربية قد بعث الأسبوع الماضي، بصفته أميناً عاماً لحزب "العدالة والتنمية"، رسالة تهنئة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، بعد "الانتصار الذي حققه الشعب الفلسطيني"، مجدداً "الموقف المبدئي في دعم القضية الفلسطينية".
وقال في رسالة التهنئة: "هي مناسبة لأجدد لكم موقفنا المبدئي الراسخ والثابت في دعم القضية الفلسطينية، وسنظل دائماً في طليعة المدافعين عن القضية، وداعمين ومساندين للشعب الفلسطيني في سعيه إلى تحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".