أعلن المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج في المغرب، محمد صالح التامك، اليوم الخميس، أن برنامج "مصالحة"، الذي أطلقته السلطات منذ 5 سنوات من أجل "مصالحة المعتقلين في ملفات الإرهاب مع الذات والنص الديني والمجتمع"، مكّن من الإفراج عن 180 من المعتقلين، بينهم 137 بموجب عفو ملكي.
وقال التامك، في كلمة له بمناسبة حفل اختتام الدورة العاشرة لبرنامج "مصالحة" التي استمرت ثلاثة أشهر، إنه أفرج عن 180 من المعتقلين، بينهم 137 بموجب عفو ملكي، إضافة إلى تخفيض العقوبة لفائدة 18 نزيلاً آخرين لتصل نسبة الاستفادة من العفو الملكي إلى 65 في المائة.
في المقابل، ارتفع عدد المعتقلين على خلفية ملفات "الإرهاب والتطرف"، الذين استفادوا من برنامج "مصالحة"، إلى 239 مستفيداً منذ انطلاق البرنامج في عام 2017، بعدما استفاد 17 سجيناً من برنامج "مصالحة" في دورته العاشرة، التي اختتمت اليوم الخميس بمدينة سلا القريبة من العاصمة الرباط.
من جهة أخرى، أوضح المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج أنه في إطار مقاربة النوع وُسع برنامج "مصالحة" ليشمل النساء المعتقلات بموجب قانون مكافحة الإرهاب، حيث استفادت منه 10 نزيلات من أصل 13 من هذه الفئة، أي بنسبة مشاركة تجاوزت 77 بالمائة.
في حين، أفرج عن جميع المستفيدات من هذه الدورة الخاصة، 8 بعفو ملكي ونزيلتين بنهاية العقوبة خلال فترة تنفيذ البرنامج.
ومنذ التفجيرات التي شهدتها الدار البيضاء في 16 مايو/ أيار 2003، وذهب ضحيتها 45 شخصاً، بينهم 12 انتحارياً، جرى اعتقال أكثر من 8000 من المواطنين، صدرت أحكام مختلفة بحق أكثر من ألف منهم، بينهم 17 حكموا بالإعدام. في حين جرى إطلاق عدد منهم على فترات، لانتهاء المحكومية، أو بالعفو الملكي.
وبعد صدمة أحداث الدار البيضاء الإرهابية، في 16 مايو/أيار 2003، التي جاءت في سياق دولي متسم بارتفاع تحدي الجماعات المتطرفة، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، باشرت الدولة محاولات مختلفة لتحييد خطر "المتشددين" داخل السجون وخارجها، ومن ذلك عفو الملك محمد السادس في السنوات الأخيرة عن عدد من المعتقلين على ذمة قضايا إرهاب.
وتوالت المبادرات لإيجاد حل للمعتقلين على خلفية قانون مكافحة الإرهاب، من قبل جمعيات حقوقية ومؤسسات وشخصيات حقوقية وسياسية. كما دخلت الدولة، بشكل غير رسمي، في حوار داخلي مع بعض رموز السلفيين المعتقلين، الذين تقدّموا بمبادرات "حسن نيّة" تحت مسمى "مراجعات"، أخذت صيغ بيانات ووثائق، ماضية في "المراجعة والمصالحة"، بهدف إطلاق سراح باقي المعتقلين على أساس "التوبة" عن الأفكار الجهادية والاندماج السليم في المجتمع والاعتراف بالثوابت الوطنية.
وكشفت محاولات الدولة، سواء الرسمية أو غير الرسمية، للدخول في مفاوضات مع معتقلي السلفية الجهادية من داخل السجون، عن إدراكها أن السجن ليس حلاً دائماً لمشكلة التطرف في البلاد. تبعاً لذلك، تحول تركيزها نحو تفكيك الخطاب المتطرف لدى "المتشددين القابلين لإعادة التأهيل".
وكانت المحصلة إطلاق المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء والمجلس الوطني لحقوق الإنسان في العام 2017، برنامج "مصالحة"، الذي يعمل على محاربة التطرف بالاعتماد على التربية الدينية، والمواكبة النفسية، وتنظيم ورشات عمل تعنى بالقانون ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وتقديم تأطير سياسي-اقتصادي.
ويشرف على برنامج "مصالحة" مختصون وكوادر دينية، ويستهدف سجناء مدانين في قضايا التطرف والإرهاب من خلال التركيز على ثلاثة محاور: المصالحة مع الذات، ومع النص الديني، ثمّ مع المجتمع، وذلك كله بهدف البحث عن مداخل لمراجعات ذاتية يقوم بها المعتقلون السلفيون، للاندماج في البيئة الاجتماعية بعد الإفراج عنهم.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه المندوبية العامة لإدارة السجون أن برنامج "مصالحة يشكل تجربة فريدة من حيث مضامينه وأهدافه وطريقة تنفيذه"، كان لافتاً كشف تقرير برلماني عن وضعية السجناء، في يوليو/ تموز 2020، عن مطالب لمعتقلي "السلفية الجهادية" بتوسيع مجال الاستفادة من برنامج "مصالحة"، مبدين استغرابهم من بقائهم قيد الاعتقال، "في الوقت الذي أطلق سراح قادة التيار السلفي".